شركة “أسيلسان” التركية للصناعات العسكرية الإلكترونية هي شركة تركية رائدة تشتهر بصناعة أنظمة وأجهزة إلكترونية لأغراض عسكرية، تأسست عام 1975م، بمبادرة من “مؤسسة تعزيز القوات المسلحة التركية”؛ بهدف تلبية احتياجات الجيش التركي في مجال أجهزة الاتصالات.
وقد ساهمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة في إحداث طفرة في الصناعات العسكرية التركية حسب المعلومات التي تنشرها الشركة.
وقد أطلقت الشركة خلال العام الماضي حملة مهمة ضمن مشروع أطلقت عليه اسم ” عد إلى تركيا” أو ” العودة إلى تركيا” وهو مشروع يهدف إلى تشجيع العلماء والخبراء الأتراك الذين يعملون في الخارج على العودة إلى الوطن للعمل مع الشركة أو الشركات التركية الأخرى العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات.
ويرجع سبب قيام الشركة بهذه الحملة لوجود هجرة عقول عانت منها الشركة وبعض الشركات والمؤسسات التركية الأخرى في ظل تراجع قيمة العملة وتدني الرواتب مقارنة بالأرقام التي تقدمها شركات دولية في أوروبا وأمريكا الشمالية أو بسبب رغبة الباحثين في تطوير قدراتهم في البحث العلمي في الجامعات ومراكز الأبحاث الغربية أو بسبب الرغبة في تغيير بيئة العمل وهي أسباب تعرضت لها عدة دول أخرى عانت من هجرة العقول بشكل كبير.
وكما قال نائب رئيس شركة اسيلسان هاكان كاراتش: إنهم وجدوا مهندسين أتراك اختاروا هولندا على وجه الخصوص في السنوات الأخيرة.. وقد عقدوا أربعة أيام من المحادثات مع حوالي 30 من موظفي أسيسلسان السابقين، وأخبروهم أن “الأبواب مفتوحة دائمًا” لهم إذا كانوا يرغبون في العمل لدى الشركة.
وأضاف أن الموظفين السابقين أخبروهم أن هناك بيئة أكثر تنظيماً للعيش والعمل في الخارج على الرغم من أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية لم تكن جذابة كما توقعوا.
وترى الشركة في المشروع مكسباً مهماً حيث أن الخبراء الذين تتواصل معهم الشركة قد قضوا وقتاً جيداً في الخارج واكتسبوا تجربة كبيرة وتأمل الشركة في الاستفادة من تجاربهم خاصة أولئك الذين عملوا في الولايات المتحدة وفي المملكة المتحدة وهولندا.
وبما أن الشركة تعمل في قطاع الصناعات العسكرية فلا تنشر أسماء من عادوا إليها ولكن يمكننا أن نضرب مثالاً على استفادة تركيا من خبرائها في الخارج في حدث جديد وهو السيارة التركية الجديدة التي صممها مهندس اسمه مراد غوناك والذي صمم سيارات لشركة مارسيدس وشركة فولكس فاجن وشركة بيجو وغيرها.
في تقرير نشرته صحيفة ديلي صباح قالت شركة اسيلسان إن 25 خبيراً تركياً عادوا للعمل بالشركة من خلال مشروع العودة لتركيا بعد أن عاد 3 فقط في عام 2018م.
وتقدم الشركة والشركات التركية للخبراء حوافز كبيرة تبدأ بتغطية رسوم العودة الخاصة بهم وزيادة الرواتب وتقديم منح دراسية ومنح للبحث العلمي وبيئة عمل أكثر تنظيماً، كما تقوم بعض الشركات بافتتاح فروع في دول أجنبية لعمل هؤلاء الباحثين الذين قد توجد عوائق أمام عودتهم بسبب الدراسة أو العمل مع شركات أخرى أو بسبب وجود مجتمعات تركية كما هو الحال في هولندا وألمانيا.
تهدف تركيا بالفعل إلى جذب باحثين مؤهلين من بلدان أخرى أيضاً من خلال برنامج جديد للمنح الدراسية أطلقته وزارة العلوم والصناعة والتكنولوجيا ويتم ضمن هذا البرنامج، تقديم منح دراسية تصل إلى 500،000 ليرة تركية للباحثين الشباب ومليون ليرة تركية للباحثين الأكثر خبرة، وسيحصل الباحثون على منحة دراسية بقيمة 20.000 ليرة تركية أو 24000 ليرة تركية شهريًا حسب مستوى خبرتهم وحسب برنامج المنح يتلقى حاملو المنح الدراسية الدعم المالي لمدة تتراوح من 24 إلى 36 شهرًا للمشاريع التي يعملون فيها.
يتوقع أن يستمر هذا المشروع الذي تقوم عليه الشركة 3 سنوات مع احتمال قوي بعودة المزيد من الخبراء خاصة مع تحسين الشروط المالية والوظيفية لهم وتحسين ظروف بيئة العمل بالإضافة إلى تقدم تركيا في المجال التكنولوجي يوماً بعد يوم وهو ما قد يغري عدد من العاملين في الخارج للعودة خاصة أولئك الذين لا يتأقلمون اجتماعياً مع ظروف العمل في الدول الغربية.
لا تعمل شركة اسيسلسان لوحدها فهناك عدد آخر من الشركات والجامعات التي تحفز الخبراء والعلماء على العودة وقد قامت رئاسة الجمهورية من خلال مكتب الموارد البشرية بتنسيق برامج مشابهة لعودة العلماء الأتراك وهي خطوة جيدة ومن المهم أن تتابع دول المنطقة تجارب النجاح هذه على مستوى المنطقة خاصة أن دول مثل مصر والسودان والعراق ودول أخرى في المنطقة حصل لديها نزيف في العقول بسبب هجرة الطاقات والكفاءات للدول الغربية.