يقوم حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، يوم غد الأربعاء، بزيارة رسمية إلى جمهورية العراق يبحث خلالها سموه العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وأبرز القضايا والمستجدات على الساحة الإقليمية.
وتعد الزيارة التي يقوم بها سمو أمير البلاد إلى العاصمة العراقية هي الثانية لسموه خلال توليه مقاليد الحكم، إذ قام سموه في 29 مارس 2012 بترؤس وفد الكويت إلى اجتماع القمة العربية التي عقدت في بغداد آنذاك، بحسب “وكالة الأنباء الرسمية الكويتية”.
وتأتي هذه الزيارة لصاحب السمو في ظل التوترات والتطورات المتسارعة غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة ولا سيما الأعمال التي استهدفت سلامة الإمدادات النفطية عبر تخريب وضرب السفن النفطية والتجارية المدنية في المياه الإقليمية للإمارات وبحر عُمان.
ودشن سمو أمير البلاد عهداً جديداً أساسه طي الملفات العالقة بين البلدين وترجمة التطمينات إلى أفعال، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق لولا وجود قيادة سياسية تتمتع بالحنكة البالغة والحكمة السديدة.
وعلى الرغم من سنوات القطيعة التي سبَّبها نظام صدام حسين بغزوه الكويت فجر الثاني من أغسطس 1990 وما ترتب عليه من آثار وتبعات، فإن مياه العلاقات الكويتية العراقية عادت إلى مجاريها بقوة دفع متزايدة في الآونة الأخيرة.
ففي 12 يونيو 2013 قام سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء، بزيارة رسمية إلى بغداد تم خلالها التوقيع على ست مذكرات تفاهم تخص عمل المعهدين الدبلوماسيين في البلدين وبرنامجاً تنفيذياً في الشأن الاقتصادي والثقافي والبيئة والتعليم والنقل البحري.
وزار وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الكويت في 28 مايو 2013 حيث وقع مذكرتي تفاهم مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، تتعلق الأولى بترتيبات عملية صيانة التعيين المادي للحدود، والثانية بتمويل مشروع إنشاء مجمع سكني في أم قصر.
وفي 4 يوليو 2013 صادق البرلمان العراقي على اتفاق إنشاء لجنة مشتركة للتعاون بين حكومتي البلدين لتعزيز علاقات الصداقة والتعاون الثنائي ورغبة من الجانبين في حل القضايا العالقة بينهما التزاماً بالمواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة بغية الوصول لتسوية شاملة لكل المتعلقات بينهما بما يساعد على نشوء أرضية صلبة للعلاقات الأخوية.
وشهدت العلاقات الدبلوماسية تطورات مهمة خلال السنوات الأخيرة تمثلت في الزيارات المتبادلة لكبار مسؤولي البلدين الشقيقين والانعقاد الدوري للجنة الوزارية العليا المشتركة الكويتية – العراقية.
وفي 21 ديسمبر 2014 زار رئيس وزراء جمهورية العراق السابق د. حيدر العبادي الكويت بدعوة من سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء، بحث خلالها آفاق التعاون الثنائي وتكثيف الجهود لتطويق الإرهاب ومكافحته.
وفي 11 نوفمبر 2018 قام رئيس جمهورية العراق د. برهم أحمد صالح بزيارة رسمية للبلاد في أولى زياراته الخارجية عقب تسلمه منصبه أجرى خلالها مباحثات رسمية مع سمو أمير البلاد تناولت العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين.
وكان لزيارتي سمو رئيس مجلس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح في 22 سبتمبر 2010، وفي 12 يناير 2011 إلى بغداد أثر إيجابي في إنهاء مرحلة التوتر وفتح صفحة جديدة للعلاقات، لا سيما أن الزيارة التي تمت في عام 2010 تعد الأولى لمسؤول كويتي رفيع المستوى يزور العراق منذ الغزو العراقي عام 1990.
وأدت الكويت دوراً كبيراً في التعجيل باتخاذ مجلس الأمن الدولي القرار الخاص بخروج العراق من أحكام “الفصل السابع” من ميثاق الأمم المتحدة الذي وفر للعراق مكاسب كبيرة، منها استعادة سيادته الكاملة غير المنقوصة واستعادة قوته الاقتصادية في المنطقة وحقق له انتصاراً على مستوى السياسة الخارجية ما وطد أيضاً العلاقة الأخوية بين البلدين.
وعلى الصعيد الاقتصادي، لم تتوقف الزيارات بين البلدين لتوطيد العلاقات اقتصادياً، فكان لرئيس الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق د. سامي الأعرجي زيارة لغرفة تجارة وصناعة الكويت في عام 2012 استعرض خلالها القطاعات الاقتصادية الرئيسة المتاحة في العراق.
وأكد له المسؤولون في غرفة تجارة وصناعة الكويت آنذاك أن رجال الأعمال والمستثمرين الكويتيين سيكونون أول المبادرين للاستثمار في العراق حينما تسمح الظروف بذلك.
وإعلامياً، كانت هناك زيارات متبادلة تمثلت في وفود إعلامية من الجانبين بدأت في عام 2008 واستمرت طوال السنوات التالية واستهدفت تعزيز التعاون الثنائي في هذا المجال.
وعلى صعيد النقل الجوي، كان لصدور المرسوم الأميري في عام 2012 بإنهاء الدعاوى الخاصة على الخطوط الجوية العراقية أثر كبير لأنه فتح الباب أمام استئناف الرحلات الجوية العراقية إلى مختلف دول العالم.
وكانت الخطوة الرائدة في 27 فبراير 2013 عندما هبطت في مطار الكويت على مدرج المطار الأميري طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية استقبلت باحتفال رمزي بكل حفاوة وترحيب؛ ما اعتبر مؤشراً على عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين في هذا المجال.
كما كان للكويت دورها الإنساني في تقديم الدعم للشعب العراقي؛ إذ قدمت في مؤتمر إعمار العراق الذي عقد في مدريد عام 2003 مساعدات بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي، فضلاً على حملات تبرع بالدم للشعب العراقي، كما عالجت في مستشفياتها العديد من العراقيين الذين تعرضوا لإصابات من جراء أعمال العنف التي طالت بلدهم.
وفي عام 2014 رحب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بمساهمة سخية من دولة الكويت بمبلغ 9.5 مليون دولار لوكالات الأمم المتحدة الإنسانية والمنظمة الدولية للهجرة للاستجابة للأزمة الإنسانية المتدهورة في العراق.
وفي عام 2015 أعلنت دولة الكويت تبرعها بمبلغ 200 مليون دولار لإغاثة النازحين في العراق، كما شهد العام ذاته توزيع نحو 40 ألف سلة غذائية من قبل جمعية الهلال الأحمر الكويتي على العائلات النازحة في إقليم كردستان.
كما تعهدت الكويت خلال مشاركتها في مؤتمر المانحين لدعم العراق الذي عقد في واشنطن يوليو 2016 بتقديم مساعدات إنسانية بقيمة 176 مليون دولار.
وعقب إعلان الحكومة العراقية تحرير مدينة الموصل مما يسمى “تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش) في يوليو 2017 استضافت الكويت في فبراير 2018 مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار المناطق المحررة في العراق تماشياً مع مبادئها في دعم الأشقاء وترجمة حقيقية لتسميتها من قبل منظمة الأمم المتحدة “مركزاً للعمل الإنساني”.
واستطاع المؤتمر أن يحصل على تعهدات من الدول والجهات المشاركة بإجمالي إسهامات قدرها 30 مليار دولار كانت مساهمة الكويت ملياري دولار على هيئة قروض وتسهيلات ائتمانية وتبرعات وذلك لمساعدة الشعب العراقي في تجاوز محنته.