أجمع عدد من الخبراء الليبيين، على وجود عدة مؤشرات على تراجع قوات قائد الشرق الليبي، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في عمليته العسكرية ضد العاصمة طرابلس، منها تحييد سلاح الجو، وقطع طرق الإمداد، وتقهقر قواته، وتحول موقف داعميه.
ولفت الخبراء إلى أن لجوء حفترإلى قصف أحياء طرابلس بصواريخ غراد، والتي خلفت مقتل وجرح العشرات، هو مؤشر آخر على تراجع قواته، رغم اتهام حفتر لحكومة الوفاق بعملية القصف هذه.
وفي وقت سابق، اتهم الناطق باسم حكومة “الوفاق” المعترف بها دوليًا؛، مهند يونس، قوات حفتر بقصف طرابلس، مؤكدا في تصريحات صحفية أن هذا القصف “دليل على هزيمته في جبهات القتال”.
وتشهد العاصمة الليبية منذ 4 أبريل/ نيسان الجاري، مواجهات بين قوات حكومة “الوفاق”، وقوات خليفة حفتر التي أطلقت عملية عسكرية للسيطرة على طرابلس، لكنها باتت عاجزة عن التقدم بعد أيام من انطلاقها، جراء تصدي القوات الحكومية لها.
الخبير الليبي في القضايا الأمنية، مصطفى الساقزلي، قال إن “عملية حفتر في طرابلس فشلت وتم كسرها، واظن هذه فرصة لالتحام غالبية الليبيين في المنطقة الغربية، حول حكومة الوفاق والجيش الليبي”.
وأضاف في تصريح للأناضول “نرى تراجعا لقوات حفتر في كافة المحاور عن طرابلس، من مسافة 20-40 كم، وهو ما دفع حفتر إلى قصف المدينة بصواريخ غراد، وهي تطلق من مسافة 20-40 كم، أصابت عدة مناطق من طرابلس، وأدت لمقتل وجرح العشرات”.
ولفت إلى أن “حكومة الوفاق سبق أن بينت، أن المرحلة الأولى كانت لصد الهجمة على طرابلس وكسرها، وهذا ما تم، والمرحلة الثانية هي ملاحقة قوات حفتر من حيث أتت، وتوسيع قوس الدفاع عن طرابلس، وقطع الامدادات القادمة من الجنوب، والمنطقة الشرقية”.
وشدد على أن “مسؤولي حكومة الوفاق، أفادوا أن المعركة لن تنتهي إلا بدحر حفتر من كل مناطق ليبيا، بما في ذلك المقر الرسمي بجوار بنغازي، ويبدو أن هذه الحرب لن تنتهي إلا بالتخلص من حفتر، والمجموعة التي معه”.
وعن دلالات استخدام حفتر صواريخ أرض أرض في معركة طرابلس، قال الساقزلي، “استخدام الصواريخ هو نتيجة لتقهقر قواته، وهي تعتبر نوع من اليأس، ويحاول بهذه الصواريخ والتفجيرات، إحداث فتنة داخلية، وتقسيم المدينة، وادخالها في فوضى”.
وذهب إلى هذا المسعى ياتي “لخلق رأي عام لايقاف دفاع المدنية، نظرا للتكلفة الباهظة التي تدفعها المدينة، والضغط على المدنيين، بحيث يسمحوا بقبول دخول قواته إلى المدينة”.
كما شدد على أن “هذه صواريخ عمياء مدمرة، ولديه الكثير منها، ويعتمد مواصلته استخدامها على أمرين، هل قوات الوفاق على الارض ستسمح له بالاستمرار، وكل التصريحات تؤكد تقدمهم لأماكن منصات الصواريخ، والأمر الآخر هل يقف المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة والدول الغربية مكتوفي الأيدي، وهم يرون إجرامه؟، خاصة وأنهم عولوا على حفتر كثيرا، حتى اوصلوه لهذه المرحلة”.
وعن عجز قوات حفتر فتح جبهات قتالية، وتبدل الموقف لصالح حكومة الوفاق، قال “المحاور حاليا ثابتة، ونتيجة لذل بدأ فتح محور لمدينة غريان، ومحور لمدينة الجفرة، قرب طرابلس، حيث بدأ القصف لهاتين المنطقتين للمعسكرات التي تتواجد قوات حفتر فيهما”.
وحول خيارات حفتر، قال الساقزلي “من التجرية السابقة في مدينتي بنغازي ودرنة (شرقا)، سيستمر بالتكتيك التي لديه بالقصف بالصواريخ، خاصة أن الطيران الذي لديه لا فاعلية له، إلا إذا تم دعمه من حلفائه من مصر والإمارات وفرنسا، الذين لديهم خبراء وقوات، وبعض الطائرات على الارض”.
ولفت إلى أن داعميه “قد لا يتدخلون بطائراتهم بشكل رسمي، رغم فعلهم ذلك سابقا خصوصا من قبل فرنسا والإمارات، ولكن قد يقدمون له طائرات بدون طيار محملة بالصواريخ، وهذه استخدمها في بنغازي ودرنة، وهي طائرات خطيرة لديها صواريخ موجهة حرارية ومدمرة”.
من ناحيته، رأى الكاتب الليبي المختص بالشؤون الميدانية جهاد الباجقني، أن مؤشرات فشل حفتر في طرابلس يمكن أن تتلخص بعدة نقاط هي، “تراجع مناورة الاليات العسكرية، نتيجة نقص امدادات الوقود، وتحييد طيرانه فوق طرابلس بعد اسقاط طائرة بصاروخ، وتوجهه لقصف الاحياء المدنية والمدنيين بصورة ممنهجة”.
وأضاف للأناضول على ما سبق “استسلام بعض قواته بدون قتال في بعض الجبهات، وتراجع قواته في معظم المحاور القتالية”، فضلا عن “التحول الصريح في موقف المؤيدين والداعمين له، والمحايدين من المدنيين والعسكريين، داخل طرابلس بعد استهداف المدنيين”.
وأوضح ان “محاور القتال الحالية جاهزة للتغيير، خاصة بعد قصف المدنيين، اذ يشهد اليوم توحدا كاملا بين الموقف الرسمي المتمثل بالمجلس الرئاسي، والمدنيين والمقاتلين المدافعين، والقوات العسكرية المدافعة والحراك الشعبي”.
الباجقني، أكد أن الجميع لديهم “رسالة واحدة رافضة للعدوان، ولا وجود لحفتر في اي تفاهم قادم، ولا وقف اطلاق النار دون استسلام او رجوع الى ما قبل بدء عملية طرابلس”.
وحول عمليات قصف طرابلس بالصواريخ، أفاد أن “لجوء حفتر لقصف المدنيين هو هروب للامام، ومؤشر على تصدع العملية العسكرية، والاستراتيجيات الاخرى التي يمكن اللجوء لها هي التفجيرات، وإدخال داعش على خط العمليات العسكرية بشكل او بآخر”.
وختم قائلا أنه كانت هناك خيارات أخرى لحفتر، تتمثل في “تحريك الخلايا النائمة التابعة له في طرابلس للظهور العلني لصالحه، غير أنه بعد قصف أمس، فإنه الآن خيار منته، فلن يجرؤ أحد على الخروج لصالحه”.
أما العقيد الطيار عادل عبد الكافي، فقال من ناحيته متحدثا عن مؤشرات تراجع حفتر بقوله “مؤشرات فشل مليشيات حفتر لاقتحام طرابلس، هي باستخدامهم لصواريخ الغراد، ومدافع الهاوزر، والقصف عن بعد لمسافة 40 كيلو متر، وهو مدى الصاروخ”.
ورأى في حديث للأناضول ان استخدام هذه الأسلحة مرده “تلقي قوات حفتر هزائم، واندحارها امام ضربات الجيش الليبي، والقوة المساندة التابعة لرئاسة الاركان العامة بطرابلس، وتكبيدهم خسائر فى العناصر والآليات، واسر ما يقرب من 590 اسيرا، وقتل اكثر من 380، وجرح 450، حسب الاحصائية الاولية”.
وزاد أن قوات حفتر تعرضت “لقطع خطوط الامداد عنهم، بضربات سلاح الجو، والجيش الليبي والقوة المساندة له، كما وسعت قوات الوفاق محاور القتال، وفرضوا تكتيكات جديدة على العمليات العسكرية، كالقيام بعمليات التفاف وحصار لمليشيات حفتر، مما ادى الى تقهقرهم وتراجعهم عن المواقع التى تمركزوا بها سابقا”.
عبد الكافي، أشار إلى أن تلك العمليات “أدت للجوء حفتر للقصف العشوائى عن بعد بالصواريخ والمدافع، واستهداف الاحياء السكنية للمدنيين، وارتكابهم جرائم حرب من قتل للمدنيين والاطفال، فلم يعد لديه أي استراتيجيات اخرى، خصوصا بعد استهداف السلاح الجوى الليبي جميع تمركزات قواته، فى غريان وترهونة ومحيط بعض المواقع لمليشياته قرب طرابس، واسقاط طائرة حربية له بمضادات الدفاع الجوي”.
وشدد أن ذلك أدى “لخسارته الذراع الطولى، والتى كانت توفر غطاء جويا، او فتح ممرات لمليشياته”.