أثار تفجيران استهدفا حاجزين للشرطة الفلسطينية في مدينة غزة، مساء الثلاثاء، وأسفرا عن سقوط قتلى وجرحى، المخاوف من عودة نشاط الجماعات المتطرفة في قطاع غزة، في ظل وجود احتمالات بوجود “اختراق استخباراتي إسرائيلي” لهذه الجماعات، التي تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار بالقطاع.
وأعلنت وزارة الداخلية في قطاع غزة، فجر اليوم الأربعاء، عن استشهاد 3 عناصر من الشرطة، وإصابة ثلاثة آخرين، جراء تفجيرين منفصلين استهدفا حاجزين للشرطة غرب مدينة غزة، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرين.
الهدف زعزعة أمن غزة
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، تيسير محيسن: إن ما حصل، مساء أمس، مؤشر خطير على أن هناك مساعيَ حثيثة من أطراف عديدة على رأسها الاحتلال الإسرائيلي لإحداث حالة من الاختلال الأمني في البنية الداخلية لقطاع غزة التي تشكل داعماً رئيساً للمقاومة.
ويضيف محيسن لمراسل وكالة “الأناضول”: إن إشغال الحالة الغزية بذاتها، أحد أهم أهداف الاحتلال، وذلك عبر أدواته المختلفة ومنها الجماعات المتطرفة التي تتواجد في غزة، من خلال الاختراق الاستخباراتي لها.
ويرى أن “إسرائيل” وكل الأطراف المعنية باستهداف أمن غزة، تدرك أن الأمن هو أهم ما يملكه الفلسطينيون في القطاع، بعد فقدانهم معظم متطلبات حياتهم الأساسية بفعل الحروب الإسرائيلية وسنوات الحصار الطويلة.
ويحذّر محيسن من أن مثل هذه التفجيرات التي تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار قد تكون بداية لعمل عسكري قادم قد يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويقول: تراخي قبضة الأجهزة الأمنية في قطاع غزة على أفراد التيارات المتطرفة، هو الذي سمح لهم بأن يطلوا وينفذوا مثل هذه التفجيرات.
ولا يستبعد الكاتب السياسي الفلسطيني أن تكون أجهزة الأمن “الإسرائيلية” هي من تقوم بتشغيل بعض الأشخاص أصحاب الفكر المنحرف بعد إيهامهم بأنهم يعملون لصالح فكر معين أو تيارات معينة (اختراق استخباراتي).
ويعتقد أن التفجيرات تستدعي إعادة النظر في برامج عمل الأجهزة الأمنية حتى لا يتكرر مثل هذا الحدث.
ويعتقد محيسن أن هذا الحدث سيخلق نوعاً من الارتباك داخل صفوف وبنية المجتمع الغزي، خاصة أن التفجيرين وقعا في عمق مدينة غزة.
لن يكون الأخير
من جانبه، يقول المحلل السياسي مصطفى الصواف: إن التفجيرين ليسا أول الاعتداءات، ولن يكونا آخرها.
لكنه يشير في حديث لوكالة “الأناضول” إلى أن توقيت حدوثهما “صعب”، نظراً لحالة التوتر الشديد بين قطاع غزة و”إسرائيل”.
ويضيف الصواف: ما حدث جريمة كبيرة الهدف منها ضرب حالة الاستقرار في القطاع.
ولا يستبعد الصواف أن يكون هناك تواصل بشكل أو بآخر من قبل أجهزة المخابرات “الإسرائيلية” مع أصحاب الفكر المتطرف لينفذوا مثل هذه التفجيرات.
ويقول: يوجد في قطاع غزة عدد من أصحاب الفكر المتطرف وهم ملاحقون أمنياً، لكن عندما تتاح لهم الفرصة فإنهم يقدمون على مثل هذه الأعمال.
ويرى الصواف أنه رغم خطورة التفجيرات فإنها لن تضعف الحالة الأمنية في غزة، خاصة عندما تعود الأجهزة الأمنية إلى ملاحقة هؤلاء العناصر المتطرفة والضرب بيد من حديد على يد من ينفذوا مثل هذه الجرائم.
واقع غزة ينشط الفكر المتطرف
في السياق نفسه، يقول الكاتب السياسي د. حسام الدجني: إن الفكر المتطرف يقتات على الواقع الاقتصادي الصعب وحالة اليأس والإحباط التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في غزة.
ويضيف الدجني لمراسل وكالة “الأناضول”: هذا الواقع يجعل من الخلايا المتطرفة موجودة وقائمة وإن قلت أعدادها.
ويعتقد الدجني أن ما حصل في غزة، مساء الثلاثاء، مشابه للتفجيرات الإرهابية التي ضربت عدداً كبيراً من عواصم العالم، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي التحرك لدعم الشعب والمنظومة الأمنية بالقطاع.
ويرى أن التفجيرين يشكلان خطورة كبيرة على البنية المجتمعية والأمن العام بالقطاع ودول الإقليم والوفود التي تزور غزة.
وحول احتمالية تكرار هذه التفجيرات، يقول الدجني: إن التحقيقات الداخلية بهذا الملف وما يتبعها من إجراءات هي من تحدد مستقبل تكرار هذا الحدث من عدمه، مستبعداً أن يتم تكرار مثل هذه الأعمال بسهولة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقع تفجيرات مشابهة في قطاع غزة، ففي أغسطس من العام 2017 قُتل شخصان في تفجير انتحاري، نفذه شخص يتبع لتنظيم “تكفيري متطرف”، استهدف مجموعة من حراس أمن الحدود، التابعين لحركة “حماس”، شرق معبر رفح، قرب حدود القطاع مع مصر.
كما استهدف تفجير آخر، العام الماضي، موكب رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، رامي الحمد الله، عقب وصوله للقطاع، في منطقة بيت حانون (شمال).