اتفق تحالف “أوبك+” على أن يخفض إنتاج النفط بين 10 و11 مليون برميل يومياً، فيما ستخفض الدول الأخرى 5 ملايين برميل، مثل البرازيل والنرويج والولايات المتحدة، حسبما نقلت رويترز عن مصادر ووزير النفط الإيراني مساء الخميس، في حصيلة أولية لمؤتمر عقدته الأطراف المعنية عبر دائرة تلفزيونية.
لكن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه قال إن ثمة مقترحين يجري تداولهما، أحدهما يقضي بخفض إنتاج “أوبك+” 10 ملايين برميل، والآخر 11 مليوناً، وأعلن استثناء إيران وفنزويلا وليبيا من التخفيضات.
وعقدت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ومنتجون آخرون تتقدمهم روسيا، عصر اليوم الخميس، مؤتمراً عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، لبحث تخفيضات قياسية في إنتاج النفط، لدعم الأسعار التي تدهورت بفعل جائحة فيروس كورونا، لكن المحادثات تشوبها خلافات داخلية وممانعة الولايات المتحدة الانضمام لأي تحرك.
وفيما كان الاجتماع لا يزال منعقداً، زادت العقود الآجلة للنفط مكاسبها عصراً عقب بدء الاجتماع، ليصعد برميل خام برنت 5%، ويزيد سعر الخام الأميركي 10%، قبل أن تبدّل الأسعار اتجاهها هبوطاً في آخر التداولات.
يأتي ذلك بعدما أشارت بيانات إلى تراجع الطلب العالمي على الوقود بما يصل إلى 30% بعدما أدت إجراءات مكافحة انتشار الفيروس لتوقف الطائرات والحد من استخدام السيارات وكبح النشاط الاقتصادي.
وبلغت أسعار خام القياس العالمي برنت أدنى مستوى في 18 عاماً، الشهر الماضي، ويجري تداول الخام بأقل من 34 دولاراً للبرميل، أي عند نصف مستويات نهاية 2019، وهو ما وجه ضربة عنيفة لميزانيات الدول المنتجة للخام وصناعة النفط الصخري الأميركي عالية الكلفة.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، إنه توصل إلى صفقة مع السعودية وروسيا يمكن أن تؤدي إلى خفض الإمدادات العالمية بين 10 ملايين و15 مليون برميل يومياً، بما يعادل ما بين 10% و15% من الإمدادات العالمية، وهو خفض غير مسبوق.
وأشارت مصادر في “أوبك” لـ”رويترز”، إلى أنّ خفضاً كبيراً كهذا ممكن إذا شاركت الولايات المتحدة، لكن واشنطن لا تُبدي استعداداً للمشاركة. وسيبحث وزراء من “أوبك+”، التي تشمل أعضاء “أوبك” وروسيا ومنتجين آخرين، إلى جانب مشاركين إضافيين، الأمر في اجتماع عبر دائرة تلفزيونية مغلقة الساعة 14 بتوقيت غرينتش. وتلقت الولايات المتحدة دعوة للمشاركة.
وأشارت الرياض وموسكو، اللتان اختلفتا عندما انهار اتفاق سابق على كبح الإمدادات في مارس/ آذار، إلى أن اتفاقهما على تخفيضات جديدة أكبر بكثير سيعتمد على تخفيض الولايات المتحدة للإنتاج أيضاً.
وتقول واشنطن إن الإنتاج الأميركي يتراجع تدريجياً بسبب انخفاض الأسعار، لكن روسيا قالت إن هذا التراجع ليس مماثلاً لخفض الإنتاج.
وتسعى موسكو والرياض جاهدتين للاتفاق على المستويات التي ينبغي أن تكون أساساً للتخفيضات.
وقال مصدر أحيط علماً بالسياسة السعودية، لـ”رويترز”، إنّ المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، مستعدة لخفض قدره 4 ملايين برميل يومياً، لكن عن مستوى الإمدادات المرتفع في إبريل/نيسان البالغ 12.3 مليون برميل يومياً، وليس عن مستوى مارس/آذار البالغ 10 ملايين برميل يومياً.
وتقول موسكو إن التخفيضات يجب أن تكون على أساس مستويات الإنتاج في الربع الأول. وقال مصدران روسيان إن الحد الأقصى لخفض إنتاج النفط الروسي سيبلغ مليوني برميل يومياً، ويبلغ إنتاج روسيا الحالي نحو 11.3 مليون برميل يومياً.
“التخفيضات لن تكفي”
قال مصدر روسي، لرويترز: “لست متأكداً من الكيفية التي ستسوي بها روسيا والسعودية خلافاتهما اليوم”، وهو ما عبر عنه مصدران في “أوبك” أيضاً.
وقال “غولدمان ساكس” و”يو.بي.إس”، اليوم الخميس، إنّ التخفيضات المقترحة، رغم ضخامتها، لن تكفي لمعالجة التراجع الهائل في الطلب العالمي، وتوقعا إمكانية انخفاض أسعار الخام إلى 20 دولاراً للبرميل، بل وأقل من ذلك.
وقال “غولدمان ساكس”، في مذكرة: “في نهاية المطاف، حجم صدمة الطلب هو ببساطة أكبر بكثير من أي خفض منسق للإمدادات”.
وانهار الطلب على البنزين في الولايات المتحدة 48% إلى 5.1 ملايين برميل يومياً، في الأسابيع الثلاثة المنتهية في 3 إبريل/نيسان.
واجتماع “أوبك+” اليوم، سيعقبه مؤتمر بالهاتف، غداً الجمعة، لوزراء الطاقة بدول مجموعة العشرين، تنظمه السعودية أيضاً.
وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، في تصريح تلفزيوني، اليوم، إن محادثات الجمعة قد تشهد إعلان دول مستوردة للنفط عن خطط لمشتريات بهدف بناء احتياطياتها الاستراتيجية ودعم الطلب.
وقد تأمر عدة ولايات أميركية الشركات الخاصة بالحد من الإنتاج بموجب سلطات يندر استخدامها. وتجتمع الجهة التي تنظم صناعة النفط في ولاية تكساس، أكبر ولاية منتجة للنفط في البلاد حيث تنتج نحو 5 ملايين برميل يومياً، يوم 14 إبريل/نيسان لبحث تخفيضات محتملة.
لكن ترامب لم يُبد أي رغبة في خفض إنتاج بلاده، بل وحذر من أن لديه خيارات كثيرة إذا أخفقت السعودية وروسيا في الاتفاق على تخفيضات للإنتاج. ودعا عضوان في مجلس الشيوخ الأميركي، في وقت سابق، البيت الأبيض لفرض عقوبات على الرياض وسحب القوات الأميركية من المملكة وفرض رسوم على واردات النفط السعودي.
وتحتاج موسكو والرياض لتجاوز خلافاتهما التي اندلعت خلال اجتماع بين أعضاء مجموعة أوبك+ في فيينا في 6 مارس/آذار، عندما رفضت روسيا المشاركة في خطط لتخفيضات تدعمها السعودية.
وقالت الرياض بعد ذلك إنها ستبدأ ضخ النفط بطاقتها القصوى لزيادة حصتها السوقية، فيما قالت موسكو في البداية إنها ستحذو حذوها لكنها تراجعت سريعاً بسبب انهيار أسعار النفط مع إغراق السوق المتخمة أصلاً بالخام الإضافي.
وأوردت وكالة “تاس” الروسية للأنباء أن أي تخفيضات ستستمر على الأرجح لثلاثة أشهر بدءاً من مايو/أيار. وبلغ أكبر خفض للإنتاج توافق عليه “أوبك” على الإطلاق 2.2 مليون برميل يومياً وذلك في 2008.