ما مستقبل اقتصاد الكويت والدول الخليجية في ظل تداعيات أزمة «كورونا»؟
– دول الخليج تعتمد بشكل كبير على مصدر واحد للدخل وهو النفط، ما يجعلها في مصيدة تذبذب الأسعار، وهو أمر بطبيعة الحال لا يخدم العملية التنموية والقطاع الاقتصادي، وكذلك هناك ضعف في مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي.
في نظري، يمكن الحل لضمان الاستدامة الاقتصادية لدول الخليج في توسيع القاعدة الإيرادية من خلال التوجه نحو التنويع الاقتصادي، وخلق قطاع خاص قوي يساهم بشكل أكبر في الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول.
هل لدى الحكومة الكويتية خيار آخر غير الاقتراض لتمويل الميزانية العامة في ظل هبوط أسعار النفط؟
– لدى الحكومة الكويتية خيارات عديدة لتمويل الموازنة العامة غير الاقتراض؛ لأن مسألة الاقتراض مرتبطة بقدرة المؤسسات المالية على إدارة الدين العام؛ حيث إني أجد أن هذه المؤسسات ضعيفة جداً، ولا تتوفر لدينا ما يعرف بالكفاءة المالية والكفاءة المؤسسية لإدارة هذا الدين؛ مما قد يدخلنا فيما يعرف بالحلقة المفرغة للدين العام؛ مما سيؤدي في النهاية إلى عجوزات أعمق وأكبر، يمكن في هذه الحالة استخدام الاحتياطات العامة والمبالغ المحجوزة التي بحوزة المؤسسات الاقتصادية الأخرى، على أن تقوم الحكومة بتغطيتها مستقبلاً، كما يمكن للحكومة أيضاً تأسيس صندوق استثماري يدعم الموازنة العامة.
قال صندوق النقد الدولي: إن الكويت تمتلك مصدات مالية لمواجهة تداعيات «كورونا» على الاقتصاد، ففيمَ تتمثل هذه المصدات؟
– تتمثل هذه المصدات في أسلوب العمل التحوطي للكويت، وذلك من خلال اعتماد سعر التعادل في الموازنة بأقل ما يمكن؛ حيث حددت الحكومة سعر التعادل بنحو 55 دولاراً للبرميل، بخلاف دول الخليج التي اعتمدت سعراً أعلى بكثير، وكذلك اعتبر صندوق النقد الدولي أن الاحتياطات العامة للدولة بمختلف صناديقها أهم تلك المصدات التي تحقق الحماية للوضع المالي لدولة الكويت.
صندوق النقد الدولي نصح الحكومة الكويتية بفرض ضرائب على دخل الشركات، فهل هذا يعتبر حلاً ولو جزئياً للأزمة؟
– صندوق النقد الدولي يعمل وفق أجندة رأسمالية، تعتمد على أسلوب الجباية، ولكن فرض الضرائب على الشركات يوسع من القاعدة الإيرادية للدولة، ولكن بشرط ألا يتضرر المواطن من هذه الضريبة، بحيث لا يتم تحميل هذه الضريبة على المواطن من خلال زيادة الأسعار.
وقد تقوم الحكومة مستقبلاً بفرض ضرائب على الشركات تمهيداً لإدخال جميع أنواع الضرائب في البلاد، ولكن باعتقادي سيتضرر المواطن في ظل ضعف عملية المشاركة في اتخاذ القرار على مستوى المجتمع، مما سيخلق معاناة وضرراً على المستوى المعيشي للأسر الكويتية.
ما البدائل المتاحة أمام اقتصاد الكويت والدول الخليجية؟
– كما قلت، فإن البدائل المطروحة أمام الاقتصاد الكويتي والاقتصادات الخليجية الأخرى العمل على التنويع الاقتصادي، والإنتاج، وزيادة العمل على اقتناص الفرص الاستثمارية التي تخلق قيمة مضافة للاقتصاد الكويتي والخليجي.
أين يتجه الاقتصاد الخليجي والعربي بعد أزمة «كورونا»؟
– أعتقد أن الاقتصادات الخليجية والعربية في مرحلة ما بعد «كورونا» ستستمر في أوضاعها الحالية، ولا أعتقد أنه ستكون هناك معالجات للاختلالات الاقتصادية القائمة؛ لأن مستوى كفاءتها وفعاليتها ضعيفة، بالإضافة إلى ضعف مستوى التعليم الذي لا يخلق لك مبدعين ومؤهلين لقيادة التغيير المنشود، كما أن المشاركة السياسية في اتخاذ القرار ضعيفة؛ لأن المنهج المتبع حالياً هو منهج «لا أسمع إلا نفسي»، وهو منهج يولد مزيداً من التخلف والمشكلات.
بعد انهيار النفط الأمريكي، إلى أين يتجه الاقتصاد الخليجي والعربي؟
– انهيار النفط الأمريكي ليست مشكلة؛ لأن الانهيار كان نتيجة مضاربة في العقود الآجلة، وكذلك لم يكن هناك طلب عليه في يوم الانهيار، وعدم توافر مساحة لتخزين النفط المنتج، هي باختصار حالة عرضية، ودول الخليج والكويت يواجهون انخفاض الأسعار نتيجة جائحة «كورونا» التي خفضت الطلب العالمي، وأضعفت من الإنتاج بسبب إغلاق الأسواق، وأعتقد بعد نهاية الجائحة سيعود الطلب العالمي على النفط، وترتفع معه عملية الإنتاج ومن ثم ترتفع الأسعار؛ باختصار هي أزمة مؤقتة.
هل ستدفع أزمة وباء «كورونا» إلى الدخول في حالة ركود اقتصادي؟
– أرى أن الركود الاقتصادي الحالي حالة مؤقتة نتيجة إغلاق الأسواق بسبب جائحة «كورونا»، ولا أعتقد أنه سيكون مستداماً؛ لأنه مرتبط بمدى تطور واستمرار الجائحة؛ فهو مستمر باستمرار تفشي الوباء.
كيف يمكن إنهاض بلدان أصيب اقتصادها بالشلل التام؟
– في رأيي، الدول كي تنقذ نفسها تحتاج إلى خطط وإستراتيجيات لمعالجة الاختلالات الاقتصادية التي تعاني منها، وأن تعمل على تنويع اقتصاداتها، وتحارب الفساد وهدر الأموال، وتعزز من الاستثمار فيما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد وتعمل على حوكمة مؤسساتها.
ما تأثير انخفاض النفط على قطاع الأعمال؟
– طبيعي أن يتأثر قطاع الأعمال في ظل هذه الجائحة، وكذلك اهتزاز أسعار النفط والأنشطة المرتبطة به؛ وذلك لأن الأسواق حالياً مغلقة؛ مما يترتب عليها التزامات كبيرة في ظل ضعف الإيرادات.
محافظ البنك المركزي أعلن أن الأزمة ستفوق ما خلفته الحرب العالمية الثانية من أزمات اقتصادية، كيف ذلك؟
– بالنسبة لتصريحات محافظ البنك المركزي لا آخذها على محمل الجد؛ لأن المنشآت وقطاع الأعمال والاقتصاد لم تتعرض إلى تدمير كما حصل في الحرب العالمية، لأن كل خطوط الإنتاج موجودة وعوامل الإنتاج وخطوط النقل واللوجستيات متوافرة، كل ما في الأمر أن الأسواق مغلقة بشكل مؤقت حتى تحدث الانفراجة.
ما تأثير الأزمة الاقتصادية على العمالة في الكويت؟
– سيكون التأثير على العمالة الوطنية محدوداً؛ نتيجة أن أغلبهم موظفون في الدولة، وكذلك موظفو القطاع الخاص سيكون التأثير عليهم محدوداً أيضاً نتيجة دعم العمالة وبرامج الحماية لهم، أما العمالة الوافدة فسيقع عليهم الأثر الأكبر بسبب ارتباطهم بقطاع الأعمال، وكذلك العمالة الهامشية نتيجة تعطل الأعمال أيضاً.
ما الدور المنوط بالحكومة تجاه تلك الأزمة؟
– تحتاج الحكومة إلى أن تعمل وفق منهجيات إدارة الأزمات الفعالة، وألا تخضع -إذا كانت تسعى إلى النجاة من الأزمة- لأصحاب النفوذ والمصالح الضيقة، وأن توسِّد الأمر لأهله فيما يتعلق بإدارة الأزمات، وأن تجعل المصلحة العامة نصب أعينها، وألا تتخذ قرارات تكلف الدولة الكثير ولها آثار سلبية كأن تتجه للدين العام.
ما وجه الشبهة بين أزمة عام 2008 و2020م؟
– هناك اختلاف بين أزمة عام 2008م وجائحة «كورونا»، لأن الأولى كانت نتيجة اختلالات عميقة في الاقتصاد العالمي بسبب الرهن العقاري والمشتقات المالية وغيرها، وامتدادها لم يكن مرهوناً بأزمة أخرى، أما جائحة «كورونا» فتسببت في إغلاق الأسواق؛ بمعنى آخر: الأزمة الاقتصادية الحالية هي أزمة فرعية وليست أزمة رئيسة، لذلك ستنتهي الأزمة الحالية بانتهاء الجائحة.
«كورونا» والاقتصاد، كيف ومتى سنتعافى؟
– ستنتهي الأزمة بإيجاد لقاح لفيروس «كورونا»، وذلك بعد أمر الله سبحانه وتعالى، وهذا الأمر مرتبط طبعاً بالاقتصاد وفتح الأسواق وعودة النشاط الاقتصادي، لكن المطلوب معالجة الاختلالات الاقتصادية، ومحاربة الفساد وهدر المال العام، والاتجاه نحو التنويع الاقتصادي.