بينما أتصفح أرشيف الأعداد، طالعت أخباراً بالعدد الأول حول مسلمي تنزانيا وما كانوا يعانونه من اضطهاد في أعقاب مذابح «جوليوس نيريري» بحق المسلمين هناك لاسيما زنجبار، وكذا أخباراً عن مسلمي الهند وجنوب الباسفيك، ومن وقتها أخذتْ «المجتمع» على عاتقها إفراد مساحة للمسلمين حول العالم، وباب مخصص في موقعها لهذا الغرض، باعتبارهم جزءاً من الأمة، ومكوناً رئيساً من مكوناتها، وعلى مدى 50 عاماً هي عمر المجلة، لم تألُ «المجتمع» جهداً في سبر أغوار واقع المسلمين حول العالم في أعدادها أو متابعاتها اليومية على موقعها الإلكتروني.
الإسلام في الصين.. تاريخ يستحق الانتباه:
يقول د. أسامة منصور، الأستاذ بجامعة القوميات في الصين: في الوقت الذي يحظى المسلم في الدول الإسلامية بكامل حريته الدينية، فإن كثيراً من الأقليات المسلمة في العالم تواجه تحديات كبيرة وضغوطاً متنوعة في ممارسة شعائرهم، وحتى في احتفالاتهم بالأعياد والمناسبات الدينية، ويحتاجون دوماً لمن يهتم بأحوالهم، وتعتبر مجلة «المجتمع» إحدى المنصات التي خصصت وقتها وأفسحت صفحاتها للاهتمام بقضايا المسلمين حول العالم، ولها أياد بيضاء في هذا الصدد، وجهدها مشكور، وبحكم معيشتي وعملي وسط أقلية تعد هي الكبرى في العالم؛ وهي مجتمع المسلمين في الصين، فإن مجلة «المجتمع» قدمت عدة تغطيات لأخبار المسلمين في الصين، منها تقرير حول أهم وأشهر المساجد التاريخية في الصين، وأبرزت هذه المساجد ودورها التاريخي في حياة المسلمين الصينيين.
ويضيف منصور: رغم الدور الكبير للمجلة، فإن ملف مسلمي الصين يحتاج وقفة ونظرة، فالإسلام في الصين عمره بعمر الإسلام في بلاد العرب، وقد اجتاز خلال هذه القرون اختبارات صعبة، استطاع الصمود خلالها حتى أصبح أحد أديان الصين الرئيسة، واستطاع المسلمون أن يسطروا لأنفسهم تاريخاً عريقاً، وظهرت فيهم شخصيات عظيمة تفتخر بها الأمة الصينية كلها، أضف إلى ذلك ما خلفه المسلمون الصينيون من مساجد تاريخية عريقة تعتز الصين بوجودها على أرضها، وقد ضمت الكثير منها ضمن الآثار المحمية على مستوى البلاد، ومن هنا فكل هذا الإرث الحضاري لمسلمي الصين يحتاج من مجلة «المجتمع» أن تسلط الضوء عليه استكمالاً لدورها الرائد في إبراز الدور الحضاري للمسلمين حول العالم ودعم قضاياهم.
ابنة كويت الخير:
يقدم د. إبراهيم بالكيلاني، مدير مدرسة الرابطة الإسلامية بالنرويج، التهنئة لمجلة «المجتمع» بمناسبة مرور نصف قرن على إصدارها، ويقول: تعد مجلة «المجتمع» من أبرز المجلات العربية الجادة، وكل من يحمل اسم «المجتمع» عليه أن يكون في مستوى المسؤولية المجتمعية العامة، ومجلتنا «المجتمع» هي ابنة كويت الخير، وخطها التحريري ومجالات تغطيتها وقضاياها المرسومة على صفحاتها يجعل منها مجلة رائدة، تتنقّل بقارئها في فضاءات الجغرافيا انطلاقاً من الوطنية الصادقة، والإيمان بالأمة الإسلامية الواحدة بتنوعها، فهنيئاً لـ»المجتمع» وأسرة تحريرها بمسيرة الجهد والعطاء المستمر، وهنيئا للكويت.
ومن البوسنة، تقول الصحفية والكاتبة مريم تولتش: أقرأ مجلة «المجتمع» منذ أن كنت في التاسعة من عمري، كانت بالنسبة لي مدداً لا ينضب من المعرفة، وأذكر أن العدد الواحد كانت تتداوله ربما عشر أيادٍ من أسرتي البوسنية، بمن فيهم صديقة أمي السّورية، وجيراننا الفلسطينيون، كانت «المجتمع» من أوائل المجلات العربية في تغطية حرب البوسنة والهرسك، وأذكر حينها أن الصحفي أحمد منصور كان ينشر في «المجتمع» يوميّات الحرب والدمار من داخل البوسنة، وعدداً من المقالات التي تحلّل وتتابع ما يجري، ما أشعرَ عائلتي بأن قضية مسلمي البوسنة جزء من الهمّ العام للأمتين العربية والإسلامية، وأن البوسنيين ليسوا وحدهم في هذه الحرب.
وتضيف تولتش: ورغم انقطاعي عن المجلة بعد الجامعة والسّفر ثم انشغالات الحياة، فإن الأيام أعادتني إليها مجدداً عبر أصدقاء صحفيين يكتبون فيها، ومنهم الأستاذ عبدالباقي خليفة الذي كنت أتابع تقاريره عن البوسنة والهرسك والبلقان عامة، بالإضافة إلى باب «مسلمون حول العالم»، وعدت لقراءة صفحاتها ومواضيعها، ومع تغيّر الزّمان وتعدد وجهات الاطّلاع وتطورها الكبير، ما زالت «المجتمع» تحمل مكانتها المتميّزة.
ومن صربيا يقول د. خير الدين باليتش، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية في صربي: إن مجلة «المجتمع» تعتبر منبراً إعلامياً إسلامياً كانت -وما زالت تهتم- بقضايا المسلمين في كل أنحاء العالم وخاصة الأقليات المسلمة، وقد كنت وأنا طالب أتابع المجلة لما تنشره، وكونها منبر آراء المفكرين من القوميات المختلفة، منها القوميات المسلمة في شرق أوروبا مثل قومية البوشناق والألبان، وما كان للمجلة من دور أثناء حرب البوسنة، وواقع المسلمين في البلقان عموماً، وأتمنى على «المجتمع» الاستمرار في تغطية أحوال المسلمين حول العالم مع الاهتمام باللغات الأخرى.
مسلمو روسيا.. حاضرون في صفحات «المجتمع»:
ومن روسيا، يهنئ د. نضال الحيح، نائب مفتي حوض الفولكا للعلاقات الخارجية، «المجتمع» بمناسبة مرور 50 عاماً على إصدارها، ويرى أن المجلة مارست دوراً مهماً وكانت وما تزال منصة للخبر الصادق والمتابعات المستمرة لواقع المسلمين حول العالم، في وقت قلما تجد من يبحث في قضايا أقليات مسلمة تعيش متناثرة في أطراف هذا العالم الواسع والمتعدد بثقافاته، فـ»المجتمع» تعتبر صوت هؤلاء، على مدى مسيرة 50 عاماً من البذل وخدمة قضايا الأقليات المسلمة، ونحن كأقلية مسلمة في منطقة حوض الفولكا وسط روسيا نعبر عن شكرنا العميق لأسرة مجلة «المجتمع» لما أولته من اهتمام، وأفسحت المجال لنا للتواصل مع المسلمين في شتى بقاع الأرض من خلال نشر أخبارنا والتعريف بنشاطاتنا.
ويقول د. محمد نوشاد القاسمي، مساعد تحرير مجلة «وحدة الأمة العربية المحكمة»، وباحث في قسم اللغة العربية بجامعة دلهي في الهند: إن مرور 50 عاماً على إصدار مجلة «المجتمع» أمر يبعث على السرور، أن تتواصل مسيرة «المجتمع» كواحدة من أكثر المجلات العربية والإسلامية اهتماماً بأحوال الأمة، وما تواجهه من تحديات وما تمر به من عقبات، وما زالت في مسيرتها الصحفية الغراء تتابع ما يجري على الساحتين العربية والإسلامية وقضايا الأقليات المسلمة، وأنا كأحد مسلمي الهند، أشكر للمجلة اهتمامها الشديد بواقع المسلمين في الهند وتسليط الضوء على أزمة كشمير ومسجد بابري ومعاناة المسلمين في ولاية آسام.
مرآة تعكس معاناة الروهنجيا:
ويقول عزيز عبدالمجيد الآراكاني، رئيس المركز الروهنجي لحقوق الإنسان: بعد تحرر أغلب الدول العربية والإسلامية من الاستعمار في الستينيات، بدأ تدريجياً الحراك الإعلامي مع بداية السبعينيات، يحاول التحرر من الرقابة والقيود التي كانت مفروضة للتعتيم على صورة المجتمع المسلم، ومن بين هذه التجارب الإعلامية كانت مجلة «المجتمع» التي بدأت في الإصدار عام 1970م، التي ملأت فراغاً كبيراً في العالم الإسلامي الذي كان يعاني شحاً في الدوريات الإعلامية التي تغطي أحوال المسلمين، ورغم أن «المجتمع» عربية المنشأ، فإنها كانت صاحبة هوية مسلمة، وعلى مدى 50 عاماً أبرزت كثيراً من القضايا الإسلامية لا سيما الأقليات المسلمة، وفي القلب منها قضية الروهنجيا، والمتابعة المستمرة لهذه المعاناة وتطوراتها خاصة بعد أزمة التشريد الأخيرة على خلفية هجمات 25 أغسطس 2017م.
من أفريقيا الوسطى.. متابعة ومشاركة:
أما الداعية والناشط زكريا يونس من أفريقيا الوسطى فيقول: مجلة «المجتمع» تحمل الاسم حقيقة، فهي تغطي أخبار المجتمع الإسلامي، فكنت من متابعيها من وقت لآخر، إلى أن صرت من المشاركين في بعض موضوعاتها، حول مسلمي أفريقيا الوسطى، لقد اهتمت المجلة بهذه القضية وأبرزت الحقائق، فهي مجلة الإنسانية والإسلام بلا منازع، ودعواتنا بالخير للكويت ومجلة «المجتمع» أن تبقى على رسالتها.
ويقول باسيديا درامي، كاتب وباحث من جامبيا: مجلة «المجتمع» في مناسبة مرور 50 عاماً على إصدارها تستحق منا الشكر لاهتمامها بأحوال المسلمين حول العالم لا سيما الأقليات منهم، انطلاقاً من رسالتها وإيماناً بأمة إسلامية واحدة، فقد أفردت مساحات عن واقع المسلمين في مناطق قلما أن يتحدث عنهم أحد أو يهتم بأخبارهم، وأنا شخصياً من قراء المجلة منذ أن درست وعملت في الكويت لمدة 20 عاماً، وتعرفت من خلالها على أحوال مسلمين في مناطق شتى، وهو ما يجعلني أرجو من المجلة تسليط الضوء بشكل أوسع على واقع المسلمين في جامبيا وتعريف ونقل هذا الواقع إلى القارئ العربي.
مجلة تحمل هَمَّ الأمة:
من أستراليا، يقول فواز شوك، رئيس تحرير مجلة «الوسط» الأسترالية: إن مجلة «المجتمع» هي سطور لا تنتهي، وكلمات لا تنطفئ، وصفحات لا تشيب، وأقلام لا تجف، فهي من أوائل المجلات الحالية، تميزت في زمن الصحافة الورقية وحافظت على تميزها في زمن الإنترنت، حملت منذ انطلاقتها هموم الأمة في صفحاتها، وناقشت قضاياها عبر أقلام كتّابها، ونقلت أخبار الجاليات والأقليات بكل مهنية وحرفية، هنيئاً لـ»المجتمع» 50 عاماً من العطاء، رسخت المجلة في وجدان كل باحث عن المعرفة، وفي ضمير كل مهتم بقضايا الأمة وهمومها، ونتمنى أن تبقى «المجتمع» صوتاً ومنبراً للأقليات والجاليات في العالم، ومن بينهم المسلمون في أستراليا ونيوزيلندا وجنوب المحيط الهادئ.
شاهد على الانطلاقة:
من أوغندا، تحدث إلينا د. هارون جمبا، محاضر في جامعة ماكيريري والأمين العام لجمعية المدارس القرآنية، يقول: كنت طالباً أدرس في الكويت في الفترة من عام 1970 حتى 1983م، فكنت شاهداً على الفترات الأولى للمجلة، مما فتح لي الباب للمتابعة عن قرب للمجلة، ومن وقتها ونحن على عهدنا بمتابعتها والتعرف من خلالها على أحوال المسلمين حول العالم، متمنين أن يستمر هذا العطاء الممتد منذ عهد العم عبدالله المطوع يرحمه الله، ونرجو لـ»المجتمع» كل خير وازدهار.
ولدور «المجتمع» في تسليط الضوء على قضيتهم، وجه ناشطون تركستانيون التهنئة لـ»المجتمع» في عيدها الخمسين، فيقول محمود محمد، وكيل جمعية علماء تركستان الشرقية: إن «المجتمع» دائماً ما كانت رسالتها الاهتمام بقضايا المسلمين في شتى بقاع العالم، وساهمت في نشر الوعي، وهي من المجلات الرائدة التي لها السبق، وما تفرده من مساحات لقضايا المسلمين ومنها قضية تركستان الشرقية، وحافظت على نهجها رغم التغيرات المتلاحقة، وأنا كتركستاني أعرف مجلة «المجتمع» منذ نحو 20 عاماً وما يكتب فيها، فهي تربط أبناء الأمة بعضهم بعضاً.
أما عبدالوارث عبدالخالق، رئيس جمعية تركستان الشرقية للصحافة والإعلام، فيقول: منذ أن خرجنا من تركستان الشرقية إلى اليمن لدراسة العلوم الإسلامية واللغة العربية، كنا نتابع باستمرار أعداد مجلة «المجتمع» وما ينشر فيها عن قضايا المسلمين ومعاناتهم وتحدياتهم مثل تركستان الشرقية، وحرب البوسنة والمسلمين في البلقان، والروهنجيا وكشمير، فـ»المجتمع» استطاعت أن تجعل من نفسها جسراً يقرب أبناء الأمة من قضايا بعضهم بعضاً، وعهدنا بها الاستمرار في إبراز معاناة مسلمي تركستان الشرقية وما يتعرضون لها وغيرهم من المسلمين حول العالم.