في ظل تصاعد أزمة “كورونا”، وتسابق الأطباء والباحثين لإنتاج مصلٍ أو دواء لعلاج الفيروس، خلّف فلكي جزائري جدلاً واسعا، بعد زعمه أن فريقا علميا يرأسه توصل إلى دواء لعلاج الفيروس، فيما تؤكد السلطات الصحية أنها تتابع الملف.
ومنذ منتصف فبراير/شباط الماضي، يزعم المختص في علم الفلك والزلازل، لوط بوناطيرو، أن فريقا علميا جزائريا-عراقيا توصل إلى عقار يشفي من وباء كورونا.
ولدى استضافته في قنوات الإعلام المحلية، يظهر بوناطيرو، المعروف لدى الجزائريين بكونه خبيرا فلكيا (يحدد مواعيد الحسابات الفلكية من أعياد وغيرها)، حاملا بيده عينة صغيرة من أنبوب طبي يزعم أنه “الدواء المعالج للفيروس”.
ويقول بوناطيرو إن الفريق العلمي الذي يرأسه، والمشكل من “علماء عراقيين وجزائريين، أجروا تجارب أولية للدواء على مرضى عراقيين أصيبوا بكورونا وكانت ناجحة”.
** وزارة الصحة تتحرك
مزاعم بوناطيرو قابلها تحرك من وزارة الصحة الجزائرية، حيث وجهت الوزارة الفلكي الجزائري، إلى معهد باستور باعتباره الجهة الطبية الوحيدة المتخصصة في علم الأوبئة.
والأربعاء، أعلن بوناطيرو عبر صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، أن “نتائج تحاليل معهد باستور ستظهر قريبا”.
وقال في فيديو مباشر “طمأنني مسؤولون كبار في وزارة الصحة بأنهم وافقوا على مشروع الدواء الذي اكتشفناه، وينتظرون نتائج معهد باستور”.
وتابع: “وعدوني بإعطائي النتيجة خلال أيام قليلة”.
ويتحدث بوناطيرو عن الدواء المحتمل بثقة عالية، وصرّح لإعلام محلي قائلا إن “دولا أجنبية طلبت الحصول على الاكتشاف لكنني فضلت العزة وإنتاجه في بلدي”.
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الرسمية في الجزائر، الأربعاء، عن مدير معهد باستور، فوزي درار، قوله إن “المعهد ليس من صلاحياته إبداء رأيه بخصوص نجاعة أي دواء أو لقاح مهما كانت طبيعته”.
وأضاف درار: “سواء تعلق الأمر باللقاح الذي روج له بوناطيرو أو بدواء آخر، يجب اتباع الإجراءات المعمول بها في الحالات العادية لتسجيل أي دواء ثم عرضه في السوق”.
** الدواء الفعال يتطلب سنوات من التجارب
وزير الصحة الجزائري، عبد الرحمن بن بوزيد ألمح إلى أن التوصل لإنتاج دواء معين، يتطلب سنوات من البحث والتجارب والتدقيق قبل الموافقة النهائية.
وقال الوزير ردا على سؤال صحيفة محلية، بشأن مزاعم بوناطيرو، إنه “على استعداد لقبول الاكتشاف إذا تأكد، ولكن الأمر ليس سهلا”.
وأفاد بن بوزيد بأنه استقبل بوناطيرو، ووجهه إلى معهد باستور لفحص الملف العلمي للدواء أو الطريقة الدوائية التي قال أنه يمتلكها لمحاربة كورونا.
وتابع “أنا موافق ومستعد لدعم خبراء جزائريين أو من دول عربية، ولكن الأمر يخضع للخبراء وهو ليس بالأمر الهين”.
وتطرق الوزير إلى أن إجراءات إنتاج دواء تمر بمراحل عديدة، حيث “تجرب في المخابر ثم على الحيوان ثم تخضع لتجارب سريرية على أشخاص متطوعين”.
وأضاف “كل مرحلة تخضع لفحص دقيق من قبل خبراء، قبل أن ترفع لمنظمة الصحة العالمية وكل هذا يتطلب سنوات”.
** المرحلة الثانية
غير أن بوناطيرو، كشف في حديث مع الأناضول، أن المسار الإجرائي لتجهيز الدواء، دخل المرحلة الثانية.
وقال: “حصلنا على نتائج تحاليل الدواء، من معهد باستور، والآن كمرحلة ثانية سيعرض على الخبراء المختصين لتصنيفه والبت فيه”.
وأوضح بوناطيرو أن “مدير معهد باستور كان محقا عندما قال إنه ليس مخولا بالحكم على نجاعة الأدوية، المعهد يقوم بالتحاليل والفصل والتصنيف بيد المختصين”.
وأضاف أن اكتشاف الفريق العملي الجزائري-العراقي الذي يرأسه، ليس “بدواء ولا بمكمل غذائي، وإنما مستحضر طبي، بمعنى أنه مكون من مواد طبيعية ومواد أخرى ليس لها مضرة على جسم الإنسان ولا آثار جانبية”.
وبشأن إجراءات إنتاج الأدوية التي تتطلب سنوات، قال بوناطيرو أن الأمر لا ينطبق على اكتشافه، “لأننا أمام حالة وبائية عالمية تتطلب تسريع الإجراءات لأقصى درجة”.
لكنه رفض إعطاء موعد محدد للشروع في إنتاج الدواء، قائلا “لا استطيع أن أقدم تاريخا معينا، ولكننا نشتغل عليه ليل نهار”، مؤكدا تلقيه تطمينات من مسؤولي قطاع الصحة بالبلاد لدعم المشروع.
**جدل على شبكات التواصل الاجتماعي
وفي 16 مارس/آذار الجاري، قال محمد يوسفي رئيس مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى بوفاريك بمحافظ البليدة (وسط)، إن الدواء المزعوم لبوناطيرو “لم يخضع بعد لأي إجراء معمول به في إنتاج الأدوية واللقاحات”.
وأضاف يوسفي لقناة “البلاد” (خاصة): “أي إنسان له اقتراح دواء يقدم لوزارة الصحة على مستوى مديرية الصيدلة ويخضع للخبرة العلمية”.
وتابع: “بناء على معلوماتي، لم يتم ذلك بعد، ولم تجر على اقتراح دواء بوناطيرو أي اختبارات”.
ويلقى مشروع الفريق العلمي الجزائري-العراقي، الذي أطلق عليه “دواء بوناطيرو”، تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، بين داعم ومستهزئ.
علي غرد بصورة لمجموعة من العلماء الجزائريين بينهم بوناطيرو قائلا: “أمة ضحكت من جهلها الأمم.. أمة تحتقر علماءها وتمجد سفهاءها.. هذه الصور لبعض العلماء والباحثين الجزائريين تم تهميشهم فشهد لهم العدو قبل الصديق بكفاءتهم.. البروفيسور بوناطيرو لم يقل أنا اخترعت دواء بل قال أنا الناطق الرسمي باسم فريق علمي قام باختراع دواء”.
أما رمزي فكتب: “الكثير يستخف ويستهزأ بعالم الفلك لوط بوناطيرو لأنه تحدث عن قيامه ببحث مع فريق طبي عراقي لايجاد علاج كورونا نحن لا نعلم قد يكون الشفاء على يده… فكم من عالم وباحث جزائري أو عربي حقق اكتشافات عجز عنها الغرب”.
من جهتها غردت مريم: “لا أشك في نوايا الحكومة، أحس أن هناك حواجز أكبر من بوناطيرو والوزير وحتى تبون، القوى الكبرى في العالم هي التي تتحكم في الأمور وهناك حرب بيولوجية، لن يسمح لأي دواء بظهور إلا إذا أرادو ذلك وبعد تنفيذ مخططاتهم”.
أما خالد فكتب: “أولا: علميا لا يوجد دواء للفيروس.. ثانيا: دول تصرف ميزانيات ضخمة من أجل دراسات وبحوث حول دواء معين ولم تصل إليه بعد ثم يأتي بوناطيرو ويقول وجدنا دواء.. لا تصدق فكرة بوناطيرو”.
وحتى صباح الخميس، سجلت الجزائر 82 حالة مؤكدة بفيروس كورونا فيما أطلقت البلاد حالة التأهب من الدرجة الثانية، وأغلقت الحدود البرية والبحرية ومنعت المسيرات والتجمعات.
كما أصاب كورونا حتى صباح الجمعة، أكثر من 246 ألفا في 182 بلدا وإقليما بينهم أكثر من 10 آلاف وفاة، أغلبهم في الصين وإيطاليا وإيران وإسبانيا وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.