منجية إبراهيم*
إن الأبوة الصالحة تعني أن يسعى الأبوان لاتخاذ أفضل القرارات لصالح طفلهما، ذلك لا يعني أن يكون الواحد منهما مثالياً فلا أحد كامل، كما أننا يجب أن نأخذ بالحسبان أيضاً أنه لا يوجد طفل مثالي، فمن المهم مراعاة ذلك عند وضع توقعاتنا.
الأبوة الناجحة لا تعني تحقيق الكمال، ولكنها العمل بجد لتنشئة طفل جيّد وسليم نفسيا وجسديا وأخلاقيا.
فيما يلي 10 نصائح حول مهارات الأبوة والأمومة الجيدة:
1- كن مثالا يُحتذى به:
لا تخبر طفلك عما تريده أن يفعله بل أَرِه ذلك، مما يميز الإنسان أنه يتعلم عن طريق التقليد، نحن مبرمجون على نسخ تصرفات الآخرين ودمجها في أفعالنا، الأطفال على وجه الخصوص يراقبون بعناية فائقة ما يفعله آباؤهم.
لذا، كن الشخص الذي تريد لطفلك أن يكونه: احترم طفلك، أظهر له سلوكيات ومواقف إيجابيّة، تعاطف معه وسيقلدك.
2- أحِبّه وأظهر له ذلك:
لا يوجد شيء أكثر قيمة يمكن أن تقدمه لطفلك مثل أن تحبه، الحب لا يجعل الطفل مدللا ولكن ما تفعله باسم الحب فقط هو ما يجعله مدللا مثل: التساهل المادي، الحماية المفرطة.. إلخ، عندما يتم تقديم هذه الأشياء بدلاً من الحب الحقيقي، عندها سيكون لديك طفل مدلل، يمكن أن يكون التعبير عن حبنا للطفل بسيطًا، مثل معانقته، وقضاء الوقت معه والاستماع إلى مشكلاته بجدية كل يوم.
3- مارس الأبوّة الإيجابية:
يولد الأطفال بحوالي 100 مليار خلية دماغية (عصبونات) ذات روابط قليلة نسبيًا، هذه الروابط تخلق أفكارنا، وأفعالنا، وتشكل شخصياتنا وتحدد بشكل أساسي من نحن، يتم إنشاؤها وتقويتها و”نحتها” من خلال التجارب عبر حياتنا.
امنح طفلك تجارب إيجابية، سيكون لديه القدرة على خوض التجارب الإيجابية بنفسه، تحدث مع طفلك، اضحك والعب معه، حلّ مشاكله بمواقف إيجابية، لا تؤدي هذه التجارب الإيجابية فقط إلى إنشاء روابط جيدة في دماغ طفلك، ولكنها تشكل أيضًا الذكريات التي يحملها طفلك معه مدى الحياة.
4- كن ملاذًا آمنًا لطفلك:
أخبر طفلك أنك ستكون دائمًا حاضرا لأجله من خلال التفهم والاستجابة لاحتياجاته، ادعم طفلك وتقبله كفرد، كن ملاذًا دافئًا وآمنًا له.
إن الأطفال الذين يحظون بتربية آباءٍ متفهمين باستمرار، يميلون أكثر إلى تحسين التطور العاطفي والتنمية الاجتماعية، والصحة العقلية أكثر من غيرهم
5- تحدّث مع طفلك وساعد دماغه على الاندماج:
معظمنا يعرف بالفعل أهمية التواصل، تحدثّ إلى طفلك واستمع إليه بعناية، من خلال الحفاظ على خط اتصال مفتوح، ستكون لديك علاقة أفضل بطفلك وسيأتي إليك عندما تكون هناك مشكلة.
ولكن هناك سبب آخر للتواصل؛ أنت ستساعد طفلك على دمج أجزاء مختلفة من دماغه.
الاندماج في الدماغ مشابه لجسمنا حيث تحتاج الأجهزة المختلفة إلى التنسيق والعمل معًا للحفاظ على صحة الجسم، عندما يتم دمج أجزاء مختلفة من الدماغ، يمكن أن تعمل بشكل متناغم ككل، مما يعني نوبات غضب أقل وسلوكًا تعاونيًا أكثر وتعاطفًا أفضل ورفاهية عقلية أفضل.
6- تفكّر في طفولتك واستفد من التجربة:
كثير منا يرغب في تربية أطفاله بطريقة تختلف عن تربية والديه له، حتى وإن كان قد حظي بتربية جيّدة وسعيدة، ولكنه قد يرغب في تغيير بعض الجوانب من تنشئته، ولكننا في كثير من الأحيان نقلّد والدينا بالفعل، ومع ذلك فإن التفكّر في الطريقة التي تربينا عليها ستجعلنا نكتشف لماذا نتصرف على هذا النحو أو ذاك.
دوّن الأشياء التي ترغب في تغييرها، وفكر في كيفية القيام بذلك بشكل مختلف، حاول أن تكون متيقظًا وغيّر سلوكك في المرة القادمة التي تظهر فيها هذه المشاكل.
لا تستسلم إذا لم تنجح في البداية، يتطلب الأمر الكثير من التدريب لتغيير أساليب تربية الطفل بوعي.
7- اعتنٍ بنفسك وبعلاقتك مع الزوج:
في كثير من الأحيان تنهمك في شؤون الحياة والتربية والعمل، وتنسى الاعتناء بصحتك، أو بعلاقتك مع زوجك، ولكن ذلك قد يصبح مشكلة أكبر من شأنها أن تؤثر على مهارات الأبوة لديك، أمضِ بعض الوقت في العناية بصحتك، وعلاقتك بزوجك، لأن الحصول على بعض “الوقت الخاص” للعناية الذاتية أمر مهم لتجديد العقل.
الطريقة التي تعتني بها كأب/أم بنفسك جسديًا وذهنيًا ستُحدث فرقًا كبيرًا في تربية الأطفال، إذا فشل هذان المجالان، فسيعاني طفلك أيضًا.
8- لا تستخدم العنف مهما كان السبب:
إن ضرب الطفل، أو صفعه قد يكون في كثير من الأحيان حلّا للآباء لإجباره على الامتثال للأوامر، ومع ذلك، فإن هذه الطريقة لا تُعلّم الطفل الصواب من الخطأ، إنها تُعلّم الطفل فقط أن يخاف من العواقب الخارجية، ثم يتم تحفيز الطفل لتجنب أن يُكتشف أمره بدلاً من ذلك.
إن ضرب الطفل هو إشارة مباشرة له بأن المشاكل لا يمكن أن تُحلّ إلا بالعنف، الأطفال الذين يتم ضربهم أو تعنيفهم هم أكثر عرضة للتقاتل مع الأطفال الآخرين، هم أكثر عرضة ليصبحوا متنمرين وأكثر ميلا لاستخدام العدوان اللفظي/ الجسدي لحل النزاعات، في وقت لاحق من الحياة، من المرجح أيضًا أن تؤدي إلى الانحراف والسلوك المعادي للمجتمع، وعلاقات أسوأ بين الوالدين والطفل، وقضايا تمسّ الصحة العقلية، وأن يكونوا ضحايا العنف المنزلي.
هناك مجموعة متنوعة من البدائل الأفضل لإجبار الطفل على الانضباط التي ثبت أنها أكثر فعالية، من ضمنها كما ذكرنا في النقطة 3 ممارسة الأبوة الإيجابية.
9- تذكّر هدفك الأبوي: ما هو هدفك من تربية طفل؟
إذا كنت مثل معظم الآباء، فأنت تريد أن يكون طفلك جيدًا في المدرسة، وأن يكون منتجًا، وأن يكون مسؤولًا ومستقلًا، ومحترمًا، ويستمتع بعلاقات ذات مغزى معك ومع الآخرين، وأن يكون عطوفًا ومتعاطفًا، وأن يكون لديه حياة سعيدة وصحية ومُرضية.
ولكن كم من الوقت تقضيه في العمل لتحقيق هذه الأهداف؟ إذا كنت مثل بقية الآباء فمن المحتمل أنك تقضي بقية يومك في النضال بين هنا وهناك، وبدلاً من مساعدة طفلك على الازدهار، تقضي معظم الوقت في محاولة أن تنجو من ضغوط الحياة.
لا تدع فوضى الحياة تُثنيك عن هدف الحقيقي، وتُنسيك ما ترغب في أن يكونه طفلك، كلما شعرت بضغوط الحياة، تنفّس وأعد التحكم في زمام الأمور.
10- تعلّم لتختصر الوقت:
يمكن أن تختصر وقتك، فبدل المحاولة والوقوع في الخطأ، يمكنك الاستفادة من النتائج في أحدث أبحاث علم النفس وعلم الأعصاب، والتربية، يمكن الاستفادة مما يعرفه العلماء بالفعل، فالأبوة والأمومة هي واحدة من أكثر المجالات التي تم البحث عنها في علم النفس، هناك الكثير من تقنيات أو ممارسات أو تقاليد الأبوة بطريقة علمية أو التحقق منها أو صقلها أو دحضها.
إن استخدام المعرفة العلمية ليس بالطبع استراتيجية واحدة تناسب الجميع، فكل طفل مختلف، وحتى في أفضل أنماط الأبوة والأمومة، يمكن أن يكون هناك العديد من ممارسات الأبوة الفعالة المختلفة التي يمكنك الاختيار منها وفقًا لمزاج طفلك.
ماذا أيضاً؟
– إذا كان الطفل قد لجأ إليك، فاستمع إلى طفلك، وأخبره أنك تتعاطف مع ما يشعر به.
– تقبله، فعندما تمنحه القبول غير المشروط، فإنك تمنحه إحساسًا بالأمان.
– امنحه التقدير، فالتقدير يمنح الطفل إحساسًا بالأهمية، وهو واحد من أقوى الدوافع للسلوك الصحيح.
– كن متاحاً عندما يحتاجك طفلك، ضع كل شيء جانباً وأظهر له أنه أهم شخص في حياتك.
– المساءلة والمحاسبة، عندما نحاسب الأطفال، فهذا يمنحهم إحساسًا بالمسؤولية وضبط النفس.
إنّ الشيء الرائع فيما يخص الأبوة هو أنها على الرغم أنها مهمة فإنها مجزية للغاية، قد نقطف الثمار عادة بعد وقت طويل من العمل الشاق، ولكن إذا بذلنا قصارى جهدنا الآن، فسوف نحصد أفضل المكافآت في النهاية ولن يكون لدينا شيء نأسف عليه.
___________________________
المصدر: “بصائر تربوية”.