دعا رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم اليوم إلى ضرورة أن يضطلع الاتحاد البرلماني الدولي بدوره الأخلاقي في تبني موقف جاد وحاسم إزاء كل ملفات الصراع في العالم .
وقال الغانم إن البعض يريد تحويل الاتحاد البرلماني الدولي إلى “هايد بارك سياسي” ومكان لتبادل الخطب والكلمات فقط بينما يريد العالم من الاتحاد تحمل مسؤولياته الأخلاقية الثقيلة .
جاء ذلك في كلمة للغانم أمام جلسة المناقشة العامة للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في دورته المائة والأربعين المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة والتي تأتي تحت عنوان (البرلمانات كمنصات لتعزیز التعلیم من أجل السلام والأمن وسیادة القانون) .
وذكر الغانم في كلمته بما حدث من هجوم إرهابي على مسجدين في نيوزلندا قبل أسابيع مؤكدًا أن ذاك الحادث الإرهابي ” أيقظ الواهمين بقصر التطرف على دين معين، وعرق محدد، وملة بعينها، وما حدث في نيوزلندا، زلزل القناعة بحصرية جغرافيا الإرهاب على إقليم ومنطقة ” .
وتساءل الغانم “هل كنا بحاجة إلى مأساة كمأساة (كرايست تشيرتش) لنصل إلى اتفاق على العنوان العريض الذي طالما حاولنا تثبيته والتأكيد عليه؟ وهو أن الإرهاب والتطرف والتعصب والتعنصر لا دين لهم ” ؟
وأضاف “هل كنا بحاجة لخمسين بريئًا، يسقطون بتلك الطريقة المقززة، حتى نؤمن بعالمية التطرف، وأنه وباء العصر” ؟
وأضاف الغانم في هذا السياق ” لقد أدنا منذ اليوم الأول، كل جاهل متطرف مارس القتل باسم نبينا الأكرم محمد – عليه الصلاة والسلام – لأننا نؤمن أن نبينا محمدًا داعية حب وإخاء، وأن الإسلام دين الرحمة والسلام، لكننا في ذات الوقت نبهنا وحذرنا، من ذلك الذي يصفي الفلسطيني باسم سيدنا موسى، ومن ذلك الذي يستهدف الروهينغا باسم بوذا، وممن يأتي على الأبرياء باسم سيدنا عيسى، كما حدث في كرايست تشيرتش” .
وحيا الغانم وثمن عاليًا الموقف النيوزلندي حكومة وبرلمانًا وشعبًا في التعاطي مع الحادث الإرهابي قائلًا ” وهنا أجد نفسي ملزمًا، بتوجيه تحية إكبار وإعجاب ومؤازرة لحكومة وبرلمان وشعب نيوزلندا الصديق، وعلى رأسهم رئيسة الوزراء جاسيندا آردين، الذين سارعوا وبشكل رائع ولافت للانتباه، بتوجيه رسالة عملية لكل متطرف، بأن لا مكان لك في نيوزلندا، وأن هدفك في إحداث الانقسام المجتمعي لن ينجح ” .
وقارب الغانم الموقف النيوزلندي بما حدث في الكويت قبل أكثر من ثلاث سنوات عندما تم تفجير مسجد (الصادق) وسقوط عشرات الشهداء والجرحى والموقف الاستثنائي للكويتيين أميرًا وبرلمانًا وحكومة وشعبًا في التعاطي مع العمل الإرهابي وتداعياته .
وقال ” وما حدث في نيوزلندا مؤخرًا، حدث في الكويت قبل أكثر من ثلاث سنوات، عندما استهدف الإرهاب مسجدًا لإخواننا الشيعة، مما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء وبدلًا من تحقيق هدف الإرهابيين في إحداث الانقسام المجتمعي والدخول في فتنة طائفية، دوت جملة (هؤلاء أولادي) التي أطلقها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح من موقع الحدث ووسط أشلاء الشهداء والجرحى، في كل أرجاء البلاد، وأقيمت مراسم العزاء الجماعية سنة وشيعة في مسجد الدولة الكبير، في ملحمة مجتمعية استثنائية كانت محل حديث العالم حينه ” .
وأضاف ” ما فعلته نيوزلندا قبل أسبوعين، وفعلته الكويت قبل أكثر من ثلاث سنوات، هو الذي افتقدناه في مناطق أخرى، وصراعات أخرى ” .
وقال “وخير مثال على ما أقول هو كيف تعاطى ويتعاطى العالم، مع أهم موضع يتجلى فيه الإرهاب والعنصرية والتمييز، بشكل يومي ومنذ أكثر من 70 عامًا، ودون أن يكون للمجتمع الدولي موقف حاسم وقاطع إزاءه، وأعني هنا إرهاب الدولة الذي مارسه، وما زال يمارسه الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين” .
وأضاف ” فقط في حالة هذا الكيان الغاصب يتم التغاضي عالميًّا عن الحسم الأخلاقي، فقط في حالة هذا الكيان المحتل يسمح العالم له أن يمارس القهر والإرهاب والتمييز والتنكيل والفرز على الهوية واحتلال الأراضي، فقط في حالة هذا الكيان المتغطرس تصبح القرارات الدولية القاطعة، مجرد كلام غير ملزم وغير ذي فائدة ” .
وأكد الغانم في كلمته رفض الإعلان الأحادي الأمريكي الأخير، بالاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان المحتل، لما تمثله تلك الخطوة من خروج على قرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرارين 242 و497 ولما تسببه من أضرار وتأثير سلبي على عملية السلام، المصابة بالجمود منذ سنوات .
وكان الغانم قد حيا في بداية كلمته قطر لتنظيمها المؤتمر قائلًا ” أتحدث إليكم اليوم من قطر، إحدى لآلئنا الست التي تشكل قلادتنا الخليجية البراقة، أتحدث إليكم من دوحة الخير وهي لمن لا يعرف، شقيقة الرياض وأبوظبي ومسقط والمنامة والكويت، من أب واحد اسمه الخليج العربي ” .
ومضى قائلًا ” الخليج الذي جسدت على سواحله وصحاريه منذ القدم أساطير الانتصار على الطبيعة والتحايل على شظف العيش والتعايش مع قسوة الصحراء والتساكن مع احتمالات البحر (خيره وشره)، ومن هذا الخليج الذي طالما انتصر على السياسة وعوارضها، بمنطق التاريخ وفطرة الجغرافيا وتشابه الموروث وألفة اللغة وضخامة المشترك، في بلاد العرب أرحب بكم أيها الإخوة وأحييكم ” .
وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس الغانم:
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي الأخ أحمد بن عبدالله آل محمود
رئيس مجلس الشورى بدولة قطر
معالي السيدة غابرييلا كويفاس بارون
رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي
معالي السيد مارتن شونغونغ
أمين عام الاتحاد البرلماني الدولي
الإخوة والأخوات أصحاب المعالي رؤساء البرلمانات ورؤساء الوفود البرلمانية
السيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتحدث إليكم اليوم من قطر
إحدى لآلئنا الست التي تشكل قلادتنا الخليجية البراقة
أتحدث إليكم من دوحة الخير
وهي لمن لا يعرف
شقيقة الرياض وأبوظبي ومسقط والمنامة والكويت، من أب واحد اسمه الخليج العربي
الخليج الذي جسدت على سواحله وصحاريه منذ القدم
أساطير الانتصار على الطبيعة
والتحايل على شظف العيش
والتعايش مع قسوة الصحراء
والتساكن مع احتمالات البحر (خيره وشره)
ومن هذا الخليج الذي طالما انتصر على السياسة وعوارضها، بمنطق التاريخ وفطرة الجغرافيا وتشابه الموروث وألفة اللغة وضخامة المشترك، في بلاد العرب أرحب بكم أيها الإخوة وأحييكم
الإخوة والأخوات
وأنا أراجع المذكرة التوضيحية لموضوع مناقشتنا العامة استوقفني السؤال المتعلق بكيفية تمكين أعضاء البرلمانات من تعزيز نموذج تعليمي يكافح التعصب، والتطرف الذي يؤدي إلى العنف، وخطاب التحريض على الكراهية
استوقفني هذا السؤال، لأنني تذكرت على الفور صورة اللاجئ السوري خالد حاج مصطفى، الذي قطع أكثر من 16 ألف كيلومترًا ليهرب من احتمالية الموت على يد متطرف باسم الإسلام في سوريا، ليلاقي حتفه على يد موتور باسم المسيحية في نيوزلندا
إن ما حدث في (كرايست تشيرتش) في نيوزلندا قبل أسبوعين
أيقظ المغيبين والواهمين
الواهمين بقصر التطرف على دين معين، أو عرق محدد، أو ملة بعينها
وما حدث في نيوزلندا، زلزل القناعة بحصرية جغرافيا الإرهاب على إقليم ومنطقة
وأنا هنا أسأل
هل كنا بحاجة إلى مأساة كمأساة (كرايست تشيرتش) لنصل إلى اتفاق على العنوان العريض الذي طالما حاولنا تثبيته والتأكيد عليه؟
وهو أن الإرهاب والتطرف والتعصب والتعنصر لا دين لهم
هل كنا بحاجة لخمسين بريئًا، يسقطون بتلك الطريقة المقززة، حتى نؤمن بعالمية التطرف، وأنه وباء العصر؟
وهل نحتاج إلى مزيد من حمامات الدم المجانية، لنؤمن بأن قضايا الإرهاب والعنصرية والتطرف هي قضايا عابرة للقارات والثقافات؟
لقد أدنا منذ اليوم الأول، كل جاهل متطرف مارس القتل باسم نبينا الأكرم محمد – عليه الصلاة والسلام – لأننا نؤمن أن نبينا محمدًا داعية حب وإخاء، وأن الإسلام دين الرحمة والسلام
لكننا في ذات الوقت نبهنا وحذرنا، من ذلك الذي يصفي الفلسطيني باسم سيدنا موسى، ومن ذلك الذي يستهدف الروهينغا باسم بوذا، وممن يأتي على الأبرياء باسم سيدنا عيسى، كما حدث في كرايست تشيرتش
الإخوة الحضور
إن أولى علاجات التطرف والتعصب تكمن في شمولية التشخيص، ووضوح التعاطي، وعمق التناول
وبدلًا من الذهاب في السعار المنفعل، والتركيز على الإجراءات الأمنية الوقائية، والإفراط فيها لدرجة ظلم فئات وشرائح بعينها
يجب علينا تفعيل التضامن المجتمعي، وضبط الجانب الحقوقي، ومواجهة الإرهاب بمزيد من الشفافية والديمقراطية والحكم الرشيد
وهنا أجد نفسي ملزمًا، بتوجيه تحية إكبار وإعجاب ومؤازرة لحكومة وبرلمان وشعب نيوزلندا الصديق، وعلى رأسهم رئيسة الوزراء
جاسيندا آردين، الذين سارعوا وبشكل رائع ولافت للانتباه، بتوجيه رسالة عملية لكل متطرف، بأن لا مكان لك في نيوزلندا، وأن هدفك في إحداث الانقسام المجتمعي لن ينجح، فكانت النتيجة أن حاصر النيوزلنديون الإرهاب بدلًا من أن يحاصرهم
وما حدث في نيوزلندا مؤخرًا، حدث في الكويت قبل أكثر من ثلاث سنوات، عندما استهدف الإرهاب مسجدًا لإخواننا الشيعة، مما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء
وبدلًا من تحقيق هدف الإرهابيين في إحداث الانقسام المجتمعي والدخول في فتنة طائفية، دوت جملة (هؤلاء أولادي) التي أطلقها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح من موقع الحدث ووسط أشلاء الشهداء والجرحى، في كل أرجاء البلاد، وأقيمت مراسم العزاء الجماعية سنة وشيعة في مسجد الدولة الكبير، في ملحمة مجتمعية استثنائية كانت محل حديث العالم حينها .
ما فعلته نيوزلندا قبل أسبوعين، وفعلته الكويت قبل أكثر من ثلاث سنوات، هو الذي افتقدناه في مناطق أخرى، وصراعات أخرى
وخير مثال على ما أقول
هو كيف تعاطى ويتعاطى العالم، مع أهم موضع يتجلى فيه الإرهاب والعنصرية والتمييز، بشكل يومي ومنذ أكثر من 70 عامًا، ودون أن يكون للمجتمع الدولي موقف حاسم وقاطع إزاءه
وأعني هنا
إرهاب الدولة الذي مارسه، وما زال يمارسه الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين
فقط في حالة هذا الكيان الغاصب
يتم التغاضي عالميًّا عن الحسم الأخلاقي
فقط في حالة هذا الكيان المحتل
يسمح العالم له أن يمارس القهر والإرهاب والتمييز والتنكيل والفرز على الهوية واحتلال الأراضي
فقط في حالة هذا الكيان المتغطرس
تصبح القرارات الدولية القاطعة، مجرد كلام غير ملزم وغير ذي فائدة
وفي هذا السياق، نؤكد رفضنا للإعلان الأحادي الأمريكي الأخير، بالاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان المحتل، لما تمثله تلك الخطوة من خروج على قرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرارين 242 و497 ولما تسببه من أضرار وتأثير سلبي على عملية السلام، المصابة بالجمود منذ سنوات.
الإخوة الحضور
إن على الاتحاد البرلماني الدولي مسؤولية أخلاقية ثقيلة، في تبني موقف جاد وحاسم إزاء كل الإجراءات الأحادية المتعلقة بكل ملفات الصراع في العالم، والتي تمثل نكوصًا وخروجًا على المرجعيات الدولية محل الاتفاق عالميًّا، وتفتح الباب على مصراعيه لسياسات المحاباة والانحياز والتعامي والاستثناء
أقول هذا الكلام لأنني ما زلت أؤمن بكياننا
بالاتحاد البرلماني الدولي ورسالته
بمنظمتنا التي يريد البعض أن يحولها إلى (هايد بارك سياسي) ومكان لتبادل الخطب والكلمات فقط، بينما نسعى نحن إلى جعلها منظمة، تضطلع بكل ثبات وثقة، بدورها الأخلاقي، كجامعة عالمية تضم كل ممثلي شعوب الأرض .
ختامًا
شكرًا لدولة قطر (أميرًا وحكومة وبرلمانًا وشعبًا) على حسن التنظيم وكرم الضيافة وحفاوة الاستقبال
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.