أعلنت جامعة إدنبرة البريطانية أنها أمرت كل الطلاب الذين أرسلتهم في بعثات دراسية مع الجامعة الأمريكية في القاهرة بالعودة إلى لندن وعدم استكمال دراستهم بعدما اشتكى الطلاب من حملات اعتقال تقوم بها السلطات المصرية ضمن ممارساتها مع شباب مصر.
وقالت الجامعة: إن 9 طلاب عادوا حتى الآن إلى إسكتلندا، بعدما جرى اعتقال طالبين (زوجين) بواسطة السلطات المصرية خلال موجهة الاحتجاجات الأخيرة وما تلاها من قبض عشوائي على من يسيرون في الشوارع.
تفاصيل الاعتقالات
أكدت الجامعة البريطانية أن الأمن المصري اعتقل اثنين من الطلاب المبعثين من جانبها في برامج تبادل طلابي، بدون ذكر أسباب، واحتجزتهما واستجوبتهما ثم أفرج عنهما بعد ذلك، مؤكدة أن الجامعة بعدها طلبت من كل طلابها السفر خارج مصر.
وذكرت الجامعة أنه تكرر القبض على طلاب يدرسون في مصر آخرهم اثنان من طلاب جامعة إدنبرة خلال وجودهم في مصر ببعثة تعليمية لمدة عام، وأن الطلاب لم يكملوا دراستهم ولكن تمت إعادة كل الطلاب من مصر لضمان سلامتهم.
وأوضحت جامعة أدنبرة أن المؤسسة “تشعر بقلق بالغ”، وأن لديها عدداً من برامج التبادل مع جامعات أخرى في العالم، بما في ذلك الجامعة الأمريكية في القاهرة، التي تستضيف طلاب الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية الزائرين، ولكنها قررت إلغاء التبادل مع مصر.
وقال متحدث باسم جامعة إدنبرة لصحيفة “إدنبرة”: تم اعتقال اثنين من طلابنا في مصر مؤخراً، وأفرج عنهما لاحقًا من قبل السلطات المصرية في القاهرة، مضيفاً: من الواضح أن الجامعة تشعر بقلق شديد عندما تسمع حوادث مثل هذا، خاصة عندما يتعلق الأمر بطلابنا.
وتابع: نحن نتحمل مسؤولية التصرف بما يحقق مصلحة طلابنا، واتخاذ إجراءات حاسمة عندما تكون هناك مخاوف تتعلق بالسلامة والرفاهية، ولذلك طلبنا من جميع طلابنا في مصر العودة إلى المملكة المتحدة وتوفير دول أخرى لاستقبالهم.
وذكر الموقع الطلابي “The Edinburgh Tab” أن الطلاب الذين يدرسون في مصر قد عادوا بأمان إلى المملكة المتحدة، أو “في طور الخروج”، وأنه لم يتم تأكيد أسباب اعتقالات الطلاب، لكنه أكد استجوابهم من قبل وزارة الخارجية المصرية، وسلطات الأمن معاً.
وركزت الصحف البريطانية في تعليقها على الخبر على اعتقال السلطات المصرية قرابة 3 آلاف شاب مصر في أعقاب موجهة الاحتجاجات المفاجئة ضد نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وما تلاها من حملات القمع ضد الناشطين.
ردود أفعال مصرية
لم يصدر أي رد فعل من الخارجية أو الداخلية المصرية على هذه الأنباء، والتزموا جميعاً الصمت.
وأبدى الممثل والنشاط المصري المعارض حزنه على ما يحدث من اعتقال الطلاب الأجانب في مصر ضمن الاعتقالات العشوائية التي تقوم بها السلطات المصرية.
وسخر نشطاء من اعتقال حتى الطلاب الأجانب في مصر، ثم زعم الحكومة أنها تسعى لتنشيط السياحة والتبادل الطلابي، معتبرين ما جرى أفضل وسيلة لتعريف العالم بما يجري بمصر من قمع.
تاريخ قتل الحريات الأكاديمية في مصر
منذ 3 يوليو 2013، فرضت السلطات المصرية حصاراً على جميع الأنشطة الطلابية والأكاديمية، تضمنت قتل واعتقال طلاب وأستاذة واقتحام جامعات وفصل أساتذة خاصة المنتمين لجماعة الإخوان والمعارضين عموماً، وقيدت الدراسات العليا.
والجديد أن الاعتقالات لم تقتصر فقط على طلاب مصريين، ولكنها طالت طلاباً أجانب منهم الطالب الإيطالي ريجيني الذي تم قتله، وآخرين أمريكيين، والآن طلاب إسكتلندا.
من ذلك اعتقال أجهزة الأمن المصرية في مايو 2018 وليد الشوبكي، الباحث بجامعة واشنطن، وأخفته قسرياً بعد إجرائه مقابلات مع قانونيين وقضاة، ووجهت له مع 13 صحفياً وأكاديمياً تهم نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية، وأُخلي سبيله في ديسمبر 2018 بعد تدخل أمريكا.
وقد دفع هذا مجلس الحريات الأكاديمية طلاب الشرق الأوسط (ميسا) المشرف على سفر الطلاب الأجانب لمصر ودول الشرق الأوسط للدراسة والبحث، للتحذير في أبريل 2019، أي طالب أجنبي من السفر لمصر، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية المصرية هي مصدر الخطر على حياة وسلامة الأكاديميين.
وأضاف التقرير: ما زلنا نعتقد أن هناك ما يدعو للقلق الشديد بشأن سلامة الباحثين الأكاديميين في مصر، وقلقنا هو أن يذهب غير المصريين إلى زملائهم الطلاب والباحثين مصر ولأولئك الذين قد نسعى للتعاون معهم أو المشاركة في بحثنا ثم يتعرضون للأذى.
وقد أكد تقرير سابق لموقع “مونيتور” الأمريكي أن البحث العلمي في مصر بات “منطقة محرمة”، حيث يجري منع العديد من الباحثين من القيام بأبحاث معينة بدعاوى الأمن القومي، وكذا “تسييس المؤسسات الأكاديمية، ونقص النزاهة الأكاديمية”.
وروى التقرير الذي جاء بعنوان “البحث العلمي محرم على المصريين” قصة باحث مصري رغب في إجراء دراسة حول أنظمة الصرف الصحي (المجاري)، لكن طُلب منه تصريح أمني، وبعد شهور، قوبل طلبه بالرفض لـ”أسباب تمس الأمن القومي”!
وأشار الموقع الأمريكي إلى أن خطورة أوضاع الباحثين في مصر باتت تحت المجهر الدولي بعد مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، الذي تبعته عناصر أمنية قبل اختفائه في 25 يناير، وظهور جثته بعد أيام وعليها علامات تعذيب.
وحين طلب السفير المصري لدى بريطانيا عام 2017 على جامعة ليفربول إنشاء فرع لها في مصر، رفضت الجامعة العرض لعدم “تعرُّض سمعتها للضرر”، بسبب سجل حقوق الإنسان المتردّي في مصر ويطال أكاديميين.
وسبق هذا نشر مجلة الجامعة الأمريكية تقريراً في ديسمبر 2016 بعنوان “مُخبرون في الجامعة الأمريكية”، يؤكد التدخلات الأمنية سواء في الأنشطة الطلابية أو في مجال الحريات الأكاديمية والطلابية، عبر عدد خاص أصدرته مجلة “AUC Times”.
وقد أشار التقرير ربع السنوي 2017 لمؤسسة حرية الفكر والتعبير للقيود على الحرية الأكاديمية وممارسة إدارات الجامعات والكليات ضغوطا كبيرة على حرية أعضاء هيئة التدريس في التدريس والبحث والتعبير.
وضمن هذه القيود إصدار عام 2016 مرسوم رئاسي عنهم اشتراط تقدم أعضاء هيئات التدريس بطلبات إلى الأجهزة الاستخبارية للموافقة على المشاركة في محاضرات خارج البلاد أو استضافة شخصيات أجنبية بمصر.