– الشارع السوداني يتمسك بثقافته الغذائية والاستهلاكية في رمضان رغم الظروف الاقتصادية المعقدة
– مشروب الحلو مر ووجبات العصيدة والبليلة والرقاق من أبرز الوجبات الرمضانية
– ارتفاع تكلفة تحضير مشروب الحلو مر لم يمنع ربات المنازل من صناعته
تظهر الأيام الأولى لحلول شهر رمضان، تمسك السودانيين بثقافتهم الغذائية والاستهلاكية، على الرغم من الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد التي تعاني منها البلاد، تضاف لها جائحة “كورونا”.
منذ سنوات، والسودان يعاني من رزمة من المشكلات الاقتصادية والنقدية، وشح السلع الأساسية، على خلفية تذبذب موارده من النقد الأجنبي، ما يساهم في عدم مقدرته على استيراد السلع الإستراتيجية.
وتسبب تفشي فيروس كورونا في إدخال السودان بأزمة اقتصادية جديدة، مدفوعة بالإجراءات الاحترازية التي تطبقها البلاد للحد من انتشار الفيروس.
وفرضت السلطات السودانية حظراً شاملاً على ولاية الخرطوم، منذ السبت 18 أبريل الجاري، ولفترة 3 أسابيع للحد من انتشار الفيروس.
وبحسب آخر الإحصائيات التي أصدرتها وزارة الصحة السودانية، فإن عدد الإصابات وصل إلى 107 من بينها 12 حالة وفاة و8 حالات شفاء.
على الرغم من كل هذه الظروف، فإن الشارع السوداني ما زال يحتفظ بموروثه التقليدي، للتحضير لشهر رمضان الكريم وخصوصيته الغذائية.
مشروب “الحلو مر”
وتعمل الأسر السودانية على تحضير مشروبات تقليدية، خاصة بالشهر الكريم، من أشهرها مشروب “الحلو مر”؛ وهو عبارة عن عصير يجمع عدداً من الأعشاب إضافة إلى طحين الذرة، تتم صناعته داخل البيوت.
ولم يمنع ارتفاع تكلفة تحضير المشروب ربات المنازل من صناعته وتحضيره ضمن مستلزمات الشهر، على الرغم من الارتفاع الكبير في أسعار مواده الأساسية العام الحالي.
ويؤكد التاجر بسوق أمدرمان (شمال العاصمة الخرطوم)، عبدالرحمن أحمد، أن ارتفاع الأسعار لم يساهم في تراجع القوى الشرائية لمستلزمات شهر رمضان.
وقال أحمد في حديثه مع “الأناضول”: إن ارتفاعاً طرأ على أسعار الأعشاب التي يُصنع منها مشروب “الحلو مر” بنسبة تفوق 100% عن العام الماضي، بسبب أن معظم الأعشاب تستورد من الخارج، كالقرفة والزنجبيل.
وأشار إلى أن الهبوط المتواصل لقيمة العملة الوطنية، أمام العملات الأجنبية، ساهم بشكل مستمر في ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
وسجل سعر شراء الدولار في الأسواق غير الرسمية، نهاية الأسبوع الماضي، نحو 125 جنيها، فيما يحدد البنك المركزي السوداني سعر الدولار الأمريكي بـ55 جنيهاً.
مواظبة كاملة
ترى ربة المنزل زينب محمد عبدالله أنه من الصعب بمكان التخلي عن تحضير مشروب “الحلو مر” ومستلزمات رمضان ذات الطبيعة السودانية، مهما تعقدت الظروف.
وأكدت أن تجربتها تقوم على أن تجمع هذه المواد قبل عدة أشهر من قدوم الشهر الكريم، من خلال المساهمة مع رفيقاتها في الحي في تجميع النقود الخاصة بمستلزمات رمضان، والمعروف شعبياً باسم “صندوق رمضان”.
وصندوق رمضان هو مبالغ مالية محددة تجمعها النساء في الأحياء الشعبية على مدار العام، على أن يذهب المبلغ الكلي لفئة منهن كل شهر، تعمل على شراء المستلزمات لأسرتها.
وأوضحت زينب أن مستلزمات الشهر الكريم لا تقتصر فقط على مشروب “الحلو مر”، بل يتعدى الأمر إلى بعض الوجبات الشعبية مثل البليلة، والعصيدة، والرقاق؛ وهي أكلات شعبية شائعة.
وأكد الأمين العام للجمعية السودانية لحماية المستهلك (أهلية)، ياسر مرغني، إصرار الأسر السودانية على موروثاتها الغذائية في رمضان، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
وبرر مرغني هذا التقليد “بطبيعة الشعب السوداني القائمة على تمسكه بالموروثات الشعبية والدينية، مهما كلف الأمر”، على حد تعبيره.
ونوه في حديثه مع “الأناضول” إلى أن معظم الأسر الكبيرة تقوم بتحضير هذه المستلزمات وإرسالها إلى أبنائها وأقاربها في الداخل والخارج.
وأقرّ بوجود صعوبات كبيرة في إعداد المستلزمات، تزامناً مع الأزمات الاقتصادية المتجددة في السودان، والمتمثلة في ارتفاع الأسعار الذي وصفه بالجنوني.