يهتم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بمشروع إفطار الصائم في شهر رمضان المبارك، أملاً بالأجر الكبير لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء»، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمراد بتفطيره أن «يشبعه».
ويدخل في إفطار الصائم أجور كثيرة، فجاء في الحديث: «يا أيها الناس.. أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام»، وإطعام الطعام ينشأ عنه التودد والتحبب إلى المطعمين، فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا»، وينشأ عنه مجالسة الصالحين، واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعام الإفطار.
وليس الأمر محدداً بالفقراء والمحتاجين فقط، لأنه «في كل كبد رطبة أجر»، ومنها إرسال الطعام للأرحام والجيران والأصدقاء، وهو من التواصل وتبادل الهدايا بينهم، التي نسميها في الكويت «نقصة»، وفي هذا تحقيق للألفة والمحبة بين الناس، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «تهادوا تحابوا».
ولهذه الأهمية، أجاز الشرع أن يكون إفطار الصائم صدقة عن الأموات.
ومن الملاحظات المهمة أن الحديث لم يحدد أجر إفطار الصائم فقط في رمضان، وإنما إفطار الصائم طول العام فيه أجر، وإن كانت الأفضلية في رمضان لأن الصيام فيه واجب، ولأن الأجر مضاعف في رمضان، وبالأخص الإنفاق «كان كالريح المرسلة»، ومشهور عندنا بفضل الله اهتمام الكثير من الناس بصيام يومي الإثنين والخميس، والأيام البيض، وست من شوال، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء.
كما أن الحديث لم يحصر الأجر بالصائم الفقير أو المسكين، إنما إفطار الصائم على إطلاقه.
وأود الإشارة إلى نقاط مهمة في مشاريع إفطار الصائم التي تقدم كصدقات، داخل وخارج الكويت، آمل أن يتسع لها صدر الجميع:
– هذه فترة يستغلها بعض المطاعم لتقديم ما لديهم من مواد مخزنة، وأحياناً “بايتة”، مقابل جهات تبحث عن أرخص الأسعار، وليس الأجود، ومما يأكلونه في بيوتهم.
– قليل من الجهات من يحرصون على التوزيع العادل، فيغلب عليهم التوزيع العشوائي، فتجد نقصاً في مكان، وزيادة في مكان آخر، لدرجة أن الوجبات ترمى في القمامة بكل برود.
– المشروع ليس تبرئة ذمة، اعمل إفطاراً ووزعه بأي طريقة وبأي شكل، ولا أعلم هل تتابع الجهات المنفذة عملها، أم تعتمد على مطاعم وعمالة مرتزقة؟!
– سمعنا عن إفطار صائم، ولكن يندر وجود «إفطار صائمة»، والعمالة النسائية كثيرة.
– جميل ما يقوم به الشباب بالمشاركة بتوزيع الفطور على العمالة في كل مكان، لكن أن يتكدس 30 شاباً وشابة لتوزيع الفطور على 50 شخصاً، فهذا يدل على عدم التنسيق بين الأعداد.
– الأولى ثم الأولى ثم الأولى تقديم الفطور للمحتاج والفقير، وليس توزيعه على السيارات المارة.
وأخيراً.. أعجبتني طريقة قام بها الأخ ناصر البسام، حيث ذهب إلى مجمع سكني فيه عمالة كبيرة من جنسية واحدة، واتفق معهم على تكليف مجموعة منهم (بأجر) على طبخ الفطور.. عيش ولحم أو دجاج، ويقدم لهم الأكل مباشرة طازجاً، وكان يحضر معهم، ونجح في ذلك، وبأقل الأسعار.
أنا أقدر كل الجهود في هذا المجال، وآمل من الهيئات الخيرية التي تقدم إفطار الصائم مراجعة وتقييم عملها، هل هذه الجهود والأموال والأطعمة تذهب لمستحقيها بالشكل الصحيح؟
وتقبل الله طاعتكم، وعساكم من عواده.
___________________________
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “الأنباء” الكويتية.