سلطت الصحف الأجنبية الضوء على ما يسمى بـ”صفقة القرن” وكيف أنها فشلت في تقديم الدعم السياسي لرئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو، حيث نشرت وكالة “بلومبيرج” الأمريكية تقريراً حول مدى الاستفادة التي عادت على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لـ”صفقة القرن”، وذلك تحت عنوان “خطة ترمب تفشل في تقديم الكثير من الدعم السياسي لنتنياهو”.
وأعلن الرئيس الأمريكي، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء الاحتلال في البيت الأبيض، الثلاثاء، خطته المقترحة للسلام بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين، والمعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن”.
وقالت الوكالة في التقرير الذي نشرته على موقعها الإليكتروني وترجمه موقع مصر العربية: إن أحدث استطلاعات الرأي العام تظهر أن الكشف عن خطة السلام للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، التي تتضمن تأييد ضم الاحتلال لأراضي الضفة الغربية لم تمنح رئيس وزراء الاحتلال الدعم الذي يحتاجه للبقاء في منصبه.
ووفقاً لثلاثة استطلاعات نشرتها محطات تلفزيون الاحتلال يوم الأربعاء، فإن نتنياهو الذي يواجه ثالث انتخابات في أقل من عام والمقررة في 2 مارس، لا يزال غير قادر على الحصول على الدعم الكافي لتشكيل حكومة ائتلافية.
فرئيس الوزراء الذي تطارده شبهات الفساد فشل بالفعل في تشكيل حكومة بعد جولتين من الانتخابات عقدت العام الماضي.
وأشارت الوكالة إلى أن حزب الليكود بزعامة نتنياهو أصيب بصدمة في الاستطلاعات، حيث تصدر منافسه حزب أبيض أزرق بزعامة بيني غانتس النتائج.
فقد أظهرت نتائج الاستطلاعات الثلاثة أن حزب أبيض أزرق استعاد القيادة بـتوقعات بالحصول على ما يتراوح بين 34 و35 مقعداً من إجمالي 120 مقعداً، مقابل توقعات بـ33 و34 مقعداً لليكود.
وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، قال ترمب: إن خطة السلام في الشرق الأوسط تقدم حل دولتين واقعياً، مضيفاً أن الدولة الفلسطينية المقبلة ستكون “متصلة” الأراضي.
وأكد أن هذه هي المرة الأولى التي تجيز فيها “إسرائيل” نشر خريطة مقترحة لما يسمى بخطة السلام، موضحاً أن خطته تنص على أن “القدس ستبقى عاصمة غير مجزأة للاحتلال”.
فيما قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية: إنَّ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لا تُحقّق السلام في الشرق الأوسط، لكنّها تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على قبول الوضع الراهن القائم.
وأضافت أنَّ مقترحات التي أعلنها ترمب هذا الأسبوع بأنها “خطة سلام” في الشرق الأوسط، في الواقع، محاولة لإجبار الفلسطينيين على قبول الوضع الراهن، وهو الموقف الذي عززت فيه سلطات الاحتلال سيطرتها على الأراضي المحتلة.
وبحسب الصحيفة، زعم ترمب أنّ خطته ستضع الأسس لـ”حل الدولتين”، وفي الواقع هي أقرب لحل الدولة الواحدة، ويميل بشدة لصالح الاحتلال الصهيوني في القضايا المحورية لمحادثات السلام منذ اتفاق أوسلو، ووضع القدس، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومبدأ “الأرض مقابل السلام”، بعيدًا عن إنهاء الصراع.
ويقول ترمب: إنّ اتفاقه يقدم حلًا مربحًا للجانبين من خلال رؤيته الخاصة لدولتين، وهو يجادل بأنها ستخصص أراضًا للفلسطينيين أكثر مما يحتفظون بها حاليًا، وسوف تفرض وقفا على بناء المستوطنات الإسرائيلية خلال أربع سنوات من التفاوض، ويحمل آفاق استثمار 50 مليار دولار في البنية التحتية.
وترى الصحيفة: “الواقع مختلف، لن تكون عاصمة الفلسطينيين القدس الشرقية المحتلة، كما سعت طويلًا، ولكن ربما في ضاحية مفصولة عن المدينة بحاجز أمني من قبل سلطات الاحتلال، والأهم من ذلك أن الخطة لن تخلق شيئًا قابل للحياة، وبدلاً من ذلك، فهي توفر للفلسطينيين الجيوب المنفصلة في الضفة الغربية، والتي لفترة طويلة، سيكون لهم فقط سيادة جزئية، وسيتعين على الفلسطينيين التخلي عن أي مطالبة بالأراضي التي أقام فيها الاحتلال مستوطنات”.
وفي الواقع، فإن المقترحات تضفي الشرعية على استيلاء الاحتلال على الأراضي في الضفة الغربية الذي استمر منذ سنوات، وأشار بنيامين نتنياهو إلى أنّ سلطات الاحتلال ستضم الآن غور الأردن وجميع مستوطنات الضفة الغربية رسميًا يوم الأحد.
وأوضحت الصحيفة: هذا سيغذي الشكوك بأن الدافع الحقيقي لإطلاق الخطة الآن هو تعزيز الثروات السياسية للرجال الذين قدموا لها، بالنسبة لترمب، فإنه يوفر إلهاء عن محاكمته في مجلس الشيوخ، وفرصة لتصوير نفسه على أنه صانع سلام ويدعي أنه بمجرد تقديم المخطط قد حقق تعهدًا آخر بالانتخابات.
وبالنسبة لنتنياهو الذي وُجهت إليه تهم بالفساد في اليوم الذي تم فيه الكشف عن المقترحات، يمكن أن يحسن فرصه في كسر الجمود السياسي في الانتخابات الثالثة في أقل من عام.
والقيادة الفلسطينية ليست خالية من اللوم، لقد فشلت في معالجة الفساد ورفضت إجراء انتخابات لأكثر من 10 سنوات، تاركة مصداقيتها في الداخل ومعزولة دولياً، ومع ذلك، لا يمكن أن تقبل “الصفقة” كما قدمت.
وأشارت الصحيفة إلى القيادة الفلسطينية ستأمل في الحصول على الدعم من الحلفاء العرب، لكن الزعماء في العالم العربي، الذين يشعرون بالقلق أكثر من إيران وليس “إسرائيل”، وسيحرم الفلسطينيون المعتدلون من أي فرصة لدولة حقيقية خاصة بهم.
وبعد الإخفاقات المتكررة لعملية السلام في الشرق الأوسط، كان من المفيد البحث عن نهج جديد، وسوف يجادل مؤيدو ترمب بأن الخطة تعترف “بالحقائق على الأرض” وتجعل الفلسطينيين أمام عرضًا سيكون من الحكمة قبوله قبل أن تضعف يدهم التفاوضية، لكن هذه الخطة تشبه إلى حد بعيد مكافأة المُحتَلين مع إجبار المُحتلِين على الاستسلام.
فيما نشرت صحيفة “الجارديان” مقالاً للكاتب مايكل فوتشز حول “صفقة القرن” التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب كخطة للسلام بين الفلسطينيين والاحتلال تحت عنوان “سياسة ترمب الخارجية مثيرة للشك، وتنبع من مصلحته الشخصية. وخطته للسلام ليست استثناء”.
وقال الكاتب الأمريكي في المقال الذي نشرته الصحيفة على موقعها الإليكتروني وترجمه موقع مصر العربية: إن خطة ترمب جاءت في 181 صفحة مزودة بالعديد من التفاصيل والرسوم البيانية، لكنها لا تستحق أن تعامل كوثيقة سياسية جادة.
وبدلاً من ذلك رأى الدبلوماسي الأمريكي السابق أنها عبارة عن إصبع وسطى عملاق موجه للشعب الفلسطيني ويضر الشعب الأمريكي و”الإسرائيلي”، بتدمير دور الولايات المتحدة كداعم للسلام.
وأضاف الكاتب أن الوثيقة تزعم أنها تضع رؤية للسلام بين الاحتلال والفلسطينيين ولكنها لن تخلق إلا المزيد من العقبات في وجه التقدم.
فالخطة –بحسب المقال- تعطي سلطات الاحتلال كل شيء يريده المتشددون “الإسرائيليون” كالسيطرة الأمنية على معظم الضفة الغربية، والقدس كعاصمة غير مقسمة، وضم “إسرائيل” لأجزاء من الضفة الغربية بما في ذلك وادي الأردن والمستوطنات “الإسرائيلية”.
وفي نفس الوقت لا يحصل الفلسطينيون على شيء، بحسب المقال الذي رأى أن هذه مفاجأة محدودة بالنظر إلى أن الخطة تم تطويرها دون استشارة الفلسطينيين.
واعتبر الكاتب أن هدف ترمب الحقيقي من الخطة تحقيق مصالحه الشخصية، متوقعاً أن يكون هدف ترمب من إعلان الخطة الآن هو صرف الانتباه عن محاكمة عزله “بحيلة سياسية تضر المصالح الأمريكية”.
وأشار إلى أن ترمب خضع للمساءلة في مجلس النواب، والآن يخضع للمحاكمة في مجلس الشيوخ بتهمة محاولة ابتزاز أوكرانيا لتشويه منافسه السياسي.
ورأى الكاتب أن هذا لا ينبغي أن يكون مفاجأة، فسياسة ترمب الخارجية بالكامل تهدف لمساعدته شخصياً، مشيراً إلى أنه عقد اجتماعات قمة مع نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون، حتى يستطيع أن يدعي النصر على الرغم من انه لم يحقق أي تقدم.
واعتبر أن نتنياهو يحاول أن يفعل نفس الأمر باستغلال الخطة لتعزيز فرصه السياسية في “إسرائيل”، خاصة بعد أن فشل في الحصول على الدعم الكافي لتشكيل الحكومة بعد جولتين من الانتخابات العام الماضي.
ورأى أن نتنياهو جاء إلى واشنطن ليعلن مع ترمب عن “صفقة القرن” حتى يصرف انتباه “الإسرائيليين” عن محاكمته في قضايا تتعلق بالفساد.
وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، قال ترمب: إن خطة السلام في الشرق الأوسط تقدم حل دولتين واقعياً، مضيفاً أن الدولة الفلسطينية المقبلة ستكون “متصلة” الأراضي.
وأكد أن هذه هي المرة الأولى التي تجيز فيها “إسرائيل” نشر خريطة مقترحة لخطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية، موضحاً أن خطته تنص على أن القدس ستبقى عاصمة غير مجزأة لـ”إسرائيل”.
وقال ترمب: إن اليوم هو خطوة كبيرة نحو السلام، مضيفاً أن رؤيته للسلام مختلفة تماماً عما طرح في الماضي، وتتكون من 80 صفحة، واصفاً إياها بأشمل خطة مقدمة حتى الآن.
وأضاف: “إسرائيل” تتخذ خطوة نحو السلام والفلسطينيون يستحقون فرصة لحياة أفضل، وخطة السلام المقترحة بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين هي مسار قوي للأمام.
ومع ذلك قال: إن الدولة الفلسطينية المستقبلية لن تقوم إلا وفقاً “لشروط” عدة بما في ذلك “رفض صريح للإرهاب”، ويمكن أن تكون هناك عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، وتابع أن واشنطن مستعدة للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراض محتلة، لم يحددها.
وفي إطار عرض خطّته، تطرّق ترمب إلى عاصمة لدولة فلسطينية في القدس الشرقية، واقترح تجميد البناء “الإسرائيلي” لأربع سنوات في المنطقة المقترحة للدولة الفلسطينية، وقال: إنه وجّه رسالة للرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن خطة السلام.
وكان نتنياهو قال: إن “صفقة القرن” هي فرصة القرن ولن نفوتها، كما أشاد بها زعيم المعارضة “الإسرائيلي” بيني غانتس باعتبارها مهمة، وتمثل حدثاً تاريخياً، وقال: إنه سيعمل على تطبيقها على الفور بعد انتخابات عامة سينافس فيها نتنياهو في مارس.