أصبحت مصطلحات التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية من القواعد العامة في مختلف دول العالم، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر 2015م، ووضعت خطة التنمية المستدامة لعام 2030م، التي تتكون من 17 هدفاً للتنمية المستدامة، و169 هدفاً متصلاً بها، وضمان مشاركة جميع دول العالم في تحقيق تلك الأهداف.
ومحور تلك الأهداف هو “الإنسان”، وتوفير بيئة نظيفة وتعليم وصحة وحياة كريمة، ومكافحة الفقر، وضمان حقوق الإنسان، والأمن والسلام، ومساعدة اللاجئين والنازحين، وإغاثة المنكوبين.
لذا.. تعمد الحكومات وضع مفاهيم التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية ضمن خططها السنوية، وتعممها على جميع قطاعات الدولة، بما فيها المناهج الدراسية.
كما وضعت الأمم المتحدة مقاييس للشركات الكبرى المعتمدة، وهو ما تقدمه تلك الشركات لدعم تلك الأهداف محلياً ودولياً، فالشركات التي تضع في نظامها الأساس بنداً رئيساً في المسؤولية الاجتماعية (CSR)، والعمل المسؤول المستمر (SRB)، وتوثق ما قامت به في التقرير السنوي للشركة، فإنها تحظى بأولوية في التقدير العام، وفي العقود الكبرى.
ونحن نفخر في دولة الكويت أن الحكومة تولي اهتماماً كبيراً لتعميم مفاهيم التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية في مختلف قطاعاتها، وتقدم دعماً إعلامياً ولوجستياً وسياسياً وإدارياً لكل المشاريع ذات الارتباط، ولا يفوت يوماً إلا وتجد تلفزيون الكويت يتكلم عن ذلك.
وبخط مواز.. يحرص رجال الأعمال في الكويت مشكورين من خلال الشركات والبنوك والمؤسسات الكبرى على مواكبة هذا الاهتمام، واستشعار دورهم في المسؤولية المجتمعية، التي تقوم بدور ملموس وواضح في تحقيق هذا المفهوم بشكل تطوعي، فالمؤسسات الاقتصادية تدعم العديد من المشاريع التنموية داخل الكويت وخارجها، لأجل المصلحة العامة، وتساهم بتشجيع نمو وتطور المجتمعات، دون النظر إلى أي تصنيف سياسي أو فكري أو ديني أو مذهبي أو إقليمي أو قبلي أو غير ذلك، لا يبتغون غير الأجر من الله عز وجل.
وتقوم الجمعيات الخيرية الكويتية بدور رائد في هذا المجال، فهي إن صحت التسمية خلاصة كل تلك الجهود، فإن كانت أجهزة وقطاعات الدولة تقدم الخدمات الإعلامية والإدارية، وإن كانت المؤسسات التجارية والمتبرعين من أهل الخير يقدمون الدعم المالي، فإن الجمعيات الخيرية والفرق التطوعية هي من تقوم بالجانب التنفيذي لكل ذلك، فهي من تقوم بتنفيذ الحملات الإغاثية للاجئين والمنكوبين، ودفع رسوم تعليم وعلاج الفقراء، وبناء المدارس والمراكز الصحية، وحملات تنظيف البيئة البرية والبحرية.. وغير ذلك.
إذاً هو مثلث متساوي الأضلاع، متساوي الزوايا، يعمل من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية، وبقدر نجاح تنسيق هذه الأضلاع بشكل موضوعي، وتخطيط مسبق، يتم تحقيق نتائج إنسانية عالمية متميزة.
ولعلها دعوة لرجال الأعمال أفراد وشركات، وبنوك ومؤسسات، لمضاعفة العطاء في هذا المجال الإنساني، وتنويع الاختصاصات والمجالات، والمشاركة بحضور تنفيذ بعض تلك الفعاليات، داخل الكويت وخارجها، فبمشاركتهم واختلاطهم مع الجمعيات والفرق التطوعية، سيكتشفون مجالات كثيرة كانت غائبة عنهم، خصوصاً مع فئة الفقراء والمنكوبين، حتى لا يتركز الدعم في مشاريع التدريب والتنمية البشرية، والمعارض الفنية والثقافية.
كلمة قالها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، حفظه الله، لا أنساها: “العمل الخيري تاج على رؤوس الكويتيين”، وقد صدق فيما قال، وأنا أؤكد أن “العمل الخيري صناعة كويتية”، وهو كذلك.
وإذا كنا نحتفي هذه الأيام بذكرى توقيع اتفاقية التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية في الأمم المتحدة في 25 سبتمبر 2015م، فإن الكويت تعيش كل يوم احتفالات خيرية وإنسانية تحقق هذه الأهداف، فالعمل الخيري لم يتوقف يوماً ما بحمد الله، وسط أكثر من 150 جمعية خيرية ومبرة ووقفية، وأكثر من 500 فريق تطوعي، حتى منح أمير الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح لقب “قائد الإنسانية”، والكويت “مركزاً إنسانياً عالمياً”، وما زال العمل الإنساني قائماً بكل خير.
_____
ينشر بالتزامن مع مجلة “فنار” الكويتية.