تعتزم مصر إطلاق القمر الصناعي المصري الأول لأغراض الاتصالات “طيبة -1″، نوفمبر الجاري، بعد محاولتين فاشلتين بسبب الأحوال الجوية، حيث سيتم الإطلاق بواسطة شركة “آريان سبيس” الفرنسية على صاروخ الإطلاق “آريان-5″، وذلك من قاعدة الإطلاق بمدينة “كورو” بإقليم “جويانا الفرنسية” بأمريكا الجنوبية، وذلك بحسب بيان صادر عن مجلس الوزراء.
وبحسب البيان، فإن الشركة انتهت من عمليات اختبار أنظمة القمر الصناعي الانتهاء من ملء خزانات الوقود التي ستمكن القمر من البقاء في الموقع المداري المخصص له لمدة خمسة عشر عاماً، حيث سيعمل القمر على توفير خدمات الإنترنت عريض النطاق للأفراد والشركات بمصر وبعض دول شمال أفريقيا ودول حوض النيل.
ويعتبر هذا أول قمر صناعي “طيبة 1” متخصص في مجال الاتصالات، يستهدف تتبع الإرهابيين وكشف أوكارهم وتسريع الإنترنت، وقد كشف الخبير العسكري محمود جمال أن القمر “عسكري”، مملوك للجيش، وتشرف عليه شركة “إيريان سبيس” الفرنسية، وجاري تجربته حالياً.
ويقول خبراء اتصالات وأمن: إن القمر الجديد له أغراض عسكرية وأمنية، أبرزها رصد اتصالات الإرهابيين في سيناء، ومتابعة سد النهضة الإثيوبي الذي تتنازع مصر بشأنه حالياً مع إثيوبيا، فضلاً عن أغراض اتصالات عسكرية ورفع كفاءة الإنترنت عموماً في مصر.
قصة القمر السري
تم التعاقد على القمر المصري عام 2016 ضمن صفقة تتجاوز قيمتها مليار دولار لشراء المعدات العسكرية من الجانب الفرنسي، ومنذ ذلك الحين ظل المسؤولون الفرنسيون في حالة تكتم تامة، حتى تم الانتهاء من عملية البناء السرية للقمر.
وبحسب بمجلس الوزراء، تم بناء القمر بناء على تعليمات من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ومن ضمن استخدامات القمر توفير بنية تحتية للاتصالات والإنترنت، وكافة أجهزة الدولة في مكافحة الجريمة والإرهاب.
وقد تم تصنيع القمر (طيبة -1) بتحالف شركتي “تاليس إلينيا سبيس – إيرباص” الفرنسيتين، التي تعد من كبرى الشركات العالمية العاملة في مجال تصنيع الأقمار، وسيغطي “طيبة-1” مصر، وبعض دول شمال أفريقيا ودول حوض النيل.
واستنادًا إلى منصة “Eurostar E3000” الفضائية، تم تطوير “TIBA-1” بواسطة الشركة الفرنسية إيرباص للدفاع والفضاء “Airbus Defense & Space”، لصالح الحكومة المصرية، ويزن حوالي 5640 كجم، وتم تصميمه ليعمل لمدة تتجاوز 15 عامًا.
وأعلنت الشركة الفرنسية إيرباص للدفاع والفضاء على موقعها الرسمي، 16 أكتوبر الماضي، شحن قمر الاتصالات العسكرية المصري طيبة “TIBA-1” من منشآتها الواقعة بتولوز في فرنسا، إلى غويانا الفرنسية شمالي أمريكا الجنوبية.
وسيتم إطلاق القمر من منصة الإطلاق الفضائي ببلدة كورو (Kourou) بواسطة صاروخ “أريان” (Ariane-5) المخصص لعمليات الإطلاق الفضائي.
والقمر تم بناؤه بشكل مشترك بين إيرباص وشركة تاليس ألينيا للفضاء، حيث كانت إيرباص مسؤولة عن بناء القمر، وتاليس ألينيا مسؤولة عن تصميم وبناء حزمة أنظمة الاتصالات ثنائية المهام للاتصالات المؤمنة وذات النطاق العريض المخصص للاستخدامات العسكرية، والتطبيقات المدنية.
يرصد الإرهابين و”سد النهضة”
وقال خبير اتصالات، وآخر من مركز الفضاء المصري لـ”المجتمع”: إن القمر العسكري المصري الجديد سيكون له أهداف تنموية وأيضاً أمنية تتعلق بالسعي لمحاربة الإرهاب عبر رصد وتتبع اتصالات لاسلكية للعناصر الإرهابية.
وأكد أن القمر سيراقب أيضاً تطورات البناء حول “سد النهضة” الإثيوبي ومخالفة إثيوبي لاتفاقاتها مع مصر، ومفيد أيضاً في رصد ما يجري في سيناء، وأنه واحد من سلسلة أقمار عسكرية بالتعاون مع فرنسا.
وقال د. علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة: إن إطلاق مصر القمر الصناعي “طيبة 1” هو إنجاز كبير؛ لأنه أول قمر صناعي مصري متخصص في مجال الاتصالات، كما أنه يحسب للدولة المصرية إطلاقها 3 أقمار صناعية في عام واحد في مجالات مختلفة.
وحول مميزات القمر الصناعي أوضح النهري، في تصريحات صحفية، أن القمر الجديد يساعد في التقاط الإشارات اللاسلكية للعناصر الإرهابية، ما سيكون له أثر كبير في تحديد مواقع الإرهابيين، وسيغطي دول منابع النيل، ويرفع سرعة “الواي فاي” ويخفض أسعار الإنترنت فائق السرعة.
ماذا بعد إطلاق القمر العسكري؟
القمر الصناعي “طيبة -1” هو القمر الأول من سلسلة “طيبة سات” التي تعتزم مصر إطلاقها في الفترة القادمة التي ستحدث نقلة نوعية في خدمات الاتصالات في مصر وأفريقيا.
فبعد تأخير دام قرابة نصف قرن، أعلن مجلس الوزراء المصري، 3 أغسطس 2016، تدشين أول برنامج مصري لإنشاء وكالة فضاء مصرية، حيث طُرحت فكرة إنشاء الوكالة لأول مرة في الستينيات من القرن الماضي.
والهدف من البرنامج هو “نقل وتوطين وتطوير علوم وتكنولوجيا الفضاء، لامتلاك القدرات الذاتية لبناء وإطلاق الأقمار الصناعية من الأراضي المصرية”، بحسب ما جاء في نص مشروع قانون إنشاء وكالة فضاء مصرية.
وفي 17 أبريل 2007 أطلقت مصر قمرها الأول “إيجيبت سات -1″، وكانت قدراته محدودة ومخصصة للاستشعار عن بُعد، ويلتقط صوراً على مسافة 8 أمتار، وتم فقد الاتصال به في 22 أكتوبر 2010، رغم أن عمره الافتراضي 5 سنوات، وتكلف 21 مليون دولار لإنشائه، بخلاف تكاليف تشغيل سنوية 35 مليون دولار.
وتم استبداله “إيجيبت سات – 2” بـ”إيجيبت سات -1″، الأكثر تطوراً الذي يمكنه التصوير بجودة عالية على مسافة أقل من متر على سطح الأرض، ويعطي صوراً بالألوان، وتردد أنه سيكون له أنشطة استخبارية، في 16 أبريل 2014.
وكان من المفترض أن يستمر حتى عام 2025، ولكن بعد عام واحد من إطلاقه (2015) فقدت مصر الاتصال به أيضاً منذ 14 أبريل 2015 وبلغت تكلفة القمر الصناعي المصري الثاني حوالي 40 مليون دولار.