بعد أن فاز أكرم إمام أوغلو كمرشح مشترك لأحزاب المعارضة ضد مرشح حزب العدالة والحركة القومية بن علي يلدرم برئاسة بلدية إسطنبول وكذلك الحال مع منصور يفاش في رئاسة بلدية أنقرة اكتسبت المعارضة زخمًا كبيرًا مع هذا الفوز المحلي لكن الذي اكتسب زخمًا أكبر هو الطريق الذي سارت عليه الأحزاب المعارضة عبر تجمعها على مرشح مشترك بدلًا من تشتتها عندما أخطأت في الانتخابات الرئاسية ورشح كل حزب منها مرشحًا منفصلًا مثل محرم اينجه عن حزب الشعب الجمهوري وصلاح الدين ديمرطاش عن حزب الشعوب الديمقراطية وميرال أكشينار عن الحزب الجيد ووتمل كارامولا أوغلو عن حزب السعادة.
زاد أمل المعارضة وارتفع طموحها في البداية مع خروج الحزب الجيد من حزب الحركة القومية وهو حليف لحزب العدالة والتنمية ثم ارتفع الأمل مع خروج حزبين من رحم حزب العدالة والتنمية هما حزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو وحزب دواء بقيادة علي باباجان بالإضافة إلى حزب السعادة وهي كلها أحزاب تمثل بدرجات متفاوتة أقسام من التيار المحافظ.
ومع بداية أزمة جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية المحتملة بسبب تدابير الإغلاق اعتبرت المعارضة أن التحالف الحاكم في مأزق وأنه ربما لتفادي انعكاسات الأوضاع الاقتصادية على الناخب لاحقًا قد يلجأ حزب العدالة والتنمية لانتخابات مبكرة بالرغم من أن حزب العدالة والتنمية أعلن أكثر من مرة أنه لن يتوجه لانتخابات مبكرة.
ولكن مع نجاح حكومة حزب العدالة والتنمية في إدارة أزمة كورونا ونجاحها في عدد من الملفات الخارجية مثل ملف ليبيا حيث أحبطت حصار قوات حفتر لطرابلس وأصبحت قوات حكومة الوفاق هي من تحاصر سرت وتستعد لاستعادتها ومع بعض الخطوات الداخلية الأخرى التي رفعت شعبية حزب العدالة والتنمية مثل قرار الرئيس أردوغان إعادة آيا صوفيا من متحف إلى مسجد بعد قرابة 86 عامًا من تحويلها من مسجد إلى متحف وجدت المعارضة التركية نفسها قلقة من هذه الشعبية التي حصل عليها أردوغان والتي تفاعل معها الشعب التركي بشكل إيجابي.
لكن الخطير بالنسبة للمعارضة هو انقسامها الداخلي فبينما قال كمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري بعد انتخابه للمرة السادسة رئيسًا للحزب منذ عام 2010م: إن الهدف القادم هو الوصول للحكم في 2023م مع الأصدقاء وبالتأكيد فإن كليجدار أوغلو الذي تدور نسبة حزبه حول 25% يحتاج للتعاون مع الحزب الجيد وحزب الشعوب وربما أحزاب أخرى للوصول للحكم فضلًا عن حاجته لوجود تراجع للعدالة والتنمية والحركة القومية الذين تتراوح نسبتهما معا بين 52 و55 %.
جاءت الصدمة لحزب الشعب الجمهوري من المرشح السابق للحزب للرئاسة محرم انجه والذي تم استبعاده من قبل رئيس الحزب حيث أعلن انجه عن نيته تأسيس حزب جديد ومن المعلوم أن اينجه شخص لديه قدرات قيادية وخطابية وقد حصل في الانتخابات الرئاسية على 30% أي أكثر من أصوات حزب الشعب الجمهوري حينها ب 7% ولو خرج من حزب الشعب الجمهوري فإنه سيحصل على الأقل على 10% من نسبة 30% المذكورة على أقل تقدير. وبالتالي فإن هذه النسبة لوحدها كافية لاحتمال فشل آمال المعارضة في الوصول للحكم.
ولعل السؤال هنا يطرح نفسه أيضًا حول إمكانية امتداد هذا الأمر لأحزاب معارضة أخرى وعلى رأسها حزب الشعوب الديمقراطية الذي واجه الكثير من الإشكاليات والتحديات خلال الفترة الماضية وإذا خرج حزب كردي جديد منافس له فإن المعارضة التركية لن تستطيع بهذا التفكك أن تواجه تحالف حزب العدالة والحركة القومية الذي حقق العديد من الإنجازات في الفترة الماضية. وما لم يكن هناك عوامل خارجية كبيرة تؤثر على التوازنات الداخلية فإن المعادلة الحالية تشير إلى استمرار حزب العدالة والتنمية والحركة القومية في فترة ما بعد انتخابات 2023م.