اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن وقف ضم “إسرائيل” لأراض فلسطينية يمكن تحقيقه من خلال تشكيل ائتلاف دولي يهددها بعواقب وعقوبات.
جاء ذلك خلال حديث عريقات لـ”الأناضول” في حوار شامل، عبر تطبيق “زووم” على الإنترنت، حول إعلان “إسرائيل” عزمها ضم أراض فلسطينية.
وتشهد منطقة الشرق الأوسط والعالم حالة من الترقب إزاء نية “إسرائيل” التي أعلن عنها رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ضم أراض فلسطينية مع بداية يوليو القادم وهو ما يرفضه الفلسطينيون.
واعتبر عريقات أن “إسرائيل” ماضية في ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، لافتاً إلى أن “فرض عقوبات عليها، وقطع العلاقات معها يمكن أن يوقف الضم”.
ورغم تثمين عريقات لبيانات الإدانة الصادرة عن العديد من الدول بشأن رفض الضم الإسرائيلي، فإنه قال: “نحن بحاجة إلى ائتلاف من مجموعة الدول العربية والإسلامية التي لها علاقة مع “إسرائيل”، ودول الاتحاد الأوروبي، وروسيا وغيرها ليقول: لا لـ”إسرائيل” ويهدد بفرض عقوبات عليها حال التنفيذ”.
وأضاف القيادي الفلسطيني أن تهديد “إسرائيل” بفرض عقوبات وقطع العلاقات معها يمنع الضم، لكن هل تستطيع هذه الدول قول ذلك؟
خطة الضم جزء من “صفقة القرن”
ورأى عريقات أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في تطبيق خطة الضم على الأرض، معتبراً أنها جزء من “صفقة القرن” الأمريكية.
ولفت إلى أن “صفقة القرن” تقول: من النهر (نهر الأردن شرقاً)، إلى البحر (المتوسط غرباً) هي أرض “إسرائيل” التاريخية، والولاية الأمنية كاملة لـ”إسرائيل”، وضم الأغوار والبحر الميت، القدس عاصمة أبدية لـ”إسرائيل”، وسيصبح اسم المسجد الأقصى “الحرم الشريف – المعبد”.
وأضاف عريقات: يريدون السيطرة المياه الإقليمية، والمعابر الدولية، والأجواء، وإسقاط ملف اللاجئين، وهم اليوم ينفذون هذه الخطة.
وأردف القيادي الفلسطيني: نحن نقول بصوت مرتفع: لن نكون طرفاً في هذه الأفكار الهزيلة، أفكار العار.
واعتبر عريقات أن نتنياهو المدعوم من الإدارة الأمريكية الحالية، يؤمن أن لا ماضي قبله، ولا مستقبل دونه، وأن “إسرائيل” القوية المزدهرة بحاجة للصراع وليس السلام.
ونصت “صفقة القرن” المزعومة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في 28 يناير الماضي، في إطار رؤية بلاده لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتوقف المفاوضات بينهما منذ عام 2014، على إعلان سيطرة “إسرائيل” على 30% من الضفة الغربية ضمن المناطق التي تعرف باسم “ج”.
ووفق اتفاقية “أوسلو” الثانية للسلام المرحلي بين الفلسطينيين و”إسرائيل” عام 1995، تم تقسيم الضفة الغربية إلى 3 مناطق “أ” و”ب” و”ج”.
وتمثل المنطقة “أ” 18% من مساحة الضفة الغربية، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنياً وإدارياً، أما المنطقة “ب” فتمثل 21% من مساحة الضفة وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.
فيما تخضع المنطقة “ج” التي تمثل 61% من مساحة الضفة لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.
وبحسب “صفقة القرن” التي يرفضها الفلسطينيون، ستبقى مدينة القدس موحدة تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة بضم جميع مستوطنات الضفة الغربية التي يزيد عددها على 100 مستوطنة بهدف منع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضي فلسطين المحتلة.
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أخيراً في إفادة صحفية من مقر الوزارة بالعاصمة الأمريكية واشنطن، أن أمر ضم أراض فلسطينية “متروك لـ”إسرائيل”، وأن توسيع سيادتها قرار يتخذه الإسرائيليون.
وعقب عريقات على تلك التصريحات قائلاً لـ”الأناضول”: هذا كذب، وتخطيط المخادع، هم (الولايات المتحدة) أصحاب الخطة والخارطة.
وأوضح عريقات أن هناك بنداً في “صفقة القرن” يقول: في حال تغيير أي مكانة في الضفة الغربية، فإن الولايات المتحدة تعترف بها، وهي أول من اعترف بضم الجولان السوري المحتل لـ”إسرائيل”.
ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في 25 مارس العام الماضي، في البيت الأبيض، وبحضور نتنياهو، مرسوماً رئاسياً يعترف بسيادة “إسرائيل” على الجولان المحتل.
واحتلت “إسرائيل” مرتفعات الجولان السورية عام 1967، وأقر الكنيست (البرلمان) في عام 1981 قانون ضمها إلى “إسرائيل”، لكن المجتمع الدولي لا يزال ينظر إلى المنطقة على أنها أراض سورية محتلة.
تدمير السلطة الفلسطينية
واعتبر عريقات أن عملية الضم الإسرائيلية تعني تدمير السلطة الفلسطينية التي وجدت لنقل الشعب من الاحتلال للاستقلال.
وقال: هم (إسرائيل) يريدون سلطة وظيفية، لكننا نقول لـ”إسرائيل”: إنها تتحمل المسؤولية الكاملة كسلطة احتلال بما في ذلك جمع القمامة في كل الأرض الفلسطينية، ورئيس وزرائها مسؤول عن ذلك وفق ميثاق جنيف الرابع بصفته سلطة احتلال.
وأضاف عريقات: نحن سعينا للسلام وحاولنا ذلك على أساس القانون الدولي، ولكن نتنياهو استطاع تدمير عملية السلام، ويعتقد أنه يستطيع أن يحقق إنجازات بقضم أرض فلسطين، وإنهاء حل الدولتين، وتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية.
وانتقد القيادي الفلسطيني سعي بعض الدول العربية للتطبيع مع “إسرائيل” قائلاً: “نحن لم نفوض أحداً للحديث عنا، هناك مبادرة سلام عربية على الجميع الالتزام بها”.
واعتبر عريقات أن من يطبع أو يريد التطبيع مع “إسرائيل” يعني أنه يستبيح الدم الفلسطيني هذه الحقيقة، وهي طعنة في الظهر للشعب الذي يقدم الشهداء والجرحى كل يوم.
وأعلنت الإمارات، رسمياً، الجمعة، إطلاق مشاريع مشتركة مع “إسرائيل” في المجال الطبي ومكافحة فيروس “كورونا”.
ومؤخراً، سعت الإمارات إلى استثمار جائحة كورونا، لزيادة وتيرة تطبيعها مع “إسرائيل”، على حساب القضية الفلسطينية التي تمر بمرحلة تعد الأصعب في تاريخها منذ نكبة عام 1948.
مواجهة مع “إسرائيل”
وعن شكل العلاقة مع “إسرائيل” في حال تنفيذ عملية الضم قال عريقات: نحن شعب باق على هذه الأرض ونتطلع للاستقلال وندافع عن أنفسنا، و”إسرائيل” محتلة وهذه العلاقة ستبقى.
وأضاف القيادي الفلسطيني: لن يموت شعبنا وهو منتظر دوره بل سندافع عن أنفسنا، وهم (الإسرائيليون) يعلمون ذلك.
وطالب القيادي الفلسطيني دول الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقال: طالبنا أوروبا مرات عدة، هم اعترفوا بـ”إسرائيل”، وقلنا لهم أن يعترفوا بالدولة الأخرى (فلسطين)، ومساندتنا في المحكمة الجنائية الدولية ومعاقبة “إسرائيل” في استمرارها في الاستيطان والضم، ولكن هناك 27 سياسة خارجية في الاتحاد الأوروبي.
وقال: لا تستطيع دولة في العالم تحترم نفسها أن تستمر في علاقاتها مع “إسرائيل” ما استمرت في إرهاب الدولة المنظم، معتبراً أن استمرار العلاقات معها يمثل “وصمة عار”.
قرض بقيمة 100 مليون دولار
وحول التأثير المالي لإعلان السلطة الفلسطينية أنها في حِلّ من الاتفاقات مع “إسرائيل” وعدم استطاعتها دفع رواتب موظفيها عن شهر مايو قال عريقات: “فلسطين طلبت قرضاً مالياً عربياً”.
وأضاف: لا نريد مساعدات من أي دولة، طلبنا قرضاً مالياً بقيمة 100 مليون دولار من الدول العربية، على أن نعيده عندما نحصل على أموالنا المحتجزة لدى “إسرائيل”، ونأمل الاستجابة، ولكن حتى الآن لا توجد بوادر.
وتواجه السلطة الفلسطينية أزمة مالية غير مسبوقة بسبب امتناع “إسرائيل” عن تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجبيها نيابة عن السلطة، مشترطة لتحويلها عودة التنسيق بين الجانبين.
وتشكل هذه العائدات، ومعدلها 200 مليون دولار شهرياً، 60% من إجمالي الإيرادات العامة الفلسطينية.
وأوقفت السلطة التنسيق منذ إعلان الرئيس محمود عباس، في 19 مايو الماضي، أن السلطة في حل من الاتفاقيات مع “إسرائيل” بما فيها الأمنية، وذلك رداً على خطط إسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية.