يوفر الحجر الصحي (المنزلي أو المؤسسي) في ظروف أزمة كورونا فرصة ذهبية للتصالح مع عادة القراءة، فمن المهم التفكير باكتساب عادة القراءة ضمن إستراتيجية تحويل المحنة إلى منحة.
ولعل أفكار وطرق كيفية اكتساب عادة القراءة متوافرة على مواقع الإنترنت، ويمكنكم العودة إليها، ولكني سأركز هنا على طريقة مبتكرة خاصة بفترة الحجر الصحي، وأتوقع أنها ستكون مفيدة في هذه الفترة بالتحديد، وخطوات هذه الطريقة هي:
1- البحث عن عناوين كتب لا تتوفر لديك حالياً في المنزل، وغير متاحة على شبكة الإنترنت، ومتوفرة عند بعض أصدقائك القريبين منك، ويمكن الاستعانة ببعض المختصين لإرشادكم عن أماكن هذه الكتب (أ. صالح المسباح نموذجاً).
2- احرص على أن تكون الكتب المختارة مرتبطة بتلبية بعض احتياجاتك اليومية والعملية، حتى تشعر بعد قراءتها بفوائد القراءة.
3- قم باستعارة هذه الكتب من أصدقائك القريبين منك لقراءتها في هذه الفترة، وتعهد لهم بإعادتها بعد الانتهاء منها، أو بعد انتهاء فترة الحجر.
4- تواصل مع بعض الأصدقاء الذين ترى أن لديهم اهتمامات بمحتويات الكتب، واتفق معهم على تحديد لقاء بعد فترة الحجر لتتحدث معهم عن محتويات تلك الكتب.
5- اكتب رسالة على صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، لإخبار أصدقائك بأنك تعتكف حالياً خلال فترة الحجر على قراءة بعض الكتب، وأنك ستقدم لهم خلاصات مفيدة بعد انتهاء فترة الحجر، ولعلك بذلك تكون مشجعاً لهم، خصوصاً إذا كانت عملية تبادل الكتب ضمن المجموعات.
وبالإمكان تطبيق ذلك عمليًا في مجموعات “واتساب”، سواء العائلية، أو الأصدقاء وربع الديوانية (كل ديوانية مشروع مستقل)، ورواد المسجد.. إلخ، فالكل في الهم سواء، وتشجيع بعضكم بعضاً، وتكليف أحدكم بإدارة المشروع القرائي، والتزام من يقرأ بتقديم ملخص مكتوب من صفحة واحدة، ومن ثم فتح باب الحوار فيها، وهذه فيها تدريب على الاختصار في الكتابة، وهذا فن بذاته.
وليس بالضرورة أن يشترك الجميع، فيكفي أن تكون أنت المبادر بالقراءة، وكتابة الملخص وإرساله لهم، بما لا يقل عن كتاب كل أسبوع.
وقد يستغرب البعض لماذا أتحدث عن استعارة الكتب، ولا أتحدث عن شرائها، أو قراءة بعض الكتب المتاحة على مواقع الإنترنت، والواقع أن النصيحة بشراء الكتب أو قراءة الكتب المتاحة على الإنترنت توجه لمن لديهم شغف القراءة، وأصبحت القراءة بالنسبة لهم عادة يومية، ولكن من يريد اكتساب هذه العادة؛ يحتاج في البداية إلى بعض الالتزامات التي يفرضها هو على نفسه، والخطوات السابقة تحقق هذه الالتزامات.
فاستعارة الكتب تفرض عليك قراءة الكتب في مدة محددة في فترة الحجر الصحي، لأنك ملزم بإعادة الكتب بعد ذلك أو قبلها، والإعلان في صفحات مواقع التواصل عن تقديمك خلاصات لهذه الكتب؛ سيحفزك على القراءة، وبعد الفوائد التي ستجنيها من القراءة، ستتحول القراءة بالنسبة لك إلى عادة يومية.
ولا مانع من نشر الصفحة الملخصة للكتاب عبر وسائل التواصل المختلفة مثل “فيسبوك”، و”تويتر”، و”إنستجرام”.. وغيرها، ومواقع ثقافية وصحفية، بحسب انتشارك وعلاقاتك وحركاتك.
لنتصالح مع القراءة بهدوء، ونعود إليها بتروٍّ، ونشجع أبناءنا عليها بذكاء، وإلا سيخرج علينا جيل سطحي الثقافة والقراءة.