يأمل المغاربة بتملك عصا الطاقة السحرية للتحول إلى بلد منتج ومصدر للغاز الطبيعي وربما النفط، خلال الفترة المقبلة، في وقت تسجل فيه بلدان شمال أفريقيا، تطورات متسارعة في صناعة الطاقة.
“على بعد خطوة واحد من دخول نادي مصدري الغاز”، يرى خبراء اقتصاد بلادهم خلال فترة وجيرة مقبلة، بعد أن نالت الشركة البريطانية “ساوند إنرجي”، موافقة المملكة، للشروع في تقييم الأثر البيئي لخط أنبوب الغاز.
خط أنبوب الغاز الجديد سيربط البئر الجديدة بحقل “تندرارا” (شرق)، الذي اكتشفته الشركة البريطانية، مع أنبوب الغاز الأوروبي- المغاربي، على مسافة 120 كيلومتراً.
تتواصل المفاوضات بين “ساوند إنرجي” والسلطات المغربية، حتى 31 مارس الجاري، للحصول على عقد إيجار طويل الأمد، لممر بعرض 50 متراً على طول 120 كيلومتراً.
تفاؤل
التباشير البترولية والغازية الجديدة جاءت مع توقيع الشركة البريطانية والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (حكومي)، خلال نهاية أكتوبر الماضي، مذكرة تفاهم تتعلق بالشروط الرئيسة لاتفاقية بيع الغاز الطبيعي المخصص لتشغيل المحطات الكهربائية.
ويُتوقع أن تشرع الشركة البريطانية في إنتاج الغاز من حقول المنطقة بشرق البلاد، خلال عام 2021.
وكانت شركة “إس دي إكس إنرجي” البريطانية، أعلنت عن اكتشاف الغاز الطبيعي على عمق يبلغ 1158 متراً، في حقل يقع في منطقة “للا ميمونة”، بإقليم العرائش (شمال).
وقبلها، أعلنت شركة “ساوند إنرجي” البريطانية عن اكتشافات غاز في منطقة تندرارة، القريبة من مدينة فكيك (شرق)، بالقرب من الحدود مع الجزائر، على مساحة تتجاوز 14500 كيلومتر مربع، وقدرت المخزون المكتشف بنحو 20 مليار متر مكعب.
وزير الطاقة والمعادن المغربي عزيز رباح، قال في برنامج تلفزيوني، في 25 يناير الماضي: لدينا غاز في غرب البلاد يستعمل في الصناعة، كذلك في نواحي مدينة الصويرة بالجنوب.. اليوم وقعنا اتفاقاً مع ساوند إنرجي البريطانية، الذين اكتشفوا الغاز في تندرارا.
وأضاف الوزير: الشركة البريطانية استثمرت في المنطقة 1.5 مليار درهم (154.9 مليون دولار)، ونتوقع أن تستثمر 3.5 مليار درهم (361.5 مليون دولار)، حتى نشرع في الإنتاج.
وتابع: الغاز المتوقع إنتاجه سيمكننا من تغطية 40% من حاجياتنا لمدة 10 سنوات.
تحول متوقع
الوزير السابق المكلف بالنقل، الخبير الاقتصادي محمد نجيب بوليف، قال: إنه من الناحية الجغرافية والترابية، من المفروض أن المقومات الطبيعية على الأقل متوافرة للبلد.
بوليف، أضاف لـ”الأناضول”: المغرب من خلال المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن (حكومي)، له تاريخ طويل في مجال البحث والتنقيب، والمؤشرات على ما يبدو جد محفزة.
وأوضح أن المؤشرات تؤكد أن إمكانية التوفر على الغاز موجودة، إلا أن هناك فرقاً كبيراً بين التنقيب والإنتاج، وأن يصبح المنتج إيجابياً وقابلاً للاستهلاك أو التصدير.
ثلاثة عوامل
ويرى الخبير الاقتصادي المغربي المهدي فقير أن هناك ثلاثة عوامل يمكن أن ترسم معالم الدخول المتوقع للمغرب للنادي الدولي لمصدري الغاز.
وقال فقير لـ”الأناضول”: أولها مدى وجود الكمية القابلة للاستغلال، لأنه من ممكن العثور على الغاز، لكن القابلية للتصدير ترتبط بعامل الوفرة.
وأضاف: نتحدث أيضاً عن اختيارات الدولة وتوجهها نحو الاستثمار في هذا المجال، لا بد من دعم الاستثمار في التنقيب على الغاز، بالشكل اللازم والكافي.. ثالث العوامل هو التوازنات الجيوستراتيجية بالمنطقة.
وأوضح أن المغرب وقع عقداً مع الجزائر في عام 2011 مدته عشر سنوات، بهدف استيراد 640 مليون متر مكعب من الغاز، عبر خط الأنابيب الجزائري العابر للمغرب، والمتجه إلى أوروبا.
وتابع فقير: بالتالي الأمر يخضع لحسابات أخرى ليست اقتصادية وفقط، بل أيضاً سياسية.. المستثمر التقليدي في المنطقة هو الجانب الإسباني، واليوم نجد استثمارات بريطانية في شرق المغرب وشماله.
وأضاف: أعتقد أن الشركة البريطانية سيصعب عليها استغلال الغاز الذي اكتشفته بشرق البلاد، وستكتفي ببيع حقوق الاستغلال للمغرب، ليوجه الإنتاج للاستهلاك المحلي.
حصاد 2019
في 4 نوفمبر الماضي، وبالتزامن مع مناقشة مشروع موازنة 2020 بالبرلمان، توقعت الحكومة المغربية أن يصل الإنتاج الوطني مع نهاية عام 2019، إلى 96 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، و4300 طن من المكثفات.
وغطت عمليات البحث عن مصادر الطاقة التقليدية مساحة إجمالية 110 آلاف كيلومتر مربع، بحسب المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن (حكومي).
وشملت عمليات البحث المذكورة 34 رخصة برية، و28 رخصة في عرض البحر، ورخصة استطلاعية واحدة، و9 عقود امتياز للاستغلال، وذلك حتى نهاية سبتمبر الماضي.
وتقول وزارة الطاقة والمعادن والبيئة: إن حجم الاستثمار في مجال التنقيب عن المحروقات بلغ حتى نهاية عام 2019، 800 مليون درهم (83 مليون دولار).