يعاني مسلمو الأويجور في تركستان الشرقية من الاضطهاد والاعتقالات ومنع السفر، خاصة لأداء فريضة الحج، فقد انخفض عدد الحجاج الأويجور هذا العام بسبب انتهاكات السلطات الصينية ضدهم؛ حيث أدى 170 شخصاً فقط منهم فريضة الحج مقارنة بالعام الماضي (190 حاجاً) من أصل 30 مليون مسلم من الأويجور.
عاش الأويجور المسلمون نحو 70 عاماً تحت الاحتلال الصيني يعانون اضطهاداً مستمراً، وكانت الصين دولة شيوعية منغلقة على نفسها منذ عام 1949م، لا يمكن لأحد الخروج منها أو السفر إليها، ومات عشرات الآلاف بسبب الاضطهاد والجوع زمن «الثورة الثقافية» (1966 – 1976م).
وبعد موت الزعيم الصيني «ماو تسي تونغ» عام 1976م، أخذ «دينج شياو بينج» يمسك بزمام الأمور، وبدأ بانفتاح تدريجي نحو العالم الخارجي.
وفي بداية ثمانينيات القرن الماضي، حدث انفراج نسبي للمسلمين الأويجور، وسمح للذين لهم أقارب في الخارج بطلب الحصول على جواز سفر.
وفي عام 1984م، انطلقت أول قافلة جماعية للحج براً، بدءاً من «كاشغر» وصولاً إلى «إسلام آباد» عبر جبال «بامير»، وكان عددهم نحو ألف حاج، حيث استقبلتهم حكومة الرئيس الباكستاني الراحل الجنرال «ضياء الحق» كأول قافلة حج من تركستان الشرقية (يمكن القول من الصين).
وكانت إجراءات تأشيرة الحج بطريقة استثنائية من سفارة المملكة العربية السعودية في إسلام آباد.
لكن تخلف نحو 500 حاج في باكستان عن حج عام 1984م بسبب تأخر وصولهم إلى باكستان، وأقاموا فيها (باكستان) ينتظرون حج العام الذي يليه، لكن السلطات الصينية اعترضت على بقائهم في باكستان، وأرسلت وفداً من المسؤولين لإعادتهم، وتم ترحيل المئات منهم بعد وعود بالسماح لهم في موسم حج عام 1985م، وهرب المئات في مدن باكستانية، واختبؤوا خوفاً من عدم تمكنهم من الحج، ووفّت الصين بوعدها وسمحت لمن رجعوا بالسفر في موسم الحج ذاك العام.
وأصدرت السلطات الصينية في تركستان الشرقية قراراً بمنع مغادرة الصين لمن يحمل تأشيرة حج وعمرة، لكنها لم تمنع من لديه جواز سفر من الأويجور من السفر خارج الصين.
ولجأ عدد من الأويجور الذين يحملون جواز سفر (وهم قلة جداً) إلى مغادرة الصين سنوياً قبل شهر رمضان بقصد أداء فريضة الحج؛ حيث كانوا يحاولون الحصول على تأشيرة عمرة أو حج من دول مجاورة مثل باكستان وتركيا وكازاخستان والإمارات العربية المتحدة وماليزيا، وكانت السفارات السعودية في تلك الدول تسهل لهم إجراءات تأشيرات الحج والعمرة، وكان هناك من يحصل على تأشيرات حج وعمرة من سفارة المملكة العربية السعودية في بكين، لكنهم يواجهون المنع من المغادرة؛ فيلجؤون لدول بعيدة مثل فيتنام وتايلاند والفلبين ليتمكنوا من الوصول إلى الأراضي المقدسة.
بين عامي 2005 و2006م، تم التعميم على سفارات المملكة العربية السعودية في تلك الدول سالفة الذكر بمنح تأشيرة الحج لمن يحمل جواز سفر صينياً في موسم رمضان لتسهيل وصولهم وأداء فريضة الحج.
بعثة الحج الصينية
في موسم حج عام 2006م، طلبت الصين من المملكة العربية السعودية رسمياً عدم منح رعاياها تأشيرات حج وعمرة، فتم إيقاف إصدار تأشيرات للجواز الصيني من خارج الصين، لكن تجمع نحو 5 آلاف شخص في إسلام آباد في موسم رمضان، واحتشدوا أمام سفارة المملكة العربية، فاضطرت السفارة إلى إصدار تأشيرة حج في رمضان رغم معارضة الصين، وكانت تلك آخر فرصة للمسلمين الأويجور والهوي للوصول إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج.
بدأت الصين بتنظيم بعثة الحج منذ عام 2007م بعد أن حظرت الحج والعمرة خارج البعثة الصينية، لكن عدد الحجاج الأويجور لم يتجاوز 1500 حاج سنوياً، رغم التضييق والحد من حريتهم حتى في الأراضي المقدسة.
وكان يسافر سنوياً ما بين 1000 و2000 شخص إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج بطرق شتى وبتأشيرات عمل أو زيارات تجارية.
ومنذ عام 2017م، نفذت الصين إجراءات قاسية في تركستان الشرقية، وبدأت بسحب جوازات سفر الأويجور، واستدعاء المتواجدين في دول مختلفة، وطلبت من مصر تسليم جميع الطلبة الدارسين في جامعة الأزهر، ومن عاد إلى بلاده منهم تم اعتقاله من المطارات، وأنشأت معسكرات اعتقال، واحتجزت ما بين 3 و5 ملايين مسلم، وأعلنت الحرب على الإسلام، كما شددت الرقابة عليهم بتركيب أجهزة تتبُّع على رقابهم، والذين وصلوا منهم إلى الأراضي المقدسة تم منعهم من التواصل مع الناس، حتى الأهل والأقارب.
ورغم انتقادات دولية لانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإبادة الثقافية وإرهاب الدولة التي تمارسها الصين بحق الأويجور، وتصريحات مسؤولين بإطلاق سراح معظم المعتقلين في هذه المعسكرات، فإنه لا توجد بوادر الانفراج على أرض الواقع بشهادات الأويجور في المهجر ووسائل الإعلام العالمية، مع صمت العالم من شرقه وغربه.
___________________
(*) المصدر: موقع “تركستان تايمز”.