“آلاف العراقيين يتحدون القمع الدموي في احتجاج ساحة التحرير”.. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة “جارديان” البريطانية تقريرا حول صمود المحتجين العراقيين في بغداد على الرغم من الصدامات الدامية مع قوات الأمن.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي نشرته على موقعها الإليكتروني إن: آلاف المحتجين العراقيين شغلوا ساحة التحرير يوم الأحد متحديين القمع الدموي الذي قتل العشرات على يد قوات الأمن التي تسعى لتفريق المتظاهرين.
وعلى مدار يوم الأحد أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على مجموعات من الشباب يرتدون قفازات ثقيلة كانوا يهرعون إلى القنابل ويلقون بها مرة أخرى على قوات الأمن.
وظل آلاف المحتجين العراقيين في ساحة التحرير وسط العاصمة في تحد لحملة أمنية دامية، ومداهمة نفذتها قوات الأمن أثناء الليل لتفريقهم.
وأقام شبان حواجز على جسر يؤدي إلى المنطقة الخضراء المحصنة بالمدينة لتفصلهم عن قوات الأمن التي واصلت إلقاء عبوات الغاز المسيل للدموع باتجاههم.
وفي كربلاء حاول المتظاهرون اقتحام مبنى المحافظة، قبل أن تتمكن قوات جهاز مكافحة الارهاب من السيطرة مجددا على الوضع وتفريق المتظاهرين.
وقالت مفوضية حقوق الإنسان العراقية إن عدد قتلى المظاهرات التي تشهدها بغداد ومحافظات أخرى خلال الأيام الثلاثة الماضية، بلغ 74 قتيلا جميعهم من المتظاهرين، بينما أصيب نحو 3600 آخرين بينهم أفراد أمن.
وأضافت المفوضية أن القوات الأمنية شنت حملة اعتقالات في محافظات البصرة وذي قار وبابل حيث بلغ عدد المعتقلين 158 شخصا، أطلق سراح 123 منهم، مشيرة إلى أن سبب اعتقال المتظاهرين هو رفضهم فض الاعتصامات.
وأوضحت أنه تم حرق وإلحاق الأضرار بنحو 90 مبنى حكوميا وخاصا وبمقرات حزبية من طرف بعض الأفراد الذين أرادوا حرف المظاهرات عن مسارها السلمي.
وسقط معظم القتلى في مواجهات بين المتظاهرين ومسلحي فصائل الحشد الشعبي، حيث أطلق المسلحون النار على المحتجين عند محاولتهم الوصول إلى مقراتهم في محافظات وسط وجنوبي البلاد بهدف إضرام النيران فيها.
وبدأت استراتيجية الضغط من الداخل تزداد ضد حكومة عادل عبد المهدي، مع إعلان أربعة نواب استقالتهم من البرلمان تضامنا مع المحتجين الذين يطالبون بـ”إسقاط النظام” في العراق.
ودعت رئاسة مجلس النواب العراقي أعضاء البرلمان إلى عقد جلسة نيابية، الاثنين، لبحث مطالب المتظاهرين.
ويطالب المحتجون بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة، إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.
ورغم الثروة النفطية الهائلة للبلد العضو في أوبك، يعيش كثير من العراقيين في فقر ولا يحصلون على المياه النظيفة أو الكهرباء أو الرعاية الصحية الأساسية أو التعليم اللائق في وقت تحاول فيه البلاد التعافي من سنوات الصراع والصعوبات الاقتصادية.
وينظر كثير من العراقيين إلى النخبة على أنها خاضعة للولايات المتحدة أو إيران حليفي العراق الرئيسيين. ويظن كثيرون أن هاتين القوتين تستخدمان العراق لمواصلة الصراع على النفوذ في المنطقة عبر وكلاء دون الاهتمام باحتياجات الناس العاديين.
ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة عادل عبد المهدي حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترض المحتجين الذين يصرون على إسقاط الحكومة. كما يسود استياء واسع في البلاد من تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات.
وهذه ثاني موجة عنف كبرى هذا الشهر. وخلفت سلسلة من الاشتباكات قبل أسبوعين بين المحتجين وقوات الأمن 157 قتيلا وما يربو على 6000 جريح.
وانهت الاضطرابات نحو عامين من الاستقرار النسبي في العراق الذي عانى من الاحتلال الأجنبي والحرب الأهلية وتمدد تنظيم الدولة بين عامي 2003 و2017. وتمثل الاضطرابات أكبر تحد للأمن منذ إعلان هزيمة داعش بحسب مصر العربية.