حذر عدد من الخبراء من أي صدام بين مصر وتركيا على الأراضي الليبية، وطالبوا في تصريحاتهم لـ”المجتمع”، العقلاء لدى الطرفين بعدم الانسياق في هذا الاتجاه، وخاصة الجيش المصري ورفضه الانصياع لرغبة افتعال حرب وهمية لإلهاء الشعب المصري عن معركته الحقيقية بشأن سد النهضة بعدما فشل في تحقيق أي تقدم بشأنها، وتحقيق إثيوبيا طموحها بإنشاء السد وبدء تشغيله.
وشهدت الفترة الأخيرة ما يمكن أن يطلق عليه حرب البيانات والتجاذبات بين كل من القاهرة وأنقرة، فقد أكدت وزارة الخارجية المصرية رفض مصر التدخلات السياسية والعسكرية التركية في الشأن العربي، وتقول: إنها تفتقر لأي سند شرعي.
وجاءت هذه التصريحات رداً على الرئيس التركي الذي قال: إن خطوات مصر في ليبيا ووقوفها إلى جانب حفتر الانقلابي تدل على أنها تدخل في نهج غير مشروع، مؤكداً أن بلاده تعد لاتفاقية جديدة مع طرابلس، ولن تترك الشعب الليبي وحده.
أطراف خارجية تحرضا
وفي سياق تعليقه على هذا الأمر، قال خبير القانون الدولي د. سيد أبو الخير: أعتقد أن الأمور تسير نحو المواجهة العسكرية لرغبة أطراف خارجية في ذلك.
وأشار إلى عدم مشروعية التدخل المصري في ليبيا؛ لأن الجهة التي طلبت ذلك غير شرعية سواء خليفة حفتر الذي لا يمثل الشرعية، فضلاً عن ارتكابه جرائم حرب، أو حتى رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح لعدم اكتمال النصاب القانوني للبرلمان.
وأضاف لـ”المجتمع”: أما بالنسبة للموقف التركي، فإن تواجده بليبيا مشروع؛ لأنه قائم على سند شرعي واتفاق دولي بين الحكومة الشرعية في ليبيا والحكومة التركية، وتأكد باتفاق بينهما بإدخال الأمم المتحدة؛ وعليه لا يمكن قبول محاولات مصر المساواة بين تواجدها وتواجد تركيا، وهنا يجب عدم الصدام ومحاولة حل النزاع هناك على أرضية السياسي وليس العسكري.
ولفت إلى تأكيد مجلس الدفاع الوطني بمصر مؤخراً عدم رغبة الجيش بدخول حرب في ليبيا عكس رغبة النظام، مرجحاً أن يكون رأي المؤسسة العسكرية في مصر هو الأقرب للتنفيذ، إلا إذا ورَّطها البعض في الحرب، وأعتقد أن ذلك مستبعد، حسب قوله.
فاتورة باهظة
أما الكاتب الصحفي والمحلل السياسي خالد الشريف فقال: أعتقد أن الأوضاع في ليبيا رغم حرب البيانات بين البلدين تمهد لاتفاق بينهما للحفاظ على استقرار الأوضاع في ليبيا والحفاظ على ثرواتها، وأنه من المستبعد تماماً اندلاع حرب بين مصر وتركيا، وأن العقلاء في البلدين حريصون على ذلك؛ لأن فاتورة الحرب ستكون باهظة، وستلقي بظلالها السيئة على المنطقة، وربما تؤدي لحرب عالمية تأكل الأخضر واليابس.
وأوضح، في حديثه لـ”المجتمع”، قائلاً: ورغم الخلاف المتصاعد بين البلدين بعد انقلاب 2013، فإن العلاقات التجارية والمشروعات الاقتصادية مستمرة، بل ارتفعت خلال العام الماضي، فضلاً عن استفادة مصر من اتفاقية شرق المتوسط بين ليبيا وتركيا، بل إن الاتفاقية حافظت على حقوق مصر، وهو ما أقرت به الخارجية المصرية، وعليه يصعب الصدام بين الطرفين.
حرب وهمية للإلهاء
ومن جانبه، توقع الباحث مصطفى إبراهيم أن “يتمادى النظام في إطلاق التصريحات المعادية لتركيا، والإقدام على المزيد من خطوات خادعة بادعاء تأييد قبائل ليبية لتدخل الجيش المصري في ليبيا لاصطناع حرب وهمية ومعركة غير حقيقية مع الدولة التركية لإشغال الشعب المصري وإلهائه عن كارثة إقدام إثيوبيا على حجز المياه لملء خزان سد النهضة”.
وأضاف إبراهيم، لـ”المجتمع”: إن هناك أيادي خفية تدفع النظام بشدة للتورط في مستنقع الحرب الليبية.
ودعا إبراهيم العقلاء في الجيش المصري والمخلصين من أبناء الوطن إلى عدم الاعتداد بتصنيف موقع “جلوبر فايرز” أو غيره من المواقع غير المصنفة عالمياً الذي يضع ترتيب الجيش المصري في المرتبة التاسعة عالمياً، ويسبق في الترتيب الجيش التركي، مؤكداً أن هذا التصنيف غير علمي وغير دقيق.
وتوقع إبراهيم أن يترك المجتمع الدولي مصر وتركيا لتحددان مصيرهما؛ لأن القوى الكبرى من مصلحتها إضعاف الدولتين لصالح الكيان الصهيوني المحتل، وأيضاً لتجريب كل دولة أسلحتها ولترويج ما لديها من معدات عسكرية لأحد طرفي الصراع أو لكليهما، ولكنه أكد رهانه على العقلاء لدى الطرفين بعدم وقوع الصدام.