أكد الشيخ صبحي الطفيلي، أول أمين عام لجماعة “حزب الله” في لبنان (1989 – 1991)، أنه ليس أمام الرئيس الروسي، فيلاديمير بوتين، سوى الرضوخ والتقيد بمقررات خفض التصعيد، بعد موقف تركيا الحازم في محافظة إدلب شمال غربي سورية.
وفي مقابلة مع “الأناضول”، قال الطفيلي (72 عامًا)، هو عالم دين شيعي من بلدة بريتال بالبقاع: إن بوتين حاول أن يستثمر ما بقي من ولاية الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب (يخوض انتخابات في 3 نوفمبر المقبل لولاية ثانية)، الضعيف والمتردد أمام سيد الكرملين، فضلاً عن الفوضى السياسية في البيت الأبيض، لتحقيق سيطرة شبه كاملة على سورية.
وأعلنت تركيا وروسيا وإيران، في مايو 2017، توصلها إلى اتفاق “مناطق خفض التصعيد” في إدلب ومناطق من اللاذقية وحماة وحلب، وفي الريف الشمالي لمحافظة حمص، والغوطة الشرقية في ريف دمشق، بالإضافة إلى القنيطرة ودرعا جنوبي سورية.
لكن نظام بشار الأسد والإرهابيين، المدعومين من إيران، وبدعم جوي من روسيا، شنوا هجومًا على تلك المناطق وسيطروا على ثلاث منها، ثم كثفوا الهجوم على إدلب، وهي “منطقة خفض التصعيد” الأخيرة، قرب الحدود مع تركيا، التي تعتبر إبعاد الجماعات الإرهابية عن حدودها أمرًا حيويًا لأمنها القومي.
وشدد الطفيلي على أن وضع ترامب يفسر هجومه (بوتن) السريع والمستمر على منطقة خفض التصعيد في إدلب، متجاوزًا كل الاتفاقات، ومعتبرًا أن تركيا في وضع ضعيف لا يسمح لها بالمواجهة، وليس أمامها إلا الاستسلام والخروج من سورية.
وإثر مقتل 34 جنديًا تركيًا في اعتداء لقوات النظام بإدلب، في 27 فبراير الماضي، أطلقت أنقرة عملية عسكرية داخل سورية، باسم “درع الربيع”، لمنع قيام “دويلة إرهابية” أو وقوع مأساة إنسانية على الحدود التركية، بحسب نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي.
وتابع الطفيلي: للإنصاف يُسجل بكثير من الاحترام لتركيا موقفها الحازم وبصيرتها النافذة وقدرتها على تحقيق ما ظنه الآخرون غير ممكن، وفرضها على الآخرين احترام مصالحها الحيوية.
وتمنى أن يتعلم السياسيون العرب الحكمة والشموخ من الرئيس التركي، رجب الطيب أردوغان، وعدم الاستسلام للغرب بحجة العجز وعدم القدرة، وأن يتعلموا كيف يصنع القادة من الضعف قوة، ومن الهوان منعة.
وشدد على أنه لم يكن أمام تركيا خيار غير الإقدام وانتزاع النصر في إدلب؛ فلو تهاونت وتراجعت في إدلب، لكانت ستتراجع إلى داخل تركيا، وتخرج من كامل التراب السوري، ويخرج معها ملايين المستضعفين من السوريين، وسيتدفق بعد ذلك الكثير من مرتزقة التنظيمات الإجرامية إلى داخل تركيا.
ورأى أنه بعد الموقف التركي الحازم الشديد ليس أمام بوتين من خيار إلا الرضوخ والتسليم والتقيد بمقررات خفض التصعيد المتفق عليها سابقًا.
وتوصلت أنقرة وموسكو، في 29 فبراير، إلى اتفاق لخفض التوتر ميدانيًا في إدلب، وحماية المدنيين داخل وخارج منطقة خفض التصعيد، وإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للجميع في هذه المنطقة.
الأمر الشيعي
ورأى الطفيلي أنه في بداية الحرب السورية (عام 2011) استدرجت الدعاية الإعلامية للإعلام الإيراني وأتباعه الكثيرين من المتمسكين بالمذهبية، وظن هؤلاء أن الأمر (تدخل إيران وحزب الله عسكريًا في سورية) لا يعدو كونه حماية لبعض القرى والأضرحة (الشيعية).
وأردف: أما اليوم فالجميع يعرف أنه خُدع وغُرر بهم عن دينهم، وباتت الأصوات ترتفع بقوة في وجه الساسة الإيرانيين، وما نشاهده من تظاهرات في العراق ولبنان خير شاهد.
ويشهد العراق ولبنان، منذ أكتوبر الماضي، احتجاجات شعبية غير مسبوقة تطالب برحيل ومحاسبة الطبقة السياسية الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد والارتهان لدول أخرى، في مقدمتها إيران.
ورأى أن الأمر الشيعي سيخرج قريبًا من يد إيران؛ بسبب سياستها المدمرة.
حزب الله
وشدد الطفيلي على أن الجيش السوري ومرتزقة طهران في سورية لا يتحركون من دون أوامر روسيا، ومنذ زمن كل شيء في سورية روسي، وتتظاهر روسيا أحيانًا بالحياد، وهي خديعة مكشوفة تحاول أن تناور من خلالها عند الحاجة.
وردًا على سؤال حول إمكانية انسحاب “حزب الله” من سورية، أجاب: يسعدني أن ينسحب حزب الله من سورية ومعه الإيرانيون، ويُطرد الصليبي الروسي من أرضنا، وتعود سورية إلى أهلنا، وينعم شعبنا فيها بنظام يحترم أهله ويحقق لهم الحياة الكريمة.
لكنه شدد على أن “حزب الله” لا يملك من أمر الحرب في سورية غير المشاركة فقط، بحكم كونه يخضع بشكل كامل للسياسة الإيرانية.
وأضاف أن سياسة إيران في سورية هي الحفاظ على سلطة قاتل الشعب السوري (بشار) بأي ثمن، حتى ولو ضاع السوريون بين القتل والتهجير، وتسلط على البلاد الصليبي الحاقد بوتين.. وإيران تعتمد السياسة نفسها في لبنان والعراق.
وسبق أن انتقد الطفيلي، في أكثر من مناسبة، زج إيران بـ”حزب الله” في الحرب الأهلية السورية، محذرًا من فتح الباب أمام حرب بين السُنة والشيعة، من شأنها أن تقضي على المقاومة ضد “إسرائيل”.