بعد مجزرة وادي الحمص في صور باهر بالقدس المحتلة، وتذرع الاحتلال بوجود المباني بالقرب من الجدار العنصري، أصبحت المباني القريبة من الجدار من جنوب الضفة الغربية إلى شمالها مهددة بالهدم مباشرة.
الخبير بشار القريوتي قال في حديث مع “المجتمع”: هدم مائة شقة سكنية في مناطق تعتبر حسب تصنيف أوسلو “أ” يعد تغولاً وسابقة ليس لها مثيل؛ فحجة قرب المنازل من الجدار العنصري الذي أقيم عام 2002م حجة واهية؛ كون الجدار أقيم في مناطق سكنية وأراض يسمح بها بالبناء، ومن حق الفلسطيني البناء في أرضه، وتعمد الاحتلال هدم مائة شقة دفعة واحدة هو تجسيد عنصر الصدمة للفلسطينيين، وإن أي تصنيفات ليس لها قيمة.
وأضاف أن الاحتلال أراد من خطوة وادي الحمص استنساخ التجربة بشكل متسارع في مناطق أخرى؛ فامتداد الجدار في الضفة الغربية يصل إلى 700 كم بشكل متعرج، مع أن طول خط الهدنة عام 1967م هو 350 كم، أي أن الجدار سار بمنحنى بهدف سرقة الأراضي، وبعد عزل الأرض وسرقتها جاء دور هدم المنشآت السكنية وغيرها القريبة من الجدار، حتى تبقى الأراضي القريبة من الجدار فارغة، ويحرم الفلسطيني من الاستفادة منها؛ فالاحتلال يشترط مسافات متفاوتة للبناء بالقرب من الجدار تبدأ من 200 متر إلى 700 متر، وهذه المساحة تكون على امتداد إقامة الجدار، وهي شروط عنصرية، فلا خطر على الجدار من أي أبنية تقام، إلا أن الحجة الأمنية الواهية هي الكابوس المسلط على رقاب الفلسطينيين.
سياسية ممنهجة
ويرى الناشط محمد زيد في اشتراط الاحتلال بعدم البناء بالقرب من مسار الجدار سياسة ممنهجة، فالمستوطنات يتم إقامتها على أراض فلسطينية وفي المناطق الحساسة، ويأتي الجدار ليكمل المشوار في عزل أراضي الفلسطينيين، وتبقى فارغة لحين مصادرتها في المستقبل.
وأضاف لـ”المجتمع”: فتوى لاهاي اعتبرت الجدار اعتداء على الأرض وغير شرعي، واليوم الاحتلال في مناطق كثيرة غير وادي الحمص يقوم بانتهاك الأرض الفلسطينية؛ ففي مدينة قلقيلية اعترض المستوطنون على توسعة الخارطة الهيكلية للمدينة التي أصبحت سجناً لا يطاق لقلة الأراضي المسموح بها بالبناء وإحاطة الجدار بها من جميع الجهات، وهدد المستوطنون حكومة الاحتلال بالقيام بإجراءات على الأرض، فتوقفت الموافقة على توسعة المخطط الهيكلي مع أن الجدار يفصل بين أراضي التوسعة الجديدة والمستوطنات.
وتابع قائلاً: الاحتلال يهدم مائة شقة في وادي الحمص، بينما يقيم مدينة استيطانية جديدة منها مدينة جنوب قلقيلية بين مستوطنات شعاريات تكفا والقناة واورانيت، وهي جميعها أراض معزولة خلف الجدار، فالمستوطنون يحق لهم البناء على مسافة الصفر بالنسبة لموقع الجدار، أما الفلسطيني المعزولة أرضه خلف الجدار فيحرم منها، والأرض الواقعة خلف الجدار تفرض عليه مسافة فاصلة تزيد على نصف كيلومتر.
وشدد قائلاً: وسائل نهب الأرض الفلسطينية متعددة الأشكال والصور، فتارة تصادر لأهداف عسكرية، وتارة لتوسيع المستوطنات القائمة، وتارة أخرى من خلال مصادرة الأرض بين البؤرة الاستيطانية والمستوطنة الأم، وفي مجزرة وادي الحمص أصبح الجدار الحجة القائمة لضرب الوجود الفلسطيني من الشمال إلى الجنوب، وتم شرعنة هذا التغول من قبل المحاكم الإسرائيلية.