سيطرت حالة من الجدل داخل أروقة المحاكم الفيدرالية في كندا، وذلك على خلفية إصدار، أمس الأحد، مشروع قانون “C-58″، الذي يُلزم جميع القضاة بالإفصاح علنًا عن إنفاقهم على السفر والمؤتمرات، وغيرها من البنود.
ولأول مرة في كندا، بات من المقرر الكشف عن نفقات القضاة المعينين فيدراليًا، الأسبوع الجاري، نتيجة التغييرات التي تم إجراؤها مؤخرًا، على قانون المعلومات، بحسب “سي بي سي نيوز” المحلية.
وتأتي التغييرات ضمن مخطط الحكومة الليبرالية لتحسين مسألة الشفافية والمساءلة في النظام القضائي، التي واجهت مقاومة من القضاة الفيدراليين.
ويمثل “C-58” تعديلًا جديدًا على قانون الوصول إلى المعلومات، وقانون الخصوصية، الذي صدر عام 2019.
ويترقب مكتب المفوض للشؤون القضائية الاتحادية، غداً الثلاثاء، الكشف عن أرقام إنفاق القضاة، الذي يشمل تكاليف السفر والوجبات والمؤتمرات ومعدات المكاتب، ونفقات أخرى.
وصاحب القانون الجديد حالة من الجدل من جانب جمعية قضاة المحاكم العليا الكندية، ومجلس القضاء الكندي (CJC)، ونقابة المحامين الكندية (CBA)، بأن المشروع يعرض سلامة القضاة الشخصية واستقلالهم القضائي للخطر.
وتُصر المنظمات الثلاث على وجود ضوابط داخلية بالفعل للمساءلة واعتماد ومراجعة الإنفاق، بدلًا من اللجوء إلى تلك الخطوة التي تهدد استقلال القضاة.
وبهذا الخصوص، قالت نقابة المحامين الكندية: “يوجد نظام متوازن بدقة مصمم للتوفيق بين استقلالية القضاء، والمساءلة عن إنفاق الأموال العامة”.
كما اعتبرت النقابة أن مشروع قانون “C-58” سيعطل النظام المعمول به، دون الحاجة إلى ذلك.
ويشترط التشريع الجديد على جميع القضاة المعينين فيدراليًا الإفصاح بشكل استباقي عن نفقاتهم كل 3 أشهر.
ولن تتضمن المعلومات، التي من المقرر أن يتم نشرها، غداً الثلاثاء، أسماء القضاة، لكنها تشمل عدد الذين تم تسديد نفقات محددة لهم.
ومن المتوقع أن توثق التقارير تراجع نفقات السفر الخاصة بالقضاة على نحو أقل من المعتاد بسبب الوباء، بينما ستكون النفقات المتعلقة بالكهرباء والإنترنت أعلى، وهو ما يعكس حقيقة أن الكثير من القضاة كانوا يعملون من المنزل.
من جانبه، وصف واين ماكاي، الأستاذ الفخري في كلية شوليتش للقانون في جامعة “دالهوزي”، التقرير المرتقب للنفقات القضائية بأنه “خطوة إيجابية”.
ورغم ذلك، اعتبر ماكاي أن مسألة عرض نفقات القضاة بشكل علني لن تكون بنفس القوة إذا ما تم ذلك مع أعضاء مجلسي الشيوخ أو النواب الإقليميين.
وأضاف: من الواضح أن المحاكم تعتبر مؤسسة منفصلة، إنهم فرع غير سياسي من الحكومة، لذلك فإن قضية الشفافية المطلقة في هذه الأمور ليست مقنعة.
وقال ماكاي: على عكس السياسيين والمسؤولين الحكوميين الآخرين، فإن القضاة غير قادرين على الدفاع علانية عن أنفسهم، وهذا شيء آخر ربما يحتاج إلى معالجة.
وتساءل أستاذ القانون: كيف يمكننا التعامل مع الأسئلة التي قد يكون لها إجابات مشروعة، إذا أتيحت لهم بعض الفرص من خلال وسيلة للرد على ذلك؟
وفي المقابل، أكد آرون ودريك، المدير الفيدرالي لاتحاد دافعي الضرائب الكنديين، أنه من اللافت أن نفقات القضاة لم يتم الإعلان عنها حتى هذه اللحظة.
وأشار المدير الفيدرالي لاتحاد دافعي الضرائب الكنديين إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تضع القضاة على نفس القواعد مع الأشخاص الآخرين الذين يتعاملون مع المال العام.
وختم ودريك بالقول: من المعقول أن يعرف دافعو الضرائب كيف يتم إنفاق أموالهم، هذا هو السبب الذي يدفعنا من أجل الكشف عن أعضاء البرلمان، وأعضاء مجلس الشيوخ، وأعتقد أن القضاة سيقعون تحت نفس المعيار.