يضرب الفلسطيني إبراهيم أبو شرخ كفيه ويتمم بحرقة متأسفاً على حال منزله الذي أغرقته مياه الأمطار التي هطلت بشكلٍ كثيف على قطاع غزّة خلال الساعات الماضية.
ويقول أبو شرخ لمراسل “الأناضول”: المنطقة التي أسكن فيها تقع وسط مخيم جباليا شمالي القطاع، وهي منخفضة وتتجمع فيها مياه الأمطار، في كلّ فصل شتاء.
ويوضح أنّه في كلّ سنة يخسر الكثير من أثاث منزله بسبب تسرب مياه الأمطار إلى بيته، إضافة إلى أن أطفاله يصابون بأمراض متعددة نتيجة لذلك.
وتأثرت فلسطين، منذ ظهر السبت وحتى الأحد، بمنخفض جوي رافقه عواصف رعدية وأمطار غزيرة تسببت بتشكل سيول بمناطق متفرقة من قطاع غزة الذي يعاني من بنية تحتية متردية.
نجاة بأعجوبة
على الجانب الآخر في ذات المنطقة بمخيم جباليا، كان أبو رائد عودة، يحذر بصوتٍ مرتفع مجموعة من الأطفال من الاقتراب من منازل تغمرها مياه الأمطار.
أبو رائد وأفراد أسرته نجوا بأعجوبة الليلة الماضية من الموت، فقد غمرت مياه الأمطار منزلهم بشكل مفاجئ وكادت أن تغرق أطفاله الأربعة لولا أن أسرتهم التي كانوا ينامون عليها مرتفعة قليلاً عن الأرض.
ويقول لمراسل “الأناضول”: إنّه أخرج أبناءه وزوجته من البيت بأعجوبة بعد أن غمرته المياه، واتجه بهم نحو منطقةٍ آمنة في منتصف الليل.
ويلفت إلى أنّ تلك المعاناة صارت تؤرقهم على الدوام وتسبب لهم الإرهاق في كلّ وقتٍ يسمعون فيه عن منخفضٍ جوي، لأنّهم باتوا يعلمون مسبقاً ما يمكن أن يواجهونه خلاله، لا سيما في ظلّ عدم جهوزية المنطقة التي يسكنونها بالبنية التحتية الملائمة.
وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، الأحد، بعدد من الصور التي تُظهر أفراد الدفاع المدني، وهم يخلون مواطنين من البيوت في منطقة شمال قطاع غزّة.
تضرر المحال التجارية
أبو محمد عفانة، صاحب مكتبةٍ تبيع القرطاسية والكتب وتقع في وسط المنطقة الغارقة بمخيم جباليا، يبيّن لمراسل “الأناضول” أنّ خسارته خلال الساعات الأخيرة تُقدر بآلاف الشواكل (الدولار يعادل 3.5 شيكل)، بسبب تلف أجهزة تصوير المستندات، وكمية كبيرة من الكتب والقرطاسية بعد تسرب المياه لمكتبته.
ويشير عفانة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تغرق مكتبته ففي العام 2013 ضرب قطاع غزة منخفض جوي شديد وغرقت المكتبة بشكل شبه كلي وتكبد آنذاك، خسائر كبيرة.
أمّا التاجر ياسين جرادة فيتحدث بحسرةٍ عن حاله وجيرانه من أصحاب المحال التجارية، فمحله الذي كان عامراً بالأمس بمختلف أصناف الملابس، صار اليوم عامراً بالماء والطين والنفايات التي وصلت مع مياه الأمطار من الشوارع.
ويروي أنّه أصرّ في منتصف الليلة الماضية على الوصول لمحله، واستخدم في سبيل ذلك لوح خشبي كبير، انتقل خلاله لوسط بركة المياه، وشاهد بعينه متجره وهو يغرق.
بنية تحتية مدمرة
من جانبه، يقول رائد الدهشان، المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني بغزة، في تصريح لـ”الأناضول”: إن طواقمه تعاملت مع غرق 6 منازل مأهولة وأنقذت 154 شخصاً تم إخلاؤهم لأماكن آمنة، بفعل الأمطار الغزيرة شمالي قطاع غزة.
ويوضح الدهشان أن غزارة الأمطار والسيول، ليل السبت وصباح الأحد، تسببت بتعطيل حركة المواصلات في أنحاء متفرقة من القطاع، وألحقت أضراراً كبيرة في متاجر ومنازل المواطنين.
ويؤكد أنّ السبب الرئيس في كلّ تلك المشكلة له علاقة بالبنية التحتية المدمرة في القطاع، بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، والحصار المفروض من “إسرائيل” على غزة، منذ أكثر من 13 عاماً.
ويشير الدهشان إلى أنّ طواقم الدفاع المدني تعاملت مع 8 حرائق في القطاع، وسحبت عشرات السيارات الغارقة، كما أنّها استخدمت القوارب في عمليات الإنقاذ.
إغراق الأراضي الزراعية
وفي المنطقة الشرقية لمدينة غزّة، تقع أرض زراعية يملكها الفلسطيني علي عياد، الذي كان فرحاً بكمية الأمطار الغزيرة التي هطلت، واستبشر بها خيراً، كونها ساهمت في ري محصوله.
ويسرد عياد لوكالة “الأناضول” أنّ ذلك الفرح كُسر، بمجرد سماعه لخبر فتح “إسرائيل” لمحطات تستخدمها لتجميع مياه الأمطار قرب حدود القطاع، تجاه الأراضي الزراعية الفلسطينية، الأمر الذي أدى لانجراف تربة مزرعته واقتلاع أجزاء كبيرة من المحصول.
وتقول وزارة الزراعة على لسان الناطق باسمها أدهم البسيوني في تصريح لـ”الأناضول”: إن “إسرائيل” أغرقت الأراضي الزراعية، ومزارع أبقار، ومزارع نحل شرق حي الشجاعية بعد فتح قنوات وسدود المياه.
وينبه البسيوني إلى أنّ “إسرائيل” تتعمد في كل عام فتح القنوات وسدود المياه لإغراق الأراضي الزراعية دون أي سبب ودون سابق إنذار، وهذا يتسبب بخسائر كبيرة للمزارعين.
وتقيم “إسرائيل” عدة سدود ومحطات لتجميع مياه الأمطار قرب حدود غزة لتستفيد منها فيما بعد، لكنها تقدم على فتح السدود حينما تتكدس كميات كبيرة من المياه.