تسلم البرلمان العراقي، أمس الأربعاء، من رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي، خطاباً تضمن المنهاج الحكومي، وعد فيه بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بعد إكمال قانون الانتخابات، وتفعيل عمل مفوضية الانتخابات، وتعهد بفرض هيبة الدولة من خلال حصر السلاح بيد المؤسسات الحكومية والعسكرية.
كما تعهد في المنهاج الذي قدمه للبرلمان، من أجل الاطلاع عليه قبل جلسة التصويت على منح الثقة للحكومة من عدمه المنتظر أن تعقد الأسبوع المقبل، بالتعاون مع الأمم المتحدة، وتسخير إمكانات الدولة من أجل مواجهة جائحة كورونا.
منهاج بلا وزراء
رئيس الوزراء العراقي المكلف، لم يرفق أسماء الوزراء الذين اختارهم لشغل المناصب الحكومية مع المنهاج المقدم، لكنه تعهد بأنه سيقوم لاحقاً بإرسال الأسماء ضمن المدة الدستورية المحددة التي تنتهي في التاسع من الشهر المقبل.
وأضاف أن حكومته ستقوم بإعداد مشروع قانون موازنة استثنائي لعام 2020، قادر على التعامل مع الأزمة الاقتصادية الحالية، مشدداً على ضرورة فتح حوار وطني مسؤول وصريح مع فئات المجتمع العراقي بهدف الإصغاء إلى مطالب حركة الاحتجاج، وتطبيق أولوياتها الوطنية، والقيام بحملة تقص شاملة بشأن أحداث العنف التي رافقت التظاهرات، وتطبيق العدالة بحق المتورطين في دم الشعب العراقي.
واستدرك الكاظمي في خطابة أن حكومته ستعمل على مكافحة الفساد، واستمرار الأجهزة الأمنية، من ضمنها هيئة الحشد الشعبي، بأداء مهامها، مؤكداً أن حكومته ستقوم بإجراء مفاوضات جادة مع قيادات الدول المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد “داعش”، بما يضمن تطلعات الشعب العراقي بالسيادة الوطنية الكاملة في ضوء مصالح العراق، وعدم المساس بأمنه الداخلي.
الحشد يدعم الكاظمي
دعم الحشد الشعبي للكاظمي في تشكيل حكومته، اعتبره المراقبون أمراً لافتاً، حيث أعلن تحالف الفتح، الذي يعد الجناح السياسي للحشد، أنه مع تشكيل حكومة “بعيدة عن المحاصصة الحزبية، وتمثل طموحات الشعب العراقي في عبور الأزمة وإعادة هيبة الدولة، وإعادة ثقة الشارع إلى العملية السياسية”.
وقال في بيان: “نحن في تحالف الفتح ندرك ونقدر عالياً التحديات والظروف التي تمر بها البلاد من أزمة كورونا وتداعياتها، والأوضاع الاقتصادية، وانهيار أسعار النفط وانعكاس ذلك على العراق، لذك ندعوا السيد الكاظمي إلى عدم السماح بترشيح شخصيات تابعة لأحزاب وكتل سياسية”.
وأكد “ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة قادرة على مواجهة الأزمات والعبور بالبلاد إلى بر الأمان”، معتبراً أن ذلك سيتم من “خلال وجود تشكيلة وزارية منسجمة تضم شخصيات كفؤة ونزيهة”.
المحلل السياسي العراقي، فارس السنجاري، ربط بين دعم الحشد للكاظمي، وإعلان الأخير في منهاجه الحكومي أنه سيدعم الأجهزة الأمنية في أداء مهامها، وبضمنها هيئة الحشد الشعبي.
وقال سنجاري لـ”المجتمع”: إن منهجية الصفقات السياسية التي أرساها المحتل الأمريكي للعمل السياسي في العراق، ما زالت مستمرة بذات الوتيرة التي بدأت بها عام 2003، رغم رفض الشارع العراقي لهذه المنهجية التي أدت إلى تحول العراق إلى بلد فاشل.
وأضاف أن المؤشرات كلها تشير إلى أن الكاظمي بدأ بعقد صفقات مع الكتل السياسية، بهدف تجنب الفشل الذي مني به سلفاه، محمد توفيق علاوي، وعدنان الزرفي، اللذان فشلا في تشكيل الحكومة بسبب إصرار الأحزاب السياسية على توزيع الحقائب الوزارية وفق المحاصصة الطائفية.
يذكر أن الكاظمي هو ثالث شخصية سياسية تكلف بتشكيل الحكومة، منذ استقالة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي في 29 نوفمبر 2019، بعد مظاهرات احتجاجية واسعة اجتاحت الشارع العراقي، حيث سبقه وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي الذي فشل في تمرير حكومته في البرلمان، والنائب عدنان الزرفي الذي انسحب بسبب المعارضة السياسية الكبيرة لتكليفه بتشكيل الحكومة، ودخلت حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبدالمهدي، شهرها السادس في ظل تعثر تشكيل حكومة جديدة.
مليشيات تهدد الكاظمي
ورغم أن ما يعرف بكتائب حزب الله العراقي تعد جزءاً من الحشد الشعبي، فإنها شذت عن الموقف الرسمي للحشد الداعم للكاظمي، ووجهت تهديداً صريحاً له عل لسان أبو علي العسكري، المتحدث باسمها.
وقال العسكري في تغريدة نشرها عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”: إنه في ظرف أمني حساس كالذي نمر به، ينبغي للإخوة المتصدين للمشهد السياسي الذين ساهموا بإيصال الكاظمي إلى التكليف، أن يتداركوا هذا الأمر قبل فوات الأوان.
وأضاف أن خبرة رئيس الوزراء العراقي المكلف، مصطفى الكاظمي، لا تخوله تحمل مسؤولية منصبه، متهماً إياه بارتكاب “جريمة كبرى”، في إشارة إلى حادثة اغتيال رئيس فيلق القدس قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، بغارة أمريكية في بغداد، بشهر يناير الماضي.
وتابع العسكري أن الرجل أقل بكثير من تحمل هكذا مسؤولية، فضلاً عن أنه متهم بجريمة كبرى لم تثبت براءته منها.
وأشار إلى أنه لا بد أن يعلم السياسيون أو غيرهم من الذين يتخذون أمريكا سيدة لهم، أن أمريكا إلى زوال.
الصحفي العراقي حسين الكعبي اعتبر موقف كتائب حزب الله دليلاً على صحة ما تناقلته الأوساط السياسة والإعلامية العراقية مؤخراً، من معلومات تشير إلى وجود خلافات مستحكمة بين الفصائل المسلحة المكونة للحشد.
وقال الكعبي لـ”المجتمع”: إن الحشد الذي يضم 70 فصيلاً مسلحاً بقي متماسكاً طوال الفترة الماضية، رغم الخلافات بين مكوناته، التي بقيت محصورة داخل صف القيادات والزعامات الرئيسة فيها؛ إلا أن التطورات الجديدة دفعت هذه الخلافات للظهور إلى العلن.
وأشار إلى أن سبب الخلاف بين الفصائل المكونة للحشد، التي يجمعها توجه مذهبي واحد، يعود إلى أنها منقسمة إلى معسكرين؛ الأول يضم الفصائل المسلحة المرتبطة بالنجف وكربلاء حيث المرجعية العليا للشيعة في العراق، والثاني الفصائل التي يطلق عليها في العراق مصطلح الحشد الولائي، وهي المرتبطة إدارياً ببغداد، وعقائدياً بمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، وتعمل على تنفيذ الأجندة الإيرانية.