تنوعت طرق التربية ما بين القديمة التقليدية، والتربية الإيجابية، والحديثة التي تعتمد على اختيار أسلوب من ثلاثة (المتسلط أو الانسحابي أو التفاهمي)، وغيرها من الأنواع والمفاهيم، ووقف الآباء تائهين بينها بحاجة إلى دعم خارجي من متخصص أسري لمساعدتهم في تحديد الخيار الأمثل لهم في التعامل مع أطفالهم.
وبالرغم من ذلك، ما زال الحب هو مفتاح كل شيء، فطفلك ذكي حساس يشعر بحبك له من عدمه، يعرف أن وراء تلك النظرة الحادة والكلمة القاسية التي تتبع أفعاله اليومية العبثية، حب عميق داخلي يفوق حالة الغضب التي تظهر عليك.
هناك خمس لغات للحب، تناولها كتاب “لغات الحب الخمس التي يستخدمها الأطفال”: التلامس الجسدي، وكلمات التوكيد، والوقت النوعي، والهدايا، وأعمال الخدمة.
تقول الاختصاصية النفسية هاجر عامر “من المبادئ المهمة في العلاقات بشكل عام والتربية بشكل خاص مبدأ الفروق الفردية، فلكل منا احتياجه الخاص لاستقبال الحب. صحيح أن التشجيع والحب والتلامس والاهتمام والرعاية كلها احتياجات أساسية لدى الأطفال، لكن تتفاوت احتياجات كل طفل للغة عن الأخرى وفقا لتركيبته الخاصة”.
لغة التلامس الجسدي
هي أسهل وأقوى لغة من اللغات الخمس، وعندما يتم التحدث بها بصورة طبيعية يصبح الطفل أكثر راحة وتصل له مشاعرك.
ولا يقتصر الأمر على الأحضان والقبلات، بل يشمل أنواعا أخرى من التواصل الجسدي، مثل: ركوب الظهر، والمصارعة على الأرض، واللمسات العطوفة بين الحين والآخر، وأداء الألعاب في مرحلة الطفولة، وتمرير يدك في شعر طفلك.
وكلما حافظت على ملء خزان طفلك العاطفي، كان تقديره لذاته أكثر قوة، وفي الوقت نفسه إذا كان التلامس الجسدي سلبيا وقت تعبيرك عن غضبك، فسوف يؤثر عليه ويجرحه لأنها لغته التي يفهمها.
لغة كلمات التوكيد
تعد الكلمات لغة قوية في توصيل الحب، فكلمات التشجيع والمديح يحتاج طفلك سماعها كثيرا إذا كانت هي لغته الخاصة.
والمديح يكون لما يفعله الطفل من إنجازات ونجاحات ومواقف مميزة، لذا يمكن لطفلك التمييز بين كلمات المديح الصادقة التي تقال لأسباب مبررة، والمديح العشوائي المتكرر الذي يتم إعطاؤه عادة لجعله يشعر بالرضا.
ولتشجيع الطفل على التعاون، تعلمي أن تطرحي الأسئلة عليه بدلا من إصدار الأوامر التي عادة ما تجعله ينفر ويبتعد. ويجب ألا ترتبط كلمات التوكيد باقتراحات أو جمل شرطية مما يقلل من قيمتها.
وللنقد أثر سلبي على الطفل صاحب لغة كلمات التوكيد أكثر من غيره، لذا يكون للاعتذار له من قبل الوالدين عن النقد أو الكلمات القاسية دور في تقليص تأثيره السلبي.
لغة الوقت النوعي
هو الاهتمام الكامل والواضح الذي يمنحه الوالدان للطفل، وكأنهما يقولان له “أنت مهم ونحب أن نكون معك”؛ وهو أيضا وسيلة لمعرفة طفلك بشكل أفضل.
ولا يكبر طفلك على المحادثات النوعية أبدا، فمثل هذه المشاركات للأفكار والمشاعر تعد البنية التي تصنع منها الحياة، لذا بات من المهم تخصيص وقت لكل طفل من أطفالك مع الانخراط في أنشطتهم المشتركة بينهم.
لذا احرصي على تخصيص وقت تقضينه مع نفسك قبل أن تبدئي التفاعل مع طفلك، فكلما كنت منتعشة أصبحت أكثر قدرة على العطاء لعائلتك.
ويعد وقت النوم أكثر الأوقات فعالية لبداية حديثك معه، فاجعلي وقت القصة طقسا معتادا مع طفلك. ويجب أن يتضمن الوقت النوعي تواصلا بصريا حنونا، فالنظر في عينيه يعد طريقة قوية لتوصيل حبك له أفضل من كلمات كثيرة أخرى. كما تعد أوقات تناول الوجبات، والرحلات، والمشي مع طفلك، وتنظيف المنزل، والانتقال بالسيارة؛ أوقاتا فعالة للحديث معه.
وأظهرت الدراسات أن معظم الآباء والأمهات يستخدمون التواصل البصري بطرق سلبية بالدرجة الأولى، سواء في التأنيب أو إعطاء تعليمات وأوامر، وحين يعاقب الطفل برفض النظر إليه، فإنه يفسر ذلك كرفض شخصي له مما يضعف تقديره لنفسه.
لغة الهدايا
وبالرغم من أنها رمز من رموز الحب، فإن من الضروري استخدام لغة الهدايا بحذر شديد، ولا بد أن تكون خزانة طفلك العاطفية ممتلئة ليصبح للهدايا أثر عليه.
فالهدية لغة صادقة عن الحب إذا كانت غير مشروطة، فحين تقدمين هدية لطفلك مقابل عمل يعد ذلك رشوة، والإفراط في تقديم الهدايا يجعل طفلك ماديا ويفقد الهدية قيمتها المعنوية عنده.
وأحياناً يتجاهل الطفل الهدية ولا يهتم بها، والسبب هو أن خزانته العاطفية فارغة وبحاجة إلى الشعور بالحب باستخدام لغات الحب الأخرى.
الأطفال الذين تعد الهدايا لغتهم الأساسية، يستجيبون بطريقة مختلفة عندما يحصلون عليها، فهم يهتمون بتفاصيل الهدية (التغليف، وطريقة التقديم ومكانه، والبطاقة المرفقة). وأيضا حين تكون الهدية لغة الحب الخاصة به فإن تدمير الهدية في لحظة غضب أو وضعها في مكان سيئ يعد أمرا صادما لهم.
لغة أعمال الخدمة
حين تكون أعمال الخدمة هي لغة حب طفلك الأساسية، فإن أعمال الخدمة التي تقومين بها ستنقل له مشاعرك بشكل أكبر، وفي مرحلة معينة عندما يكون هناك استعداد لدى طفلك، ينبغي أن تعلميه كيف يخدم نفسه والآخرين من حوله إذا طلبوا مساعدته. فالهدف من تقديم أعمال الخدمة لطفلك هو تقديم الأفضل لمصلحته وليس فقط من أجل إسعاده وراحته.
يظن بعض الآباء أن تقديم الخدمة لأطفالهم سيجعلهم يعتمدون عليهم ولن يصبحوا مستقلين أبدا، فعدم تقديم الخدمة لطفلك -وهي لغته الأساسية- يشعره بخيبات أمل وبعدم حبك له. وإذا قدمت له خدمة بعدم رضا أو بروح من الاشمئزاز، فإنه سيشعر بذلك، ورغم تلبيتك لحاجته الجسدية فإن نموه العاطفي سوف يتأثر إلى حد كبير.
____________________________
(*) المصدر: “الجزيرة.نت” (بتصرف يسير).