تطورت مجريات انتشار فيروس “كورونا “خلال الساعات الـ 24 الماضية، بعد الإعلان عن اكتشاف حالات جديدة، حيث شرعت الأجهزة الحكومية بتنفيذ قرار إغلاق المعبر الرابط بين الضفة الغربية والأردن، في وجه المغادرين، وربما تتطور لحد إغلاقه نهائيا، في وقت تدرس فيه المستويات العليا في السلطة الفلسطينية قرارا للتعامل مع حركة دخول العمال إلى إسرائيل، في ظل وجود حالات كثيرة مصابة هناك.
وفجر الثلاثاء، أظهرت نتائج الفحوصات المخبرية التي صدرت عن المختبر المركزي لوزارة الصحة إصابة جديدة بفيروس “كورونا” لترتفع أعداد المصابين إلى 26 حالة، منها حالة واحدة سجلت في ضاحية ارتاح في طولكرم، فيما باقي الحالات تم تسجيلها في محافظة بيت لحم.
وقال الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم، في مؤتمر صحافي، إن جميع المصابين بالمرض بصحة جيدة، باستثناء حالة واحدة استدعى نقلها إلى العناية المكثفة، لافتا كذلك إلى أن أعداد الذي يخضعون للحجر البيتي ارتفع لـ 2900 مواطن في الضفة وغزة، بينهم 6 في مدينة القدس، و605 مواطنين عادوا إلى غزة بعد تأديتهم مناسك العمرة.
وبخصوص المعلمة التي أعلن عن إصاباتها في بيت لحم، أكد أنه أخذت عينات من جميع من يشتبه بالاختلاط معها من المعلمات أو الطالبات، وتبين عدم إصابتهم بالفيروس.
وفي إطار الخطط الحكومية لمحاصرة انتشار المرض، قررت الحكومة إغلاق معبر الكرامة، الرابط بين الضفة الغربية والأردن، بعد أن ألمحت الحكومة في اجتماعها الإثنين لقرب تطبيق الخطة، وفتح المعبر صبيحة الثلاثاء، وقالت الإدارة العامة لهيئة المعابر والحدود إنه سيعمل لمدة 24 ساعة في كلا الاتجاهين، وأنه في حال طرأ أي تعديل على ساعات العمل سيتم الإعلان عن ذلك بشكل رسمي.
ويتوقع أن تجري عملية الإغلاق بعد انتهاء هذه المدة، خاصة وأن إدارة المعابر كانت قد أعلنت، ليل الإثنين، أن الإغلاق سيكون حتى إشعار آخر، مع بقاء حركة القادمين كما هي عليه.
وكان رئيس الحكومة الدكتور محمد اشتية قال إن هناك تنسيقا مع الأردن لإغلاق الجسور قريبا، وأضاف: “هذا تنبيه مسبق لمن هو مضطر للعودة للوطن أو الخروج منه”.
وجاء قرار إغلاق المعبر في إطار الخطوات الاحترازية التي تتخذها الحكومة لمواجهة خطر فيروس “كورونا”، وفي ظل توقعاتها بارتفاع عدد المصابين في قادم الأيام، خاصة وأن المصابين الذين اكتشفت إصابتهم خالطوا قبل ذلك العديد من السكان المحيطين بهم من أقارب وأصدقاء، وهو أمر أشار إليه رئيس الحكومة مؤخرا.
وربما تكون خطوة إغلاق المعبر لمنع وصول المرض ليست الوحيدة، خاصة وأن معبر الكرامة ليس الوحيد الذي يسلكه الفلسطينيون من سكان الضفة، خلال تنقلاتهم خارج المناطق الفلسطينية، والعودة إليها، حيث هناك عشرات آلاف العمال من الضفة، وآخرون وتجار من غزة، يتنقلون عبر عدة معابر إلى المناطق الإسرائيلية، التي سجل فيها أكثر من 50 إصابة، ووجود آلاف الحالات في “الحجر الصحي”، والتي يتوقع أن تشهد مناطقها تفشيا كبيرا للفيروس.
وهنا يتردد أن المصاب بـ “كورونا” من مدينة طولكرم شمال الضفة، انتقل إليه الفيروس خلال عمله داخل إسرائيل، حيث يخشى أن يطال الأمر عمالا آخرين كثر.
ولذلك قال رئيس الحكومة الفلسطينية، خلال اجتماعه بالرئيس محمود عباس ليل الأحد، إن المعابر مع إسرائيل التي يسلكها العمال تعد “ثغرة” لتسلل المرض، وقال إن وضع العمال في إسرائيل يبقى “مقلقا” للحد من انتشار الفيروس، وفهم من التصريحات أن هناك مداولات للتحرك قريبا في هذا السياق، رغم أنه لم يتخذ حتى اللحظة أي قرار نهائي بشأن إغلاق المعابر مع إسرائيل.
وقد كشف النقاب عن دراسة الحكومة الإسرائيلية إمكانية السماح لعشرات آلاف العمال الفلسطينيين المبيت في إسرائيل، كي يكون من الممكن فرض “طوق شامل” على مناطق السلطة، دون المساس بالاقتصاد الإسرائيلي، وحسب الاقتراح الذي بلورته الوزارات المعنية في تل أبيب، يخضع هؤلاء العمال لفحوصات، ومن يتضح أنه لا يحمل الفيروس يسمح له بالمبيت لدى مشغليه، أو في مكان آخر يخصص لذلك.
ولا يعرف إن كان القرار هذا في حال اتخذ سينفذ في قطاع غزة، التي لها معبر مع مصر يسلكه المسافرون، وآخر مع إسرائيل يسلكه تجار وعمال ومرضى بشكل يومي، خاصة وأن السلطات الحكومية في غزة التي تديرها حركة حماس، لم تعلن بعد التقيد بكامل إجراءات المرسوم الرئاسي بإعلان حالة الطوارئ لمدة شهر، وأعلنت عن وقف الدراسة في المدارس حتى نهاية الأسبوع الجاري، على أن تحدد فيما بعد قرارها بفتح المدارس أو استمرار إغلاقها كما في الضفة.
وكان مجلس الوزراء دعا خلال جلسته الأسبوعية سكان القطاع، إلى الالتزام الكامل بالتعليمات والتوجيهات التي أطلقها الرئيس عباس، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتجنب وقوع أي إصابات بفيروس “كورونا” في قطاع غزة، وأشاد بالتزام بعض الجهات في القطاع بإجراءات الحكومة، داعيا البعض الآخر إلى الالتزام بالإجراءات منعا لتفشي الوباء.
وفي سياق خطط محاصرة انتشار المرض ميدانيا، قرر محافظ نابلس، إبراهيم رمضان، منع الزيارات للمرضى في المستشفيات والمراكز الصحية، الذين يعانون من أمراض عدة، كما أعلنت المحافظة رفع درجة الجاهزية والطوارئ في المحافظة نظرا للإصابة الجديدة بفيروس “كورونا” التي ظهرت في طولكرم، والعمل على إعداد مركز “حجر صحي” آخر احترازيا في المدينة.
كما قرر محافظ بيت لحم، كامل حميد، تمديد إغلاق المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في المدينة، وقال إن التمديد يأتي بناء على حالة الطوارئ التي تسود الوطن، ونظرا لخصوصية محافظة بيت لحم، ولازدياد حالات الإصابة بفيروس “كورونا”، وأشار إلى أن هذا القرار يتزامن أيضا مع تنفيذ كافة القرارات السابقة بإغلاق المساجد والأديرة والكنائس والمقاهي والنوادي والمتنزهات، وكل أماكن التجمعات العامة، بما فيها الصالات والقاعات.
أما محافظة رام الله والبيرة، ليلى غنام، فقد أصدرت قرارا يقضي بإغلاق المقاهي والمطاعم ومنع كافة التجمعات، حرصا على السلامة العامة، خاصة مع ازدياد رقعة الإصابات بفيروس “كورونا”، كما قررت إغلاق الأندية والمراكز الرياضية، ومقاهي الإنترنت، وصالات الألعاب بكافة أشكالها، احترازيا، بما فيها التجمعات التدريبية لفرق الدبكة والفرق الكشفية، وأعدت غنام واتحاد المستشفيات الخاصة والأهلية خطة تكاملية تحسبا لأي طارئ في حال تفشي فيروس “كورونا” في المحافظة.
واتخذ محافظ القدس، عدنان غيث، قرارا بإغلاق كافة القاعات وصالات الأفراح، والقاعات الخاصة بالفنادق والمسارح ودور السينما، وكافة المقاهي والنوادي الرياضية والدواوين وصالات الألعاب الإلكترونية، حرصا على المصلحة العامة وصحة المواطنين لمنع انتشار فيروس “كورونا”، وطالب المواطنين بعدم التجمع في الأماكن المغلقة، وعدم عقد أو إقامة أي مؤتمرات أو اجتماعات أو ندوات أو ورشات عمل لحين صدور تعليمات جديدة.
وفي غزة، دخل ليل الإثنين آخر وفد معتمرين من السعودية، قبل أن يتم تعليق رحلات العمرة، حيث جددت وزارة الصحة في غزة، التأكيد على كافة المعتمرين العائدين بالالتزام بـ “الحجر المنزلي” الاحترازي لمدة 14 يوماً، مبينة أن من يخالف سيقع تحت طائلة المسؤولية.
ودعت الصحة في بيان لها اليوم، كافة المواطنين لإفساح المجال أمام المعتمرين لتنفيذ إجراءات السلامة خلال فترة الحجر المنزلي والامتناع عن المخالطة والتهنئة المباشرة حفاظاً على صحة الجميع، وأوضحت أنها تتخذ إجراءاتها ضمن “خطة طوارئ” للتعامل مع المراحل المختلفة لتفشي الوباء، مؤكدة من جديد خلو قطاع غزة من مرض “كورونا”.
وتلا ذلك أن أعلن العديد من أهالي المعتمرين وصولهم إلى منازلهم، ودعوا الأقارب والأصدقاء عبر تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتأجيل زيارات التهنئة لمدة أسبوعين.
وفي هذا السياق أيضا، أطلقت دائرة التثقيف وتعزيز الصحة بوزارة الصحة في غزة حملة توعوية للوقاية من فيروس “كورونا”.