“طبيب الفقراء”.. هكذا عرف د. رضوان السعد، أحد اشهر الأطباء الأردنيين في محافظة إربد، رحل بعد 40 عاماً في علاج الفقراء والمساكين عن عمر ناهز 73 عاماً بعد عملية جراحية في قلبه.
كان الطبيب الإنسان قبل أن يكون طبيب الوظيفة، أسر قلوب الناس بحسن تعامله ودماثة أخلاقه وتفانيه في خدمة المرضى، لأكثر من 40 عامًا، خدم السعد مرضى مخيم إربد وجواره بكشفية رمزية لا تتجاوز ربع دينار أردني، إلى أن وصلت فيما بعد إلى دينارين بعدما شكاوى من أطباء آخرين عليه، وأحياناً قدم العلاج لمرضاه من دون مقابل.
كان قريباً من مرضاه وخاصة الفقراء، يأتون إلى عيادته المتواضعة الصغيرة في مخيم إربد وينتظرونه بالساعات دون كلل أو ملل ليحصلوا على وصفة طبية.
أنشأ الطبيب الراحل عيادته في منتصف السبعينيات، وهي من أوائل المرافق الطبية في المخيم، الذي تأسس عام 1951، ويقطنه حالياً أكثر من 25 ألف شخص.
تتكون عيادة السعد من غرفتين متواضعتين، حيث عمل وحده معظم حياته المهنية، كل يوم تقريباً من 08:00 صباحاً إلى 06:00 مساءً.
دوام د. رضوان الأصلي كان حتى الساعة 02:00 بعد الظهر، لكنه كان يتأخر يومياً حتى الساعة 06:00؛ لعلاج كل مرضاه.
ولد السعد في طبرية شمالي فلسطين عام 1946، وأسس عيادته عام 1976؛ لخدمة مخيم إربد وجواره، بعد عودته من العاصمة الهنغارية بودابست، حيث درس الطب في جامعة سملويس، بدءاً من عام 1968.
ترك السعد خلفه 5 أبناء؛ اثنان منهم طبيبان، والثالث محامٍ، والآخران صيدلانيان.
“تعلمنا من والداي القناعة والرضا، والعمل بإخلاص وبصمت، وألا نأخذ أي مقابل مادي من الفقراء حتى لو كنا محتاجين”.. يقول نجل السعد الأكبر، أحمد، وهو طبيب عام في مستشفى حكومي.
ويضيف أنه يفكر في إكمال مسيرة والده في عيادته “بالقناعات نفسها” بعد انتهاء التزامه بعقد عمل مع وزارة الصحة.
يذكر أنه لم يتساهل يوماً في علاج مرضاه وخاصة الأطفال أثناء الذهاب والعودة من وإلى عيادته، حتى إن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مقطع فيديو للدكتور السعد أثناء قيامه بفحص أحد الأطفال في الشارع، حيث كان ينتظره المراجعون أثناء قدومه إلى العيادة.
انتشرت بين الناس في المخيم مقولة: «أنتَ شو تأمينك؟ أنا تأميني رضوان السعد”.
رحل السعد بجنازة مهيبة في مدينة إربد، حيث شيعته جموع غفيرة شارك فيها عشرات الآلاف من داخل المدينة وخارجها محمولاً على الأكف.
نعاه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتداولت وسائل إعلام محلية ودولية خبر وفاته.
وفي تغريدة للعاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين قال فيها: الأردن بلد الخير والعطاء لا ينقطع منه الخيرون، كلنا فخر أن من بيننا من تفانى في قضاء حوائج الناس وسعى للخير والعمل النافع من أجل مجتمعه ووطنه، رحم الله الطبيب رضوان السعد صاحب الروح النبيلة.
وقال حساب على “تويتر” باسم “أخبرهم يا صلاح”: لم يكن صاحب دولة ولا وزيراً ولا عيناً ولا نائباً ولم يك يترأس الجاهات ويفتخر أمام العدسات والميكروفونات، بل كان جابراً للعثرات، مات الطبيب الإنسان بجنازة مهيبة من عشرات الآلاف محمولاً على الأكف، كانت كشفيته دينارين، ومن لا يملك يعطيه ثمن العلاج المرحوم بإذن الله الدكتور.
وقال عبدالله العطيات: “نعم يرحلون ويبقى الأثر”.
وقال موسى الساكت: رمز من رموز إربد.. رحم الله الطبيب الإنسان.
وعلق د. هاشم زيود: في وطني كثيرون أمثال رضوان السعد لن تعرفوهم الآن، لأنهم بين البسطاء في حواريهم وأزقتهم، عيادتهم تشبههم وتشبه وجعهم، فلوحات الاسم دامعة ومدخل العيادة بسيط يمكن الاستدلال عليه بسهولة، لن تخجل من أن تكشف عن وجعك وتتألم أمامهم، فهم الوحيدون الذين يرون الفقر ألماً أشد من بقية الآلام.
وقال أحمد عوض، الباحث في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: العمل الإنساني ممارسة جسّدها الفقيد عملياً، والناس عبرت عن تقديرها له بشكل واضح دون تأثير من أي سلطة، رحمه الله.
{source}
<iframe width=”640″ height=”539″ src=”https://www.youtube.com/embed/rD5kN-4sOwM” frameborder=”0″ allow=”accelerometer; autoplay; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture” allowfullscreen></iframe>
{/source}