في أول تطبيق لقانون تنظيم الصحافة والإعلام الصادر في يونيو 2018، قرر المجلس الأعلى للإعلام (نظير وزارة الإعلام) فرض عقوبات على صحفيين حكوميين؛ بسبب نشرهما “بوستات” على “فيسبوك” تنتقد الفساد في اتحاد الكرة ووزارة التعليم.
فقد قررت لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تغريم الصحفي أحمد درويش، بمبلغ عشرة آلاف جنيه، والصحفي وجيه الصقار بـ15 ألف جنيه، بسبب “بوستات” كتباها على حساباتهما الشخصية على “فيسبوك”.
وجاءت العقوبات تطبيقاً للمادة (19) من قانون الصحافة والإعلام الصادر في 10 يونيو 2018، التي قررت معاملة الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي (للصحفي أو أي مواطن) على أنها وسيلة إعلامية بشرط أن يتجاوز عدد متابعيها خمسة آلاف شخص.
وتنص المادة (19) على أنه “يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني، نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو للعنصرية، أو التعصب أو يتضمن طعناً في أعراض الأفراد أو سباً أو قذفاً لهم أو امتهان للأديان السماوية أو للعقائد الدينية”.
ويقول نص المادة (19) أيضاً: إنه “يلتزم بأحكام هذه المادة كل موقع إلكتروني شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو حساب إلكتروني (فيسبوك) يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر”.
ويشترط القانون لعقاب من يكتب على “فيسبوك” أن يكون حسابه مُتابعاً من أكثر من 5 آلاف شخص، ويتابع الصحفي درويش أكثر من 24 ألف متابع على “فيسبوك”، ولكن زميله الصقار لا يتابعه سوى 598 وله أصدقاء أقل من 5 آلاف (4974)، ومع هذا عوقب أيضاً.
ووضع المجلس الأعلى للإعلام لائحة جزاءات تتضمن غرامات مالية تتراوح بين 50 و250 ألفاً على الصحفي أو المواطن الذي يخالف قواعد النشر الحكومية.
ماذا قال الصحفيان المعاقبان؟
علق أحمد درويش، وهو صحفي بقناة «DMC» و”راديو 9090″، المملوكين للمخابرات العامة، على توصية تغريمه في حسابه على “فيسبوك” مشيراً إلى أن قرار المجلس الأعلى للإعلام بعقابه مخالف للقانون، لأنه صدر “دون خضوعي للتحقيق فيما نُسب إلى شخصي”، وأكد احتفاظه الكامل بـ”الرد القانوني”.
وجرى تغريم درويش بسبب هجومه علي رئيس اتحاد الكرة وكتابته على “فيسبوك” “بوست” يتهم أعضاء المجلس «تلميحًا وتصريحًا»، بتقاضي أموال كنوع من الفساد، ما اعتبره اتحاد الكرة ومجلس الإعلام بمثابة “نشر أخبار كاذبة”.
لم يعلق وجيه الصقار، الصحفي بـ«الأهرام»، على العقوبة ضده بشكل مباشر، ولكنه استمر في نشر مقالات ينتقد فيها ما يصفه بالممارسات الخاطئة في وزارة التعليم، التي يورد فيها اتهامات فساد لعدد من قيادات الوزارة، خاصة نائب الوزير، وكرر نشر ما عوقب بسببه من “بوستات”.
كيف ردت نقابة الصحفيين؟
أكد ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، أنه أقام دعوى الشهر الماضي بالفعل أمام الدائرة الثانية للقضاء الإداري بمجلس الدولة، لإلغاء لائحة الجزاءات والتدابير التي أصدرها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، التي عوقب بموجبها الصحفيان.
وقال خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين السابق: إن هذا القانون الجديد جاء ليؤمم الكلام ليس في الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية فقط، بل وعلى صفحتك الشخصية على “فيسبوك”، والهدف هو الهيمنة الكاملة على الكلام وتأميمه، وفرض قانون الصمت على الجميع.