قامت سلطات المغرب، أمس الثلاثاء 27 أغسطس، بهدم ما سمي أعمدة تذكارية للهولوكوست، ونصباً رمزياً للماسونية، وذلك بعد الإدانة الواسعة للمغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، والرفض القاطع لهذا المشروع التطبيعي الموصوف بالخطير.
وحسب صفحته الرسمية على “فيسبوك” وموقعه الإلكتروني، فقد عمد ألماني يصف نفسه بالماسوني يسمى أوليفر بينكوفسكي، رئيس منظمة ألمانية غير حكومية تدعى “بيكسل هيلبر”، على بناء النصب على أرض بجماعة أيت فاسكا الريفية على بعد 26 كلم من مدينة مراكش المغربية، ولونهم بألوان قوس قزح، في إشارة إلى تضامنه مع ما سماه تعرض الشواذ الجنسيين للإبادة خلال الحرب العالمية.
كما فتح حسابات بنكية متعددة، منها واحد في المغرب يدعو أصحابه إلى التبرع من أجل بناء ما وصفه أكبر نصب للذكرى في شمال أفريقيا.
وبعد الهدم، قالت المنظمة الألمانية، في بيان لها على موقعها: إنها كانت تبلغ السفارة الألمانية والسلطات المغربية بمشروعها، منذ بداية الأشغال فيه، لكن السلطات لم تبد أي تعاون أو تجاوب معها، وبالرغم من ذلك واصلت بناء النصب لمدة عام، وخصص له 10 مستخدمين، وكلفها مادياً 100 ألف يورو.
وذكرت مصادر محلية لـ”المجتمع” أن صاحب المشروع كان يوزع حوالي 400 خبزة يومياً عليها رموز الماسونية.
وأشارت إلى أن السلطة المحلية، بعدما تبين لها أن المشروع بدون ترخيص مسبق، هدمت، أمس الأول الإثنين، أعمدة وقبوراً ترمز للهولوكوست، قبل أن تسوي تذكاراً كبيراً يرمز للماسونية، أمس الثلاثاء.
وتحدثت مصادر إعلامية أنه ينتظر أن تتم متابعة الألماني قضائياً، بسبب ارتكاب مجموعة من الخروقات القانونية، منها الإقامة بشكل غير قانوني، وسرقة الكهرباء، والارتباط بشبكة الإنترنت مجهولة المصدر، وجمع تبرعات مالية بدون ترخيص.
وكان المشروع في طي الكتمان على المستوى الإعلامي، لكن بعد خروج الألماني بتصريحات لصحيفة عبرية يشرح فيها مشروعه، تم تسليط الضوء عليه، وتعالت أصوات الاستهجان والاستنكار من قبل حقوقيين وناشطين ضد التطبيع، داعية إلى توضيح موقف الدولة المغربية من المشروع.
ونددت جمعية حقوقية ومنظمات ضد التطبيع وأكاديميون بهذه الخطوة المستفزة لمشاعر المغاربة.
وأكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن الحركة الحقوقية ومناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني فضحوا أهداف المجسم ومراميه السياسية، بالرغم من أن الجهات المشرفة على عملية البناء، روجت أنها بصدد بناء منتزه للاستجمام والترويح ومنتجع سياحي.
وحسب المعطيات التي استقتها الجمعية فرع المنارة، فإن المؤسسة الألمانية صاحبة المشروع، تملكت الأرض وشيدت مقراً لها بالمنطقة، وباشرت عملية بناء المجسمات، وقد اعتمدت على اليد العاملة المحلية، كما عمدت المنظمة الألمانية استغلال فقر ساكني الجوار وأمدتهم ببعض المساعدات الغذائية، وهيأت ما يشبه ملعباً صغيراً لكرة القدم، ومد الأطفال بالكرات، إضافة إلى بناء صنبور للماء.
وكان المشروع يستقبل بين الفينة والأخرى زواراً أجانب، كانوا يمارسون طقوساً غريبة عن المنطقة، وكان السكان يتابعونهم من خلف السياج المحيط بالنصب.
واعتبرت الجمعية المجسم لا يعني الشعب المغربي؛ لأنه ليس طرفاً في الهولوكوست، وأن هذا المجسم يقوي التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو ما يتنافى مع مواقف الشعب المغربي الداعمة للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية.
بدوره، أدان الحزب الاشتراكي الموحد (معارضة) بناء هذا النصب، واعتبره تدنيساً لأرض المغرب، وأعلى درجات التطبيع مع الكيان الصهيوني ومؤسساته الموازية، ومعادياً للشعب المغربي الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية.
ووصف عزيز هناوي، الكاتب العام للمرصد الوطني لمناهضة التطبيع ما حصل بالفضيحة الكبرى بالمغرب، وتُساءل كل مؤسسات الدولة والسلطات العمومية المحلية والوطنية، التي لم تتحرك إلا بعدما أصبح البناء مكتملاً وتمت الدعاية له في وسائل إعلام عبرية، ثم تفاعلت ضده هيئات مناهضة للتطبيع والصهيونية.
وأكد هناوي أن ما وقع جريمة كبيرة بحق المغاربة دولة وشعباً، باعتباره اختراقاً متعدد الأوجه يجمع بين الصهيونية والماسونية والدعاية للشذوذ الجنسي.
وأبرز هناوي أن المرصد المغربي لمناهضة التطبيع يسجل مجدداً ما دونه في كثير من المحطات بأن المغرب أصبح مستهدفاً بالتسلل الصهيوني المباشر في مستويات جد خطيرة تستدعي من الدولة تحمل مسؤولياتها كاملة في حماية الأمن الوطني خاصة مع محاولات الصهاينة التسلل لبنية النسيج الاجتماعي المغربي عبر عدد من الأدوات.
وقال هناوي: إن الواقعة تؤكد بالملموس ضرورة تفعيل مقترح قانون تجريم التطبيع الذي وقعته فرق برلمانية كبيرة بالبرلمان المغربي، وما زال حبيس الرفوف.
ويبدو أن ملف هذه الواقعة الخطيرة لن يتوقف فقط عند هدم نصب الهولوكوست، يقول هناوي، وذلك بالنظر إلى أن مناهضي التطبيع والصهيونية هم بصدد إعداد جملة من التحركات على ضوء المعطيات التي تظهر تباعاً.