دخل قطاع العقارات في الأردن في ركود تام، بسبب جائحة كورونا، التي أدّت إلى شلل عام في الأنشطة الاقتصادية كافة، ما يزيد من الصدوع التي يواجهها القطاع بالأساس منذ بضع سنوات، بسبب نزوح رؤوس الأموال وتراجع القدرات الشرائية لكثير من المواطنين.
وقررت الحكومة، نهاية الأسبوع الماضي، تمديد فترة التعطل عن العمل إلى نهاية الشهر الجاري، بينما بدأت في الثامن عشر من مارس/ آذار الماضي، وسط توقعات حكومية بألا تعود الحياة إلى طبيعتها قبل عيد الفطر (نهاية مايو/ أيار)، ما يزيد من مأزق قطاع العقارات الذي تعتمد عليه عشرات الأنشطة الصناعية والتجارية.
وقال رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان، كمال العواملة، لـ”العربي الجديد”، إن القطاع في حالة شلل تام منذ بداية أزمة كورونا، حيث توقفت كافة المجالات العقارية والاستثمارية نهائياً.
وأضاف العوالمة أن توقف القطاع ينطوي على مخاطر كبيرة للاقتصاد الأردني بشكل عام، وكذلك المستثمرين والعاملين فيه، إضافة إلى حدوث أزمة نقص في عدد الوحدات السكنية، التي يحتاج إليها الأردن سنوياً، وتقدر بنحو 45 ألف وحدة جديدة، إذ يرتفع الطلب في فترة الصيف.
وتابع: “خسائر القطاع تقدّر بمئات ملايين ملايين الدولارات، وستتجاوز عتبة المليارات إذا ما طال أمد الأزمة، إضافة إلى فقدان عشرات آلاف العمال والفنيين أعمالهم، وكذلك الأضرار التي ستلحق بخزينة الدولة نتيجة توقف مبيعات العقارات، بينما هناك رسوم وضرائب على الأراضي والشقق السكنية وغيرها من مواد البناء”.
وتراجع تداول العقارات العام الماضي 2019 بنسبة 11 في المائة عن العام السابق عليه، بحسب البيانات الصادرة عن دائرة الأراضي والمساحة، وذلك على الرغم من الإجراءات التحفيزية التي أقرّتها الحكومة الأردنية في تلك الفترة، حيث سجلت المبيعات 6.53 مليارات دولار مقابل 7.33 مليارات دولار في 2018.
وكانت الحكومة قد قررت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي خفض رسوم تسجيل العقارات إلى 4.5 في المائة مقابل 9 في المائة سابقاً من القيمة الإجمالية للعقار، وخفض رسوم نقل الملكية بين الأقارب من الدرجة الأولى. بينما يتوقع العوالمة أن تقفز نسبة تراجع المبيعات إلى نحو 70 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي.
وأشار العواملة إلى أن تداعيات الوباء تزيد من المعيقات التي يواجهها القطاع، وأثرت عليه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، منها كلف البناء وزيادة الضرائب التي طاولت مختلف المستلزمات، وكذلك الارتفاع غير المسبوق لأسعار الأراضي، خاصة في العاصمة عمان ومراكز المحافظات.
ولفت إلى ضرورة إعادة النظر في مجمل الضرائب المفروضة على مواد البناء، والعمل على خفض قيم تقدير الأراضي المرتفعة، وما يترتب عليها من ارتفاع في رسوم التسجيل، وضرورة تبسيط إجراءات الترخيص، والسماح بزيادة مساحات الشقق في المشاريع الإسكانية وأعداد الطوابق.
وبحسب بيانات جمعية مستثمري قطاع الإسكان، توقفت 200 شركة إسكان وعقارات أردنية عن العمل العام الماضي، بسبب عدم السماح للمقاولين ببناء أقصى عدد من الوحدات السكنية في العقار الواحد وتأخر إصدار التراخيص.
وتشير البيانات إلى أن عدد شركات الإسكان يبلغ نحو 2700 شركة برأسمال يتراوح بين 3.5 و4.23 مليارات دولار.
ووفق رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان، فإن العديد من الشركات هاجرت قبل أزمة كورونا إلى بلدان أخرى، مثل تركيا ومصر والإمارات، ما أثّر على السوق المحلية، مشيراً إلى أن حجم الاستثمارات العقارية التي تعود لأردنيين في الخارج تقدر بين 5.6 مليارات دولار و7 مليارات دولار، منها 1.5 مليار دولار في دبي و1.33 مليار دولار في مصر، وما تبقّى في تركيا وبلدان أخرى.
وفي وقت سابق من إبريل/ نيسان الجاري، دعا عبد الله العكايلة، رئيس كتلة الإصلاح في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، الحكومة إلى اتخاذ إجراءات سريعة للحيلولة دون انهيار اقتصاد الدولة في ظل الأزمة التي تواجهها بسبب انتشار فيروس كورونا.
وأشار العكايلة، في رسالة إلى رئيس الوزراء، عمر الرزاز، إلى أهمية حماية المواطن صحياً وكذلك حفظ اقتصاد الدولة، لافتاً إلى أن عجز الموازنة قد يصل إلى 5.25 مليارات دولار، وأن خسارة المملكة يومياً تقدر بنحو 115 مليون دولار جراء الإغلاق الاقتصادي.
وتابع أن على سلطة النقد والنظام المصرفي الاستعداد للتعامل مع السيناريو الأسوأ وضخ السيولة المطلوبة في شرايين الدولة الاقتصادية والمالية.
وكان الأردن الأسرع في المنطقة إلى اتخاذ إجراءات قوية لوقف انتشار الفيروس، بفرض عزل مشدّد تسبب في توقف قطاعات كبيرة بالاقتصاد. واتخذ “المركزي” سلسلة إجراءات الشهر الماضي، لتخفيف التداعيات من خلال خفض أسعار الفائدة والاحتياطيات الإلزامية للبنوك التجارية لضخّ سيولة إضافية تزيد على 500 مليون دينار (705 ملايين دولار).
وأوعز أيضاً إلى البنوك بتقديم 500 مليون دينار أخرى، بأسعار فائدة لا تتجاوز 2% لمساعدة الشركات التي تضررت بسبب الإغلاقات.