اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات السويدية بممارسة “إجراءات تمييزية” بحق طالبي اللجوء الفلسطينيين في البلاد، وأعرب عن قلقه البالغ على مصير نحو ثلاثة آلاف طالب لجوء فلسطيني، تهدّد الإجراءات الجديدة بشكل مباشر وجودهم في البلاد.
وقال المرصد الذي يتخذ من مدينة جنيف مقرا له، في بيان تلقت “القدس العربي” نسخة منه، إن السلطات السويدية بدأت منذ حوالي ثلاثة أشهر حملة منظّمة تقودها دائرة الهجرة ضد طالبي اللجوء الفلسطينيين، إذ تركزت الحملة على رفض منحهم أذونات إقامة، ومنع تجديد أذونات الإقامة القديمة لمن شارفت إقامته على الانتهاء، دون إعطاء أيّة تفسيرات منطقية، أو ارتكاب المستهدفين بالحملة أيّة مخالفات.
وأكد المرصد أن تلك الممارسات “تنتهك على نحو غير مبرر القانون الدولي”، إذ تستهدف طالبي اللجوء الفلسطينيين بشكل خاص، في حين تتعامل دائرة الهجرة مع طلبات اللجوء من الجنسيات الأخرى بصورة طبيعية، ودون أيّة معوقات تذكر.
وذكر أن طالبي اللجوء الفلسطينيين بدأوا منذ الثامن من يناير الماضي، اعتصاما مفتوحا أمام دائرة الهجرة السويدية للاحتجاج على الإجراءات الجديدة، ولمطالبة السلطات بمنحهم حقوقهم المكفولة بموجب القوانين المحلية والأوروبية والدولية ذات العلاقة، ومعاملتهم بشكل متساوٍ مع أقرانهم من الجنسيات الأخرى.
وأفاد الناشط الفلسطيني كنعان حمد للمرصد الأورومتوسطي fأن الإجراءات تضمنت طرد بعض طالبي اللجوء من بيت الهجرة (مسكن اللاجئين)، وقطع المعونة الإنسانية عنهم، والتي كانت توفّر الحد الأدنى من المال لشراء الطعام، الأمر الذي من شأنه أن يعصف باستقرار وسلامة حياة طالبي اللجوء حال استمرت السلطات السويدية بإجراءاتها.
وبحسب حمد، فإنّ الإجراءات لا تستهدف فقط طالبي اللجوء الجدد، إذ يواجه فلسطينيون يقيمون في البلاد منذ أكثر من 10 سنوات صعوبات كبيرة في الحصول على الإقامة القانونية طويلة الأمد، ولا تمنحهم السلطات سوى إقامة منزوعة الصلاحيات مدتها 12 شهرا، لا تتيح لهم الاندماج في المجتمع، أو الحصول على عمل أو خدمات صحية وتعليمية، بالإضافة إلى حظر الخروج من السويد، ما ضاعف من صعوبة الحياة على أولئك الذين فروا من مناطق الصراع والاقتتال.
وبحسب المعلومات التي حصل عليها المرصد الأورومتوسطي، فإن أكثر المتضررين من قرار دائرة الهجرة هم المتقدمون بطلبات اللجوء حديثا، وأصحاب الإقامة المؤقتة، والفلسطينيون القادمون من قطاع غزة والضفة الغربية والشتات (دول الخليج بالإضافة لليمن وليبيا)، حيث يواجَه القادمون من تلك المناطق بالرفض المباشر، وتبلغهم السلطات بشكل صريح عدم رغبتها بالاعتراف بهم كلاجئين، وتتركهم بدون ترحيل أو دمج قانوني رغم إقرار السلطات بصعوبة الأوضاع من المناطق التي قدموا منها، خاصة قطاع غزة، والذي تذكر في رفضها لطلب اللجوء أن الحياة فيه صعبة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والصحية، ورغم ذلك ترفض الطلب، وتطلب من المتقدم العودة إلى القطاع ومحاولة الحصول على عمل وتكوين عائلة هناك.
وأكد الناشط الفلسطيني حمد أن من بين المعتصمين طالبو لجوء دخلوا يومهم الـ36 في الإضراب عن الطعام، ما تسبب بتهديد حقيقي لحياتهم، كما حدث مع طالب اللجوء أحمد أبو العطا، الذي أصبح يعاني من مضاعفات خطيرة نتيجة الإضراب الذي يخوضه عقب قطع السلطات راتب المساعدة الإنسانية، وطرده من بيت الهجرة وبقائه دون مأوى أو ملجأ، لافتا إلى أن السلطات رحلت بعض طالبي اللجوء لكنّ المطار رفض استقبالهم نظرا لظرفهم القانوني المعقد، كونهم لا يملكون إقامة قانونية، أو حتى جوازات سفر ليتنقلوا بها، حيث يمكثون حتى اللحظة في فراغ قانوني دون الحصول على إقامة دائمة أو تنظيم أوضاعهم القانونية.
من جانبه قال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي، محمد عماد، إنّ إجراءات السلطات السويدية تخالف الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين الصادرة في عام 1951 لا سيما المادة 27، وفيما يتعلق بحق اللاجئين في السكن والطعام والإعانة المالية، أوضح أن السلطات السويدية “مجبرة بموجب القانون الدولي على توفير المتطلبات الإنسانية للاجئين، وهذا ما أكدت عليه اتفاقية اللجوء”.
وأكد المرصد الحقوقي الدولي أن استمرار السلطات السويدية في إجراءاتها التمييزية ضد طالبي اللجوء من الفلسطينيين سيؤدي إلى تهديد حياتهم، داعيا السلطات إلى ضرورة احترام التزاماتها التعاقدية القانونية، كما طالب هيئة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، بضرورة التحرك السريع والجاد للضغط على السلطات السويدية من أجل ضمان حصول طالبي اللجوء واللاجئين المتواجدين على أراضيها على كافة حقوقهم المكفولة وفق القانون الدولي، وضمان تقديم الخدمات الأساسية لهم دون تمييز على أساس الجنسية أو غيرها.