حر.. حر.. كلمة نسمعها كل يوم مع نهاية شهر مايو من كل عام، كأن الحر يأتينا لأول مرة، وكأن الناس عايشة في سويسرا وليس في الكويت! رغم توافر التكييف في كل مكان.. في المنزل والعمل والسيارة والمسجد والأسواق.. إلخ، ولا أعلم هل تكرار كلمة حر ستبرد الجسم!
و«انقطعت الكهرباء».. كلمة تتكرر في مثل هذا الوقت من كل عام، وغالباً ما تكون في المناطق القديمة، حيث أصبحت بنيتها التحتية مستهلكة، وبالأخص المحولات الرئيسة، وتسعى الوزارة مشكورة لإعادة الكهرباء بأسرع وقت ممكن، علماً بأنه قد تجاوزت الانقطاعات هذا العام 300 انقطاع في اليوم الواحد، بما فيها المراكز الطبية!
أما كلمة ارتفعت الأحمال.. ووصل المؤشر إلى الأحمر.. فقد تعودنا سماعها أيضاً، كما تعودنا على المؤشر الأحمر في البورصة، بنظام «جاكم الذيب»!
لا أشك أن وزارة الكهرباء والماء تقوم بجهود كبيرة طول العام، وبالأخص فترة الصيف الحارق، وتسعى جاهدة لئلا تنقطع الكهرباء مع ارتفاع الأحمال، إلا أن يداً واحدة لا تصفق، فلا بد من تشريعات جديدة تدعم الوزارة في مختلف المجالات، بعيداً عن ضغوط المتنفذين، الذين يتصارعون على العقود، بعيداً عن مصلحة البلاد، والذين يرفضون وضع تسعيرة خاصة لغير السكن.
إن البنية التحتية للبلاد التي مضى عليها أكثر من نصف قرن، تحتاج إلى تطوير جذري، لمواكبة مستجدات التقنيات الحديثة، فطبيعة طقس الكويت تجعل معدل الاستهلاك في كل الأمور أعلى من غيرها، في تمديدات الكهرباء والماء والهواتف والشوارع والإشارات المرورية والمجاري.
وغير ذلك، فعلى سبيل المثال تحدث انهيارات شبه يومية في بواليع شوارع منطقة العديلية، واحتراق أكثر من محول كهرباء فيها، ولا يعقل أن نوعزها للفساد، لأن بنية المنطقة التحتية مضى عليها أكثر من 60 سنة.
ومن ضرورات التجديد التخلص من الأسلوب القديم بحفر الأرصفة وإتلافها عند كل تمديد لكيبل كهرباء جديد، الذي لا نراه في الدول الغربية، وإنما يكون هناك أنابيب أو ممرات خدمات كبرى تجمع كل التمديدات، ولها مخارج عند كل بيت أو عمارة.
وعودة على موضوع جاكم الذيب.. أقصد تهويل زيادة الأحمال، ووصلنا إلى المؤشر الأحمر، فماذا تريدون من الناس أن يفعلوا؟! معروف أن الاستهلاك الأعلى بسبب التكييف، وهذا لا يمكن الاستغناء عنه، فما المطلوب؟ وكيف إذا افتتحت المناطق الجديدة في المطلاع وغيرها؟!
ماذا تريدون من الخط الأحمر؟! ولم هذا التهويل والتخويف إذا لم تكن لديكم رسالة واضحة للناس؟
وإذا كان فعلاً الأمر جللاً، فلتبادر الحكومة بإصدار تشريعات جادة بهذا الشأن، وتضع إستراتيجيات واضحة، مثل إنهاء دوام رياض الأطفال ومرحلتي الابتدائي والمتوسط أول شهر يونيو، فنخفف استهلاك الكهرباء في المدارس ومنازل المعلمين بعدما يسافرون، ولتبدأ بعض المؤسسات غير الجماهيرية أعمالها مبكراً (س 6 ص)، وتنتهي مبكرا (س 12 ظ).
ولنُعد حملات ترشيد الاستهلاك الإعلامية بأسلوب حضاري ومتجدد، وتوعية الناس بأساليب الترشيد، كاستخدام مصابيح توفير الطاقة، وعدم استخدام مبردات خزان الماء، الذي يضطرنا لاستخدام السخان.. وغيرها.
ولنرفع تعرفة الاستهلاك على الفنادق والأسواق التجارية والقسائم الصناعية التي تحولت إلى مقاهٍ ومطاعم ومحلات تجارية، والمدارس والجامعات الخاصة، والمراكز الرياضية.
وأخيراً.. لتمنح الدولة تذاكر مجانية للمواطنين كما كانت تفعل في الستينيات، فيخف ضغط الاستهلاك، ونوفر لها!
___________________________
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “الأنباء” الكويتية.