بعد مشاهدتي ما جرى في جلسة مجلس الأمة، الثلاثاء الماضي، شعرت بالغثيان من رؤيتي كرامة النواب تُهان تحت قبة عبدالله السالم! وبعد مشاهدتي ومعايشتي اليومية لحال طرقنا وشوارعنا اليوم، التي وعدتنا وزيرة الأشغال السابقة قبل سبعة عشر شهراً بأنها بصدد إعادة إصلاحها وما زالت على حالها، وبعد متابعتي لمسار قضية العرب والمسلمين الأولى، وكيف يحاول البعض اليوم التسويق لبيعها للصهاينة وتصفيتها بهذا الثمن البخس.. بعد كل ذلك قررت ألا أكتب اليوم، لا عن الشأن المحلي، ولا عن الشأن غير المحلي! سأكتب اليوم عن حياة لا يؤمن بها الملاحدة، ولا يعترفون بوجودها.. إنها أحوال وأهوال اليوم الآخر!
نعم.. اليوم الآخر، أو يوم القيامة، وما حدا بي للكتابة في هذا الموضوع إلا كلمة قرأتها في مقالة لأحد الملحدين، يستهزئ من وجود هذا اليوم ومما يسمى أهواله! وكان أحد مدّعي الثقافة عندنا قد استغرب ممن يؤمن بهذه الخرافات، على حد قوله، وسمّى أحوال يوم القيامة ترهات خيالية، وهذا قمة الكفر بصريح الكتاب والسُّنة، وأستغرب كيف كتبها بهذه الصراحة الفجة؟!
المسلم يؤمن بأن هذه الحياة الدنيا مرحلة مؤقتة تنتهي بوفاته ثم ينتقل لحياة البرزخ في القبر، وهناك إما أن يكون القبر روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار، ثم تقوم الساعة بعد ظهور الشمس من المغرب، وقبل ذلك ظهور المسيخ الدجال، الذي يقتله المسيح عيسى بن مريم في باب مدينة اللد بفلسطين، ثم تأتي الريح الطيبة التي تقبض أرواح الصالحين، ولا يبقى على الأرض إلا أشرار الناس، وعليهم تقوم الساعة! ثم ينفخ في الصور فيموت كل من في السماوات والأرض، ثم ينفخ فيه مرة أخرى فإذا هم قيام ينظرون، ويجمع الله الخلائق في أرض المحشر، وتدنو الشمس قرابة سبعين ميلاً، ويشعر الناس بالضيق الشديد ويسبح المقصّرون في عرقهم حتى يصل عرق الملحد إلى شحمة أذنه، ثم يأتي الميزان، ويبدأ الحساب «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»! فيتّجه أهل الأعمال الحسنة وأهل الصلاة والصيام والصدقات والدعاة إلى الله، والآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، كل هؤلاء إذا حسنت نواياهم لله ونصرة دينه ودعوته يتجهون بإرادة الرحمن إلى الجنة، أما المشركون والملحدون والمفترون على الدعاة والناقمون على المصلحين، والساخرون والمستهزئون من المتدينين فهؤلاء إن ثبت عليهم فعلهم فمصيرهم جهنم وبئس المصير!
هذه عقيدة المسلمين، والسخرية منها كفر بالإجماع، ودين الدولة الإسلام، ومن أراد غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين.
ظهر الحق وزهق الباطل
بفضل الله، حكمت محكمة أول درجة لي بإلغاء قرار الجهاز المركزي للمناقصات بإيقاف مكتبي الهندسي أربع سنوات، بعد أن رأت هيئة المحكمة بطلان هذا القرار لمجانبته الصواب، ولعدم تحمّلي مسؤولية غرق مدينة صباح الأحمد، وسامح الله من ظلمني واتهمني بما ليس «فيني»، وغفر الله لكل من سيطر الحسد والحقد على مشاعره واتهمني بتحمّل المسؤولية، ولن أدعو على أحد منهم، ولن أرجع عليهم قضائياً، ويكفيني ظهور الحقيقة مع ما تكبّدته من خسائر تقدّر بالملايين، لكن ما ضاع حق وراءه مطالب، «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ».
___________________________
يُنشر بالتزامن مع صحيفة “القبس” الكويتية.