صليت العيد في مدينة مالمو جنوب السويد مع الوقف الاسكندنافي، وقد أخروا الصلاة حتى الساعة التاسعة صباحا لتستوعب أكثر من 5000 مصل في حديقة كبرى، ولاحظت الأطفال معهم حقائب، فعرفت أنهم سيذهبون إلى المدرسة بعد الصلاة مباشرة، ويذهب أولياء أمورهم إلى أعمالهم. فقلت: ذهبت فرحة العيد.
قلت ذلك لأننا تعودنا أن يكون أيام العيد عطلة، يفرح خلالها الجميع وبالأخص الأبناء، الذين يذهبون إلى الألعاب والمسارح (أكثر من 10 مسرحيات أطفال) والمطاعم، إلا أن عيدهم في دول الغرب يكون مساء فقط بعد عودتهم من الدوام.
يذكر لي د.أيوب الأيوب أنه خلال فترة دراسته الدكتوراه في بريطانيا، كانوا يجهزون البيت مع أم خالد منذ الليل والأطفال نيام، فيعلقون البالونات والزينة، ويجهزون الكعك والعصائر والحلويات، حتى يشعروهم بجو العيد، وبعد أن يعودوا من صلاة العيد يعملوا لهم أجواء الفرح من الأهازيج الشعبية، ويستضيفون عددا من الأصدقاء مع أبنائهم ليصنعوا جو الفرح بالعيد حتى المساء.
لا ينبغي أن نحصر فرحة العيد بالصلاة فقط، وهي الأهم، وهي الأكثر حضورا في العالم، وهي فرحة كل المسلمين، وهي فرحة لا توصف، فهي فرحة الإفطار بعد الصيام، وهي فرحة لقاء الله عز وجل بعد أداء عبادة عظيمة وركن رئيس، رغم طول النهار في بعض الدول، وحرارتها في دول أخرى، إنما يجب أن نحرص على امتداد الفرحة لليوم كله، ففي بعض الدول تمتد الاستقبالات والتهاني إلى قبيل منتصف الليل مع وليمة العشاء.
نعم.. على أولياء الأمور والكبار والمسؤولين صناعة الفرح لدى الآخرين، فعلى سبيل المثال ما تقوم به الإذاعة والتلفزيون من عرض برامج العيد هي وسيلة لبث الفرح بين الناس، وكذا البرامج الاجتماعية والتهاني في الجمعيات والديوانيات وبعض المؤسسات.
والآن تخيل عزيزي القارئ في دول المسلمين.. ماذا لو كان العيد أيام عمل؟ تصلي العيد كما في أوروبا، ثم تذهب إلى العمل؟!
أقول ذلك لنستشعر أولا هذه النعمة التي نحن بها، نعمة الإسلام، والعيش في بلاد الإسلام، والأمن والأمان، والصحة والعافية، والقدرة على صلاة العيد، في حين أن هناك من فقدوا بلدهم وأمنهم.
وثانيا لتقدير الدور الكبير الذي يقدمه من يعمل خلال العيد في بلادنا، مثل الأطباء والممرضين والفنيين في المستشفيات والمراكز الطبية ورجال الداخلية والجيش والحرس والإعلام والإطفاء والمنافذ.. وغيرها من الأماكن الحيوية، فنحن ننام وهم يسهرون، ونحن نفرح وهم يخدمون، فلهم كل الشكر والتقدير.
وثالثا المرضى في المستشفيات يستحقون من يفرحهم بالعيد، مهما كان الحال، بتجميل الأجنحة والغرف، وتوفير الحلويات، وزيارة الأحباب، وبرامج ترويحية للأطفال وكبار السن.
يذكر لي صديق أن الطبيب قرر بتر قدم زوجته بشكل عاجل، وصادف موعد العملية صبيحة يوم العيد، فلنا أن نتخيل نفسياتهم.. الزوج والزوجة ووالديها وأبنائها! وبالفعل.. عايدوا بعض الساعة السادسة صباحا، وذهبت في سبات عميق، ثم عايدوها مرة أخرى الساعة السادسة مساء، لتخفيف مشاعر فقد القدم. فاستشعروا النعم التي نحن بها.
وتذكروا نعمة الأرحام، وألينوا لهم الكلام، وأجلوا الصيام.. صيام ست من شوال إلى ما بعد العيد، فهي أيام فرح ولعب وأكل، واجعلوها أيام الاثنين والخميس لتسهيلها، ووزعوا العيادي، وانشروا الابتسامة، وتقبل الله طاعتكم، وعساكم من عواده.
____________________
ينشر بالتزامن مع صحيفة “الأنباء” الكويتية.