كثيرة هي آمال وتطلعات الفلسطينيين عام 2020م، التي بدون شك ستقف أمامها عوائق صعبة، أهمها الاحتلال الصهيوني، وغياب العدالة الدولية في ظل الدعم الأمريكي المطلق للاحتلال، والانقسام الفلسطيني الذي أضر كثيراً بالقضية الفلسطينية.
يحدو الشعب الفلسطيني الأمل هذا العام (2020م) أن تُجرى الانتخابات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، باعتبارها المدخل الوحيد لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتوحيد المؤسسات، وإقامة حكومة وحدة وطنية قائمة على الشراكة السياسية.
ويعتبر الفلسطينيون هذا العام الأكثر صعوبة على قضيتهم، في ظل وجود مخططات للاحتلال الصهيوني بتطبيق قرار ضم الأغوار والبحر الميت والمستوطنات للسيادة الصهيونية، والسيطرة على 60% من مساحة الضفة الغربية، وكذلك استمرار الاحتلال في هدم العشرات من المنازل في القدس واستباحة الأقصى، والأمل الفلسطيني أن تتحرك منظمة «اليونسكو» والأمم المتحدة من أجل تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في الحفريات الإسرائيلية المكثفة في القدس.
وقال مدير مركز القدس الدولي حسن خاطر، لـ»المجتمع»: إن أكبر التحديات التي تواجه الفلسطينيين هذا العام حماية القدس من عمليات التهويد المتواصلة، وصيانة التراث العربي والإسلامي فيها، في ظل تصاعد الهجمة الصهيونية عليها، والهادفة لطمس حضارتها الإسلامية وتهجير الفلسطينيين منها، هذا التحدي يتطلب من العرب والمسلمين في كل أنحاء العالم تعزيز صمود الفلسطينيين في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وضخ مساعدات مالية لها من أجل مواجهة الاحتلال ومخططاته الاستعمارية، وأن يتدخل المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة ومنظمة «اليونسكو» من أجل وقف المجزرة التاريخية والحضارية التي تتعرض لها مدينة القدس التي أدرجت على قائمة التراث العالمي عام 2018م.
وأشار خاطر إلى أن الأمنيات كثيرة، لكنَّ هناك تحدياتٍ جساماً تواجه القدس وأقصاها، خاصة أن الاحتلال سيطر على نحو 85% من مساحة القدس، وطوّق المسجد الأقصى المبارك بالبؤر الاستيطانية، والتخوف الأكبر أن تنفذ عصابات المستوطنين المدعومة من الاحتلال مخططها بإقامة الهيكل المزعوم، وتنقضّ على المسجد الأقصى الذي يتعرض لعمليات اقتحام يومية.
وأكد خاطر أن الاحتلال لن ينجح في قتل أحلام الفلسطينيين في تحرير المسجد الأقصى، والخلاص من الاحتلال باعتبار القدس أرضاً عربية إسلامية.
عام النضال والتحدي
من جانبه، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، لـ»المجتمع»: إن 2020م هو عام النضال والتحدي في معركة الشعب الفلسطيني مع الاستيطان والتهويد، هذه المعركة يجب أن تتوحد فيها كل الطاقات الوطنية، ومغادرة كل أوهام السلام الذي دفنه الاحتلال تحت أساسات المستوطنات، ويجب تصعيد المقاومة ضد الاحتلال، وتوسيع حركة المقاطعة الدولية ودعمها، الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، ويجب محاصرة الاحتلال وبضائعه ومقاطعته في كل المحافل الدولية.
ولفت البرغوثي إلى أن عام 2019م كان عام الاستيطان؛ حيث أقام الاحتلال أكثر من 10 آلاف وحدة استيطانية، ويواصل تنفيذ مخطط الضم الاستعماري التوسعي على حساب الأرض الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف: إن آمال الشعب الفلسطيني هذا العام تتركز في ضرورة اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م، وأن تنجح المؤسسات الدولية في إجبار الاحتلال على وقف عدوانه على الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه؛ يجب التصدي بقوة لـ»صفقة القرن» التي قد تنشرها الإدارة الأمريكية التي باتت شريكة للاحتلال في الاستيطان والعدوان خلال هذا العام، وتهدف في مضمونها إلى إنهاء فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتصفية حق العودة، والاعتراف بضم الاحتلال لمعظم الضفة المحتلة، وهذا يعد عدواناً صارخاً من قبل واشنطن على حقوق الشعب الفلسطيني التي أقرتها المؤسسات الدولية.
الانتخابات والقدس
يضاف للملفات السابقة الممزوجة بالآمال والصعوبات في آن واحد تطلع الفلسطينيين بأن ينجحوا في إجراء أول انتخابات لهم منذ 13 عاماً، آملين أن تكون تلك الانتخابات بداية لإنهاء الانقسام الفلسطيني الذي يعد من أعقد الملفات التي تواجه الشأن الداخلي الفلسطيني.
أما عضو الهيئة القيادية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، طلال أبو ظريفة، فقال لـ»المجتمع»: إن عام 2020م هو اختبار للوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات المجلس الوطني، بعد أن توافقت كافة الفصائل الفلسطينية عليها لأول مرة منذ الانقسام عام 2007م.
وأضاف: بعد التوافق الوطني يضع الاحتلال عراقيل أمام الانتخابات الفلسطينية، من خلال رفضه حتى الآن عقدها في القدس المحتلة، ولا يمكن أن تعقد الانتخابات بدون القدس؛ لأن الموافقة على ذلك معناها الاعتراف بإجراءات الاحتلال وواشنطن لضم المدينة.
وطالب أبو ظريفة المجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الأوروبي بالضغط على الاحتلال لإجراء الانتخابات في القدس، وإذا تمت الانتخابات تكون الكثير من العراقيل قد أزيحت من أمام طريق تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وبعدها يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.
دعم «الأونروا» ورفع الحصار
على صعيد متصل، قال منسق لجنة اللاجئين في القوى الوطنية والإسلامية بقطاع غزة، محمود خلف، لـ»المجتمع»: إن هذا العام يعتبر عاماً حاسماً لـ»وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) بعد التفويض الساحق الذي حصلت عليه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية العام الماضي، هذا التفويض سيمتد حتى عام 2022م، لذلك فالأمل الطموح هو أن يتم تجاوز الأزمة المالية لـ»الأونروا»، والاستمرار في خدماتها، وهذا لن ينجح بدون دعم عربي وإسلامي، والتحدي الآخر هو مواجهة كل المخططات الهادفة لتصفية حق عودة اللاجئين الذي نص عليه القرار الأممي (194).
أما بخصوص الحصار المفروض على قطاع غزة، فأشار خلف إلى أن هذا الحصار الظالم يجب أن ينتهي هذا العام، وهذا لن يصبح واقعاً إلا بتدخل من قبل المجتمع الدولي، وإلزام الاحتلال بالتقيد بتفاهمات التهدئة؛ فلا يعقل أن يستمر الحصار منذ عام 2007 حتى عام 2020م، ونحن نرفع هذا العام شعار «رفع الحصار»، مع التأكيد أن الشعب الفلسطيني وكل قوى المقاومة سيواصلون طريق المقاومة حتى رفع الحصار وإنهاء معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة أثقلهم هذا الحصار الذي تسبب في بطالة تجاوزت 80%، واستمراره يعني أن الأوضاع مقبلة على كارثة لا يمكن لأحد أن يتنبأ بنتائجها.