يكمن الفارق بين الفقد والهدر في أن الفقد هو خسارة الغذاء التي تحدث في أول السلسلة الغذائية، في حين أن الهدر يحدث في نهاية السلسلة الغذائية (التجزئة والاستهلاك النهائي)، الذي يتعلق بسلوك تجار التجزئة والمستهلكين.
ولمزيد من التوضيح: بناء على نصيب الفرد، يتضح أنه يُهدر الكثير من الغذاء في العالم الصناعي أكثر منه في الدول النامية، حيث يبلغ نصيب الفرد في أوروبا وأمريكا الشمالية حوالي 95 – 115 كجم/ سنة، ومن المتوقع أن يصل الفاقد والهدر الغذائي في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا إلى 250 كجم للفرد الواحد بما يمثل أكثر من 60 مليار دولار أمريكي سنوياً، في حين أن هذا الرقم في أفريقيا وجنوب شرق آسيا يبلغ فقط 6 – 11 كجم/ سنة.
وتُعد مسألة الهدر والفقد مشكلة كبيرة للغاية، حيث إنه وفقاً لمجمل الإحصائيات الصادرة عن منظمات عالمية وعلى رأسها منظمة «الفاو»، فإن ثُلث الغذاء الذي تنتجه مصانع العالم ومزارعه ينتهي به الأمر في سلة الحاويات، ولا سيما في الدول الكبرى المتقدمة، فيصل الهدر في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نحو %40 من طعامها؛ أي ما يُعادل 60 مليون طن سنوياً، وعلى مستوى أوروبا يصل الهدر والفقد إلى حوالي 90 مليون طن سنوياً.
وعلى مستوى الوطن العربي، نجد أن المملكة العربية السعودية تصل قيمة الهدر فيها إلى حوالي 13.3 مليار دولار سنوياً، وفي الإمارات العربية المتحدة وصلت إلى 4 مليارات دولار سنوياً، فيما تهدر دولة قطر 1.4 مليون طن سنوياً، وأما في الكويت فقد وصل حجم الهدر الغذائي إلى مليون طن سنوياً، ويزداد الهدر ليتخطى %25 في المناسبات الدينية على مستوى الدول العربية والإسلامية، فنجد على سبيل المثال أن إهدار الطعام يرتفع في المملكة العربية السعودية خلال شهر رمضان من 4000 طن يومياً إلى 5300 طن يومياً، التي تصنفها بعض الدراسات بأنها الدولة الأولى على مستوى العالم في الهدر.
وهناك العديد من الأسباب المُتعلقة بالهدر والفقد، التي يُمكن تصنيفها وفقاً للمُستهلك؛ فمثلاً بالنسبة للمتاجر يعزى وجود هدر إلى «التسوق» و«زيادة الشحن»، أما المتاجر غير التابعة للسوبر ماركت فتهدر نسبة أعلى من الفواكه والخضراوات من الفئة الثانية، التي تكون جميعها صالحة للأكل تماماً، ولكنها لا تفي بمعايير الجودة الصارمة، وبالتالي فهي أكثر عُرضة للتلف والهدر.
أما عن الهدر في المخازن الأصغر التي هي أقل من المتاجر الصغيرة، فإنها تقوم بهدر كميات كبيرة من الطعام بسبب أنها لا تملك، أو تفشل في تخصيص الوقت والخبرة اللازمة لتقليل النفايات؛ لأنهم ببساطة لا يمتلكون الكثير من المعرفة حول طلب الطعام وإدارة المتاجر مثل المتاجر الكبيرة، أما المزارعون فيساهمون في إهدار الطعام بسبب ضعف جودته أحياناً، وبالنسبة للمستهلكين، فإن ثقافة الاستهلاك والشراء الزائد تؤدي إلى مزيد من الهدر.
ومن ثَمَّ، فإن العمل على حل مشكلة هدر الطعام بوجه عام وفي رمضان تحديداً يستلزم استيعاب المنظومة الكاملة المؤثّرة على مسألة الهدر، فيجب التركيز أولاً على الاتجاه التوعوي، من خلال زيادة حملات التوعية في رمضان بطريقة فاعلة ومُبتكرة، خاصة للمُستهلكين.
كما أن هناك حاجة إلى العمل على سن تشريعات قوية في هذا الشأن، تُلزم الأفراد على الاستهلاك الطبيعي خلال رمضان وغيره من شهور السنة.
ثانياً: يمكن العمل على دعم الشراكة المجتمعية، وذلك من خلال إنشاء بنوك الغذاء في المناطق السكنية وكذلك التجارية بحيث تكون بمثابة مراكز «Hub» يتم جمع المواد التي تحتاج لاستهلاك سريع أو فائض المواد الغذائية فيها، بحيث يتم الاستفادة منه، وتوجيهه إلى المحتاجين بطريقة إنسانية.