– اللهيبي: تحرك الكاظمي خطوة طال انتظارها وهي تؤسس لمرحلة تعافي الدولة وسيادة القانون فيها
– النجيفي: الكاظمي أمام امتحان صعب لبيان قدرته في مواجهة المليشيات وحصر السلاح بيد الدولة
داهمت قوات جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، خلال الساعات الأولى من صباح أول أمس الجمعة، ورشة لتصنيع صواريخ الكاتيوشا ومنصات إطلاقها تابعة لكتائب حزب الله العراقي في العاصمة بغداد، واعتقلت 14 عنصراً كانوا يتواجدون فيها، في عملية نوعية أثارت ردود فعل واسعة في الشارع العراقي.
وقال الجيش العراقي، في بيان: إن المداهمة استهدفت أفراد فصيل مسلح يشتبه في أنهم وراء إطلاق صواريخ على سفارات في المنطقة الخضراء التي تضم مقار الدولة السيادية وسط بغداد، وقاعدة أمريكية في محيط مطار بغداد الدولي، مشيراً إلى أن السلطات باشرت باستجواب الأشخاص المعتقلين أثناء المداهمة.
اختبار للكاظمي
اعتبر مراقبون أن خطوة الكاظمي التي جاءت بعد 50 يوماً من نيل حكومته ثقة البرلمان خطوة جريئة وضعته أمام اختبار حقيقي لمسألة فرض سيادة العراق، فالراجح أنه سيتعرض لضغوطات داخلية وخارجية، بهدف إطلاق سراح المعتقلين وغلق ملف القضية.
وذكر مصدر إعلامي في مكتب رئيس الوزراء العراقي، لـ”المجتمع”، أن جهات سياسية نافذة تواصلت مع الكاظمي، بعد ساعات من تنفيذ العملية، وضغطت باتجاه إطلاق سراح المعتقلين.
وأضاف المصدر، مفضلاً عدم الكشف عن هويته: أن من بين الشخصيات السياسية التي تواصلت مع الكاظمي، زعيم تحالف الفتح، هادي العامري، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، مشيراً إلى أنه حاول لعب دور الوسيط بين الطرفين، وسعى لإقناع الكاظمي بإطلاق سراح المعتقلين.
وتابع المصدر أن الضغوط السياسية رافقتها ضغوط عسكرية، حيث دخلت مئات العجلات العسكرية التابعة للحشد الشعبي، إلى المنطقة الخضراء، واقتحمت مقراً فرعياً لقوات مكافحة الإرهاب، في خطوة تشبه إجراء انقلاب عسكري.
وبخصوص المعلومات التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، وتحدثت عن إذعان الكاظمي للضغوط وإطلاق سراح المعتقلين، نفى المصدر صحة هذه الأنباء، مستدركاً أنه تم الاتفاق على نقل المعتقلين من سجن مديرية مكافحة الإرهاب، إلى مديرية أمن الحشد الشعبي الجهة التي ينتمون إليها إدارياً، على أن يتم استكمال التحقيقات الأصولية معهم وفقاً للقانون وبإشراف القضاء العراقي.
وقد توعدت كتائب حزب الله العراقي، رئيس الوزراء العراقي باستهدافه شخصياً بسبب العملية، جاء ذلك على لسان المسؤول الأمني للكتائب أبو علي العسكري، عبر تغريدة على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”.
ووصف العسكري الكاظمي بـ”المسخ” الذي أراد “خلط الأوراق”، متهماً إياه بالمشاركة في قتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
كما وصف المسؤول الأمني لكتائب حزب الله، عملية جهاز مكافحة الإرهاب بـ”عربون عمالة جديد” من الكاظمي إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
من جهته، قال القيادي في عصائب أهل الحق جواد الطليباوي، في تغريدة على “تويتر”: “رجال المقاومة ورجال الحشد الشعبي رجال العراق الغيارى ولن نقبل بالتجاوز عليهم، لا تلعب بالنار”.
كما حذر الإعلام الحربي لحركة النجباء من المساس بمن وصفهم بـ”الإخوة المجاهدين”.
وأضافت، في بيان: “نحذر من نفذ الواجب الخبيث، ونقول لهم: لا تكونوا أداة لتنفيذ مخطط الاحتلال الأمريكي.. كنا وما زلنا مقاومة”.
استعادة هيبة الدولة
خطوة الحكومة العراقية الجديدة حظيت بترحيب واسع في الشارع العراقي، ودعم من أطراف سياسية لطالما اعترضت على تغول الفصائل المسلحة على مقدرات الدولة، والانتقاص من هيبتها ومن سلطة القانون فيها.
واعتبر الناشط الحقوقي زياد اللهيبي تحرك الكاظمي خطوة في الطريق الصحيح طال انتظارها، وهي تؤسس لمرحلة تعافي الدولة وسيادة القانون فيها.
وقال في حديثه لـ”المجتمع”: إن الحشد الولائي لا يقيم أي اعتبار لمصلحة العراق، فهو ينفذ الأجندة الإيرانية على حساب استقرار البلد، وعملية استهداف السفارات والمقرات العسكرية في العراق جزء من خلط الأوراق في إطار المواجهة بين طهران وواشنطن في المنطقة.
يشار إلى أن تسمية “الحشد الولائي” يطلقها العراقيون، على الفصائل المسلحة التي تدين بالولاء للولي الفقيه الإيراني، ولا تتبع المرجع العراقي الشيعي على السيستاني، وهي كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وكتائب النجباء والخراساني، وكتائب الإمام علي وسيد الشهداء والطفوف.
وأشار عبدالله الدليمي، مدير مؤسسة آفاق للسلام، إلى أن العملية الأمنية الأخيرة هي الاختبار الحقيق لمقولة “أن الحشد جزء من الدولة”، وليست فوق الدولة كما هو واقع الحال.
وأضاف، في حديثه لـ”المجتمع”: إذا كانت المجموعة التي تطلق الصواريخ على المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي، وعلى معسكرات الجيش العراقي، خارجة عن سيطرة الحشد، ليترك أمر التعامل معها للدولة في إطار القانون.
وتابع: أنا أرى أن هذه هي الفرصة الأخيرة أمام الدولة العراقية لاستعادة هيبتها، وفي حال نجحت الضغوط في إطلاق سراح المعتقلين، وغلق ملف القضية عبر الوساطات السياسية، فسيكون ذلك طلقة الرحمة على سيادة القانون في الدولة التي تشهد انفلاتاً أمنياً منذ احتلال العراق من قبل أمريكا عام 2003.
فيما اعتبر القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية العراقية أثيل النجيفي، أن رئيس الوزراء الكاظمي أمام امتحان صعب لبيان قدرته في مواجهة المليشيات وحصر السلاح بيد الدولة.
وقال، في بيان: نحن نأمل أين ينجح في هذا الامتحان، وإذا فشل في هذا الامتحان، فإن الدولة العراقية سوف تنهار، وتصبح فريسة لتلك المليشيات المنفلتة.
وحذر النجيفي من أن “العواقب ستكون وخيمة إذا ما سيطرت تلك المليشيات على المشهد، منها أن العالم سيتعامل مع العراق بطريقة مختلفة، خصوصاً أننا نمر بأزمات اقتصادية ودولية وغيرها، وهذا قد يدفع إلى فرض عقوبات على العراق”.
ودعا النجيفي العراقيين إلى أن “يقفوا بقوة مع رئيس الوزراء، لدعم جهود حصر السلاح بيد الدولة، والقضاء على المليشيات”، معتبراً أن “الكاظمي يمثل الأمل الأخير للعراقيين”.
وختم النجيفي بيانه بالقول: إننا “نعتقد أن رئيس الوزراء سوف ينجح بهذا الامتحان الصعب، فهو لديه أوراق قوية للنجاح، أهمها وجود تأييد شعبي قوي لإنهاء كل المظاهر المسلحة، كما هناك تأييد دولي قوي”.