أحالت هجمات مليشيات القائد الانقلابي المتمركز شرقي ليبيا، خليفة حفتر، على طرابلس، أحياء العاصمة إلى ما يشبه “مدن أشباح”.
وفي الآونة الأخيرة، كثفت مليشيات حفتر هجماتها المتواصلة على طرابلس، في أعقاب إبرام مذكرة تفاهم للتعاون العسكري بين تركيا وليبيا، في 27 نوفمبر الماضي، وتصاعد عدد الضحايا من المدنيين.
واضطر الكثير من المدنيين إلى ترك منازلهم جراء هجمات قوات حفتر على العاصمة.
فقد نزح نحو 350 ألف ليبي بسبب الاشتباكات، بحسب أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
في ضاحية عين زارة التي تبعد نحو 15 كم عن مركز العاصمة، رصد الدمار الذي أحدثته هجمات مليشيات حفتر.
وتحولت المنطقة التي تعد من أكثر أحياء العاصمة حيوية إلى “ضاحية أشباح” جراء الهجمات، ولا يكسر الصمت المطبق فيها سوى دوي الانفجارات الناجمة عن الاشتباكات في محيطها.
وألحقت الهجمات دماراً كبيراً بالمرافق العامة في الضاحية، كالمدارس والمساجد والمستوصفات الطبية، وفق ما رصده فريق وكالة “الأناضول”.
كما اضطر المدنيون النازحون الذين أخذوا معهم ما خف حمله من منازلهم إلى ترك سياراتهم أيضاً، نظراً لأنها باتت هدفاً لمليشيات حفتر.
الشعب الليبي يطلب تدخلكم بأسرع وقت
ومنذ 3 أيام، تستهدف مليشيات حفتر مطار معتيقية الدولي بطرابلس، الذي يعد بوابة العاصمة الوحيدة المفتوحة على العالم، بقصف عشوائي بالصواريخ والمدفعية؛ ما ألحق أضراراً بالعديد من التجمعات السكنية، وقتل أحد موظفي المطار.
ومن بين المنازل التي طالها القصف منزل د. جمعة بلعثمان (70 عاماً)، في منطقة “شرفة الملاحة” التي تبعد نحو 2 كم عن المطار.
وتسبب سقوط قذيفة مدفعية على الحديقة الخلفية للمنزل المكون من طابقين، بأضرار جسيمة في الطابق الأرضي.
وتظهر للعيان الحفرة التي خلفتها القذيفة في أرض حديقة المنزل، وآثار الشظايا المتناثر على الجدران.
وأوضح أفراد الأسرة التي تقطن المنزل والمؤلفة من 8 أشخاص، أنهم يحمدون الله على عدم وقوع خسائر بشرية في صفوفهم، واقتصار الأضرار على الجانب المادي.
وقال بلعثمان، لمراسل “الأناضول”: إنه اضطر لترك منزله الذي تعرض للقصف في هجوم لمليشيات حفتر.
وأضاف أن حفتر الجشع مستعد لفعل أي شيء للاستيلاء على السلطة.
وأعرب عن استنكاره لقصف المدنيين، وتساءل: ما الذي سيجنيه حفتر من وراء ذلك؟
وتطرق بلعثمان إلى مذكرة تفويض إرسال قوات تركية إلى ليبيا، التي أقرها البرلمان التركي مؤخراً.
وتقدم بالشكر إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خلفية إقرار المذكرة، وأردف أنها جاءت في وقتها، ودعا إلى الإسراع في تنفيذها.
وتابع: نحن مدنيون، نتعرض للظلم، والشعب الليبي والناس هنا يطلبون منكم التدخل بأسرع وقت.
أما الطيار أحمد عثمان (57 عاماً)، من سكان المنزل نفسه، فذكر أنهم لجؤوا إلى أقاربهم عقب تعرض بيتهم للقصف.
وأعرب عن امتعاضه من أداء الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وقال: لقد شاهدنا بأم أعيننا، كيف أن الأمم المتحدة لم تفعل شيئاً من أجل المدنيين، والله يكفينا شر حفتر ومن وراءه.
وحول مذكرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا، أعرب عثمان عن شكره من القلب إلى تركيا وشعبها ورئيسها على وقوفهم إلى جانب الشعب الليبي.
وعقب إقرار المذكرة، بات الشارع الليبي في طرابلس يعول كثيراً على الجيش التركي، لوقف هجمات مليشيات حفتر.
وتصاعدت، في الآونة الأخيرة، الهجمات التي تستهدف المدنيين من قبل مليشيات حفتر أو المرتزقة الداعمة له، في ظل فشل مستمر في تحقيق أهداف العملية العسكرية التي أطلقتها، في 4 أبريل 2019، للسيطرة على العاصمة الليبية.
وتعرض طلبة الكلية العسكرية، أمس السبت، لقصف راح ضحيته 30 شهيداً وأكثر من 33 جريحاً، بحسب ما ذكره “مركز الطب الميداني والدعم” التابع لوزارة الصحة الليبية.