– تركيا تبث صوراً التقطتها طائراتها المسيرة أظهرت وقوع خسائر فادحة في صفوف قوات الأسد
– أنقرة واصلت تحركها الدبلوماسي للحصول على دعم حلفائها في الولايات المتحدة وحلف “الناتو”
– رغم تباين الموقفين التركي والروسي إزاء الواقعة فإن التواصل بين الطرفين لم يتوقف في محاولة لاحتواء الأزمة
– واشنطن اتهمت موسكو ودمشق بمخالفة اتفاق أستانا مشددة على ضرورة وقف إطلاق النار فوراً في إدلب
صعّدت تركيا، الجمعة الماضي، هجماتها ضد قوات النظام السوري على مختلف الجبهات، ثأراً لمقتل وإصابة العشرات من جنودها بضربة استهدفتهم بشكل مباشر في ريف إدلب، الخميس الماضي.
وبثت وزارة الدفاع التركية صوراً التقطتها طائراتها المسيرة، أظهرت وقوع خسائر فادحة في صفوف قوات نظام الأسد، شملت تدمير دبابات ومدرعات ومنصات إطلاق صواريخ، وناقلات للجند وثكنات عسكرية.
فيما واصلت أنقرة تحركها الدبلوماسي للحصول على دعم حلفائها في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولم يستثن التحرك التركي روسيا رغم تصاعد الخلاف بين الجانبين، وتبادل التهم بالمسؤولية عن حادثة مقتل الجنود الأتراك.
تحييد 300 من عناصر النظام
أفاد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في بيان، أجمل فيه خسائر قوات نظام الأسد، أن هجمات مركزة للقوات التركية أدت إلى تحييد أكثر من 300 من عناصر النظام السوري.
وأضاف أكار أن الجيش التركي قصف أكثر من 200 موقع تابع للنظام عبر الطائرات المسيرة والمدفعية، أدت إلى تدمير 5 مروحيات، و23 دبابة، و23 مدفعاً وأنظمة دفاعية.
وتابع: كذلك تم تدمير 10 مدرعات، و3 مستودعات للذخيرة، و5 شاحنات مخصصة لنقلها، ومستودعين لمستلزمات عسكرية، وأحد المقرات التابعة لقوات النظام.
وأشار أكار إلى أن القصف جاء في إطار الرد على هجوم النظام الذي استهدف جنودنا في إدلب، مؤكداً أن الهجوم الانتقامي “ما زال مستمراً”.
وكانت طائرة حربية تابعة للنظام السوري، قصفت تجمعاً للقوات التركية في قرية بليون بريف إدلب، مساء الخميس، فيما قصفت المدفعية التجمع بعد الغارة الجوية مباشرةً، الأمر الذي أدى إلى انهيار المبنى الذي كانت تتمركز فيه القوات التركية، وأوقع الهجوم 33 قتيلاً فضلاً عن 32 مصاباً.
أكد وزير الدفاع التركي، من جهته، أنه عند وقوع الهجوم لم تكن هناك أي مجموعات مسلحة حول وحداتنا العسكرية، مشيراً إلى أن الضربات تمت على الرغم من التنسيق مع المسؤولين الروس، لافتاً إلى أن سيارات إسعاف تعرضت كذلك للقصف.
وأشارت وسائل الإعلام التركية إلى أن هجمات الجيش التركي شملت العديد من المواقع العسكرية بمختلف الجبهات، واستخدمت فيها العديد من الأسلحة ومن بينها الصواريخ البالستية التي استهدفت مطاري النيرب وكويرس في ريف حلب الشرقي، إضافة إلى مطار حماة العسكري، ومطار أبو الظهور في ريف إدلب الشرقي، ومطار منغ في ريف حلب الشمالي.
حراك دبلوماسي واجتماعات دولية
رغم تباين الموقفين التركي والروسي إزاء الواقعة، فإن التواصل بين أنقرة وموسكو لم يتوقف في محاولة لاحتواء الأزمة، حيث أعلن رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، أن الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، بحثا خلال اتصال هاتفي التطورات الأخيرة.
وأشار ألطون إلى أن أردوغان شدد على أن دماء الجنود الأتراك لن تذهب سدى، وأن كل عنصر للنظام هو هدف مشروع لتركيا سيتم استهدافه.
وأكد الرئيس التركي أن بلاده ستجبر النظام على الامتثال لمذكرة سوتشي، مستدركاً خلال الاتصال أن مثل هذه الهجمات لم تثنِ تركيا عن نهجها في إدلب، بل بالعكس زادت من عزيمتها.
وتحدث رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية عن أن أردوغان، وبوتين اتفقا على عقد لقاء مباشر في أقرب وقت، وهو ما أكده الكرملين، في بيان قال فيه: إنه عقب الاتصال الهاتفي بين الرئيسين، ندرس إمكانية عقد لقاء قمة في موسكو يوم 5 أو 6 مارس.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف علق على حادثة مقتل الجنود الأتراك بالقول: إن وزارة الدفاع الروسية لم تتلق معلومات من تركيا حول وجود جنودها في المنطقة المستهدفة، وكان يمكن لتطبيق الاتفاقات بشأن إدلب أن تضمن عدم سقوط قتلى من الجيش التركي.
وتابع، خلال مؤتمر صحفي جمعه بوزير خارجية لوكسمبورج، في موسكو، أن الاتصالات بين روسيا وتركيا مستمرة على مختلف المستويات.
ولم تكتفِ أنقرة بالرد العسكري على النظام السوري، والتواصل مع راعيه الروسي، بل تحركت دبلوماسياً في عدة اتجاهات، حيث دعت حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى عقد اجتماع طارئ بموجب المادة (4) من الاتفاقية التي يمكن أن تلجأ إليها أي دولة عضو بالحلف إذا شعرت أن سلامة ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي والأمني باتت مهددة.
وأعرب الحلف عن تضامنه مع أنقرة، وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ: إن الحلفاء وافقوا على المحافظة على الإجراءات القائمة حالياً لتعزيز قدرات تركيا الدفاعية الجوية.
ودعا ستولتنبرغ روسيا ونظام الأسد لوقف الهجمات الجوية العشوائية، والانخراط في دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل دائم سياسي وسلمي للأزمة في سورية.
كما بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي دونالد ترمب، الوضع السوري بحسب رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، وأشار إلى أن الرئيس التركي أبلغ نظيره الأمريكي أن الدعم الشفهي فيما يتعلق بمنطقة إدلب لا يكفي، وأن أنقرة تتوقع دعماً فعلياً من واشنطن.
وأضاف أن الرئيس التركي أكد تطهير المنطقة المحددة بموجب اتفاق سوتشي من قوات النظام السوري.
وأشار ألطون إلى أن الرئيسين اتفقا على اتخاذ خطوات إضافية عاجلة لمنع المأساة الإنسانية في إدلب.
في هذه الأثناء، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بشأن تطورات الوضع في إدلب، وشهدت الجلسة انقساماً بين معسكرين؛ أحدهما يضم تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، والثاني يضم روسيا وسورية.
واتهمت واشنطن موسكو ودمشق بمخالفة اتفاق أستانا، مشددة على ضرورة وقف إطلاق النار فوراً في منطقة إدلب، في المقابل، قال المندوب الروسي لدى المجلس فاسيلي نيبينزيا: إن الجنود الأتراك الذين قتلوا كانوا موجودين في مناطق منزوعة السلاح في انتهاك لاتفاق التهدئة.
واعتبر مندوب سورية في الأمم المتحدة بشار الجعفري أن وجود القوات التركية بعيداً عن نقاط المراقبة، دليلاً على دعمها للجماعات الإرهابية، مثل “جبهة النصرة”، و”داعش” حسب زعمه.
ورد عليه مندوب تركيا لدى الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو، قائلاً: إن وجودنا في الشمال السوري لحماية المدنيين، وأن الأسد لا يمثل الشعب السوري ولا يستحق الرد عليه.