بشغف وحماسة، يواصل الفتى الفلسطيني عبد الرؤوف قواسمة (14 عاماً) تدريبه على ركوب الخيل، وقفز الحواجز، دون أن ينجح في كبح مخاوفه من تنفيذ قرار “إسرائيلي” يقضي بهدم حلمه وحلم عشرات الشبان.
“القواسمة”، واحد من عشرات الشبان والأطفال الذين يرتادون نادي “فلسطين للفروسية” الواقع على أراضي بلدة قلنديا، شمالي القدس المحتلة، والذي أقيم على قمة جبل بين مدينتي رام الله (وسط الضفة الغربية) والقدس، قبل نحو عامين، ويمر بالقرب منه جدار الفصل “الإسرائيلي”، ويتكون من إسطبل للخيول، وساحة تدريب، وكافتيريا خشبية.
وقبل نحو أسبوعين أخطرت السلطات “الإسرائيلية” نادي “فلسطين للفروسية” بإخلاء الموقع بزعم إقامته بدون ترخيص على مناطق مصنفة ضمن المنطقة “ج”، التي ترفض “إسرائيل” في الأساس منح الفلسطينيين تراخيص بناء فيها.
ووفق اتفاقية أوسلو الثانية الموقعة بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” عام 1995م، تم تقسيم الضفة الغربية إلى 3 مناطق “أ” و”ب” و”ج”، وتمثل الأخيرة نسبة 61% من مساحة الضفة، وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية “إسرائيلية”.
أحلام عابرة للحواجز
وعن رياضته يقول “القواسمة” لمراسل وكالة “الأناضول” :”أنا هنا كي أتدرب وأطور نفسي للمشاركة ببطولات دولية، لتمثيل بلدي فلسطين، ولتكون فلسطين موجودة بهذه الرياضة”.
ولفت إلى أن “الاحتلال “الإسرائيلي” يحارب الفلسطيني في كل شيء، حتى في الرياضة”.
وأكد على تمسكه وزملائه بالنادي، رافضا أي قرار “إسرائيلي” من شأنه القضاء على حلمه.
“القواسمة” يقفز بحصانه متجاوزا حواجز خشبية بارتفاع 140 سم، ويأمل أن يقفز 10 حواجز متتالية بذات الارتفاع.
ويقول: إنه مستمر في تعلمه على يد مدربه خالد الإفرنجي.
قرار سياسي
في حديث لـ”الأناضول” يصف مالك النادي ومدرب الفروسية خالد الإفرنجي القرار “الإسرائيلي” بـ”غير المنطقي”.
ويضيف: “قبل نحو عامين شُيد النادي، وبدأ بتدريب الفرسان، وصلنا لمرحلة متقدمة للمشاركة في بطولات محلية وعربية”.
“لا أرى سبباً مقنعاً لقرار الهدم، الموقع بعيد عن المستوطنات، لا يهدد أي شيء، يفصله عن مدينة القدس جدار فاصل، ويقع على قمة جبل”، يقول “الإفرنجي”.
ويمضي المدرب الفلسطيني قائلاً :”نحن لا نفعل شيئا نحن نمارس الرياضة، القرار سياسي”.
ويشير إلى أنه يتابع مع الجهات “الإسرائيلية” والفلسطينية، معربا عن أمله في العدول عن القرار.
ويقول “أين يمكن أن نذهب، هنا صرفنا كل ما نملك. القرار “الإسرائيلي” من شأنه أن يهدم حلمي وحلم عشرات الفرسان”.
ويدرب “الإفرنجي” نحو 50 فارساً، ويملك نحو 20 حصاناً، لكل منها اسم وصفات، وجميعها متخصصة بالفروسية ومدربة على قفز الحواجز.
المدرب الذي يعمل في المهنة منذ سنوات يطمح إلى الوصول لمستويات متقدمة مع فرسانه، وتحقيق بطولات دولية، وامتلاك أحصنة ذات مواصفات عالية.
وقبل تأسيس نادي “فلسطين للفروسية، استطاع “الإفرنجي” قنص العديد من الجوائز العربية، والمشاركة في أولمبياد بكين عام 2008م، خلال إدارته نادي “ترمسعيا للفروسية ” شمالي رام الله.
يقف “الإفرنجي” وسط ساحة رملية يوجه فرسانه بحركات خاصة باتوا يفهمونها، لكنه لا يخفي تلك المخاوف التي تهدد مستقبل ناديه.
والفروسية رياضة وليدة في فلسطين، حسب المدرب خالد الإفرنجي.
مخاوف متصاعدة
بدورها، عبرت الفلسطينية دلال عريقات، عن مخاوفها من تنفذ قرار الهدم.
وقالت لمراسل “الأناضول”، بينما كانت تتابع تدرب أطفالها الثلاثة على ركوب الخيل في النادي، “يجب أن تتضافر الجهود لحماية النادي، لما يمثله من أهمية أولا للأطفال، ولما يمثله من حماية للأرض التي قد تتعرض للمصادرة من قبل الاحتلال”.
ولفتت إلى أن “إسرائيل تنغص على الفلسطينيين حياتهم في كل شيء حتى في ركوبهم للخيل وممارسة رياضتهم”.
ودعت “لدعم النادي من أجل تطويره وتطوير أداء الفرسان، لتمثيل فلسطين”.
و”عريقات” تعشق ركوب الخيل، وتقول “هذه رياضة تهذب النفس، وتنمي القدرات الذهنية والجسدية للأطفال”.
وتشير إلى أن أطفالها شاركوا ببطولات محلية وحصلوا على جوائز، إلا أن الفوز ليس مهما بالنسبة لها بقدر الاستمتاع والمشاركة الدولية لتمثيل فلسطين، ونقل صورة الفلسطيني الرياضي المبدع في كل شيء.
ولفتت إلى أنها تقضي وقتا ممتعا مع عائلتها في النادي.