نعم أيها القاريء الكريم.. عقل المسلم المتزن الذي يعلم ويعتقد عقيدة بوحدانية الله تعالى وقدرته المطلقة التي تأتي من خلال الأسباب وأيضاً من غير أسباب، فهو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى وبين الكاف والنون يكون ما شاء أن يكون .
أما الأرعنين فهما من نعاني منهما عموماً في الحياة الطبيعية، ونعاني منهم أكثر في الأزمات؛ بل لعل الأزمات تظهر حقيقة رعونتهم أكثر وأكثر، وأنهم ما بين النفاق والجهل والسطحية والكذب يعيشون بيننا .
الأرعنين أحدهما من ينظر إلى العلمانية على أنها الأقوى من أي شيء.. ولا نعني بالعلمانية هنا العلم كما يكذب العلمانيون.. ولكن نعني بهم أهل النفاق الكذبة الذين يسخرون من الدين؛ وهم اليوم فرحون في إغلاق المساجد وصلاة الجماعة واغلاق المساجد التي تشد لها الرحال ” الحرمين والاقصى ” فرحون بذلك بشكل أو بآخر، وهم اليوم الأقل عملاً خدمة للناس.. نعم.. فهذا ديدنهم في هذه المواقف، فهم لايجيدون العمل إلا إذا كان في هدم الإسلام أو تسطيحه والسخرية من المعتقد الحق ورجال الحق فيه، فخدمتهم لا تصب إلا بالحرب على الإسلام والتوحيد ..
أما الأرعن الآخر فهو لا يقل خطورة على الحياة، ولكن.. لاشك بعضهم أفضل من النوع الأول إذا كان كما نقول: إنه على نياته ..
أدعياء التوكل على الله دون الاخذ بالأسباب والسماع للفقهاء والحكماء، فلاشك ولاريب هم رعناء وأهل تواكل لا توكل على الله تعالى الذي خلق الأسباب للإنسان، وأول من استعمل هذه الأسباب بكل دقة وتسليم لله هو من قال الله فيه: ” ولكم في رسول الله أسوة حسنة ” أي به نقتدي عليه الصلاة والسلام .
نعم هو عليه الصلاة والسلام صاحب الحوار مع صاحبه يوم أن استعمل الأسباب بداية ونيّة: ” السرّية للهجرة والكتمان، الهجرة بعينها، التخفي خلال الهجرة والتمويه، وتزود بالزاد، وخدمت عليهما ذات النطاقين سراً ” فبين الله تعالى في كتابه هذا بايجاز وبلاغة ومنطق وعقل، ” إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فانزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم “.. نعم بذل عليه الصلاة والسلام كل الأسباب التي ذكرناها متوكلاً على الله هجرة إلى المدينة عليه الصلاة والسلام.. وهو النبي المرسل والقدوة الحسنة.
نعم يا رعناء الدعوة إلى الله دون الأخذ بالأسباب، فأنتم لن تكونوا أفضل من الأنبياء؛ بل أنتم الرعناء، وها هو الله تعالى يصنع لنا منهجاً مع سيدنا إبراهيم ليعريكم ويعري عقولكم الخدّج؛ قال الله تعالى: ” وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم”.. نعم بذل الأسباب بالحركة والقواعد الإنسانية التي تخدم على البشرية والتوكل عليه من خلالها والدعاء بعد بذل السبب، وإن كان الدعاء وسيلة أيضاً وسبباً ولكنه يأتي بعد الحركة بذلاً للأسباب والأخذ بها ولا يكون ذلك إلا إذا وقر المنهج في القلب والعقل والوجدان فكان حركة للجوارح يارعناء ..
أقول لهؤلاء الرعناء ما رأيكم فيمن يقول لا تدعو الله ولا تتقرب إليه وتوكل عليه صمتا فقط! واترك الأمر هكذا؛ وكما نقول في الكويت ” وخل القرعة ترعى!! ” اتقبلون هذا القول المنحط يا ……!
أخيراً.. سيدنا موسى.. ألا يستطيع الله أن يشق له اليم أو البحر من غير أن يضرب بعصاه البحر!!؟.. بلى ورب الكعبة؛ فهو القادر على كل شيء، ولكن ليلجم الله رعناء ذاك العصر من علمانيين وأهل الانبطاح أتباع وعبدة فرعون، ورعناء الجهل والسطحية الذين يدعون أنهم كالأنبياء والرسل وهم أتفه مما نتصور وماهم إلا صنّاعاً للفوضى باسم التوكل وهم رعناء سفهاء التواكل ..
قال تعالى: ” فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم “
وهو القادر ان يصنع من الحجر اثنا عشر عيناً من غير أي حركة كما فعل مع الناقة، ولكنه سبحانه عالم بسفهاء الماضي والحاضر والمستقبل؛ فقال في كتابه العظيم ملجماً الرعناء: ” وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنا عشر عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ..
نعم.. “لا تعثوا في الأرض مفسدين” واسمعوا وطبقوا قول العلماء الفقهاء والمسؤولين الذين يعلمون مصلحة العباد والبلاد يا رعناء الحاضر.
ــــــــــــــــــ
(*) إعلامي كويتي.