تجري المستشارة أنجيلا ميركل في وقت لاحق من الأسبوع الحالي مباحثات ببرلين مع سكرتير عام حلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس شتولتبيرج، تتعلق بشكل مسهب حول مقترحات وزيرة الدفاع الألمانية أنيجرينت كرامب كراينباور مشاركة “الناتو” في تنظيم المناطق الآمنة التي يراد إنشاؤها بمناطق الشمال الشرقي لسورية لإيواء اللاجئين السوريين، إضافة للتحضير لمؤتمر زعماء “الناتو” الذي سيعقد أوائل ديسمبر المقبل في لندن.
مقترحات وزيرة الدفاع الألمانية التي ناقشها وزراء دفاع “الناتو”، يومي الخميس والجمعة 24 و25 أكتوبر الماضي، غير جديدة، فهي تعود إلى بداية الثورة السورية ومحاولة قمعها، فقد طالب رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن والسلام الدوليين فولفجانغ إيشنغر، ومعه خبير منطقة الشرق الأوسط والإسلام أودو شتاينباخ وخبراء إستراتيجيون آخرون مشاركة حلف شمال الأطلسي بحماية الشعب السوري.
ومن خلال مؤتمر ميونيخ للأمن والسلام الدوليين الخمسين عام 2015، أعلن رئيس الدولة الألماني السابق يوئاخيم جاوك دعمه لآراء وزيري الخارجية والدفاع السابقين فرانك فالتر شتاينماير، رئيس الدولة الألمانية حالياً، وأورزولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية حالياً، مشاركة الجيش الألماني ضمن “الناتو” لإنهاء النزاعات في العالم من بينها سورية، إذ لا ينبغي لألمانيا والأوروبيين و”الناتو” البقاء بدون حراك حول ما يجري في سورية، ومشاركة الجيش الألماني بالمناطق الآمنة للاجئين السوريين وغيرهم من لاجئي العالم يجب أن يتم لإنهاء مأساة ومعاناة الكثير من الشعوب التي تتطلع إلى الحرية.
ويعتبر حلف شمال الأطلسي “الناتو” القوة العسكرية الأولى في العالم، إلا أن سياسته غير مستقرة جراء الخلاف بين أعضائه، وخاصة فيما يتعلق بتركيا العضو المهم بالحلف، فمن شروط النمسا الدولة غير العضو بالحلف لانضمامها إلى “الناتو” إقصاء أنقرة من الحلف.
وقد نجم عن الإجراءات العسكرية التركية بشمال شرق سورية ضد المليشيات الكردية ارتفاع ظاهرة التحريض على عضوية تركيا بالحلف، يقودها المناوئون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدعم من الإعلام الموالي للكيان الصهيوني.
فقاعات هوائية
فبالرغم من تأكيد سكرتير عام “الناتو” شتولتنبيرج أهمية أنقرة بالحلف وبقاء المطالبة بإقصاء تركيا من الحلف فقاعات هوائية، فإنه لا يزال يلتزم الصمت حول إنزال عسكري لـ”الناتو” بالمناطق الآمنة، علماً انه أعلن بشكل غير مباشر أثناء محادثاته التي أجراها مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ولقائه أردوغان بأنقرة دعمه مشاركة “الناتو” بتنظيم المناطق الآمنة وحمايتها.
ويعود سبب المطالبة بمشاركة “الناتو” بحماية المناطق الآمنة للاجئين المراد إقامتها، وأيضاً مشاركته عسكرياً لإنهاء الحرب في سورية لعدم مبالاة الأمم المتحدة مناقشة إقامة مناطق آمنة للاجئين السوريين وتدخل الأمم المتحدة عسكرياً لحماية الشعب السوري.
ويرى أستاذ مادة حقوق الشعوب بجامعة إيرلنجن (جنوب) هاينر بيليفلد، أحد مؤسسي المعهد الألماني لحقوق الإنسان وعضو هيئة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن المنظمة الدولية مسؤولة عن استمرار الحرب في سورية والفوضى بمنطقة الشرق الأوسط، وخاصة في العراق ولبنان وليبيا، فهي لم تهتم بمطالب خبراء السياسة الإستراتيجية والشرق الأوسط بضرورة التدخل عسكرياً لتنظيم المنطقة ووضعها تحت إشرافها لإنهاء الفوضى فيها.
ويؤيده رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن والسلام الدوليين إيشنغر بضرورة تدخل الأمم المتحدة عسكرياً بالمنطقة، وإذا رفضت ولم تلق تجاوباً من الدول العضوة بالمنظمة وخاصة من روسيا والصين فعلى “الناتو” أخذ المبادرة.
وبالرغم من مقترحات وزيرة الدفاع الألمانية إينجريت كرامب كارينباور حول حماية “الناتو” للمناطق الآمنة رفضاً وتأييداً بالوقت نفسه، فإنها في قيد التنفيذ، فمؤتمر زعماء “الناتو” الذي سيعقد في لندن سيسفر عنه إعطاء الضوء الأخضر لفرق “الناتو” لحماية مناطق اللاجئين.