الروس ما زالوا يتمسكون بشرعية “الأسد” الساقطة منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة عام 2011م
النظام آخذ بالتصدع من داخله ولصوصه يتقاتلون فيما بينهم على الحصص
سيطرة “الأسد” لا تتجاوز 60% من مساحة سورية وحتى هذه المناطق منقوصة السيادة لصالح الروس والإيرانيين
الكرد والعرب تعايشوا على مدار قرون لكننا ضد أي محاولات انفصال تستهدف وحدة سورية
حالة من الجمود تعيشها الثورة السورية، بعد دخولها عامها العاشر، حتى جاء “قانون قيصر” الأمريكي ليُحدث حالة من الصخب وعودة النقاشات من جديد حول مصير النظام السوري، لا سيما في ظل تزايد حالات الانشقاق في وسط عناصره وقواه.
“المجتمع” التقت د. محمد حكمت وليد، المراقب العام للإخوان المسلمين بسورية، لتقف على آخر التطورات في هذا الحوار.
- هل اقترب الحل السياسي في سورية أم ما زال بعيداً؟
– المشكلة أنه لا يوجد حل سياسي حقيقي مطروح في سورية، والمشاريع المقدمة تمت هندستها بشكل رئيس في روسيا، وهي تضرب عرض الحائط بآمال وتطلعات الشعب السوري للحرية والعدالة، وتعمل على تثبيت الظلم وتأييد الدكتاتورية.
- هل من توضيح؟
– أقصد أن الروس ما زالوا يتمسكون بشرعية بشار الأسد، وهي شرعية منقوصة، بل هي شرعية ساقطة منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية عام 2011م.
إن أي حل بوجود هذا الطاغية هو وصفة لاستمرار الأسباب التي أدت إلى اشتعال الثورة في المقام الأول، وهو قد أوشك على إنهاء الفترة الثانية من حكمه لسورية، ولم يجد بلسماً لإعادة الإعمار في مدينة درعا المنكوبة والمكلومة إلا بإعادة بناء تماثيل حافظ الأسد، أيُّ حُمق وأيُّ صغار هذا؟!
إن رئيساً يدعو لنبذ نصف شعبه خارج الحدود، والاكتفاء بالنصف الآخر المتجانس هو شخص لا يملك القدرة ولا الرؤية على لمّ شمل السوريين مرة أخرى حتى بالحديد والنار كما كان يفعل.
لقد استلم هو وأبوه من قبله سورية بلداً حراً، باستقلال ناجز، وهو يسلمها اليوم مُقسّمة مهدمة، مرهونة الموارد والخيرات لصالح المحتل الروسي والإيراني.
- ولكن الأسد يعتقد أنه انتصر، ويريد من العالم أن يعامله كمنتصر، أليس كذلك؟
– إذا انتصر الأسد على شيء فهو انتصاره على كل القيم النبيلة والمبادئ الجميلة في هذا الوطن.
ليعتقدْ الأسد ما شاء، ولكن القاصي والداني يعلم أن سيطرته لا تتجاوز 60 % من مساحة الأرض السورية، وحتى هذه المناطق هي منقوصة السيادة لصالح المحتلين الروس والإيرانيين.
إن جدران الدم التي بناها ما زالت قائمة بين هذا النظام وغالبية الشعب السوري، وهذا أمر لا يمكن تجاوزه أو العودة بسورية إلى ما قبل عام 2011م، لقد تغير الإنسان السوري وتحرر من العُقد التي كانت تحكمه لأربعة عقود.
- ولكن النظام ما زال متماسكاً حتى الآن ولو بدعم خارجي!
– النظام آخذ بالتصدع من داخله، ولصوص النظام يتقاتلون فيما بينهم على الحصص، فهذا رامي مخلوف يمثل تطوراً نوعياً طرأ على “مافيات” النظام.
في عهد حافظ الأسد كان أقارب الرئيس وعملاؤه يفاوضون رجال الأعمال على نسب وإتاوات مفروضة عليهم بسلطان القهر، كانوا فاسدين ويعرفون أنهم فاسدون، لكن في عهد بشار تطور الأمر إلى الحد الذي أصبحت ثروة أقرباء الرئيس من آل مخلوف التي تقدر بالمليارات حقاً مشروعاً لهؤلاء المجرمين، وقد شاهدنا رامي مخلوف في الفيديوهات التي نشرها مؤخراً، لقد كان على قناعة تامة بأن هذه المليارات المسروقة اكتسبها بعرق جبينه، وبحنكته وخبرته التجارية، وأن الله تعالى الذي يُعز من يشاء ويُذلُّ من يشاء، هو الذي اختار له هذا العز الذي يرفل فيه!
- على ذكر الفقر، ألا تعتقدون أن “قانون قيصر” ساهم في إفقار الشعب السوري؟
– “قانون قيصر” سوف يضيّق الخناق على النظام “المافيوي” والمتعاونين معه من الأشخاص والشركات والدول، أما فقر ومعاناة الشعب السوري فقد بدأ منذ عقود بسبب الفساد والظلم وسوء توزيع الثروة، وقد بدد النظام ثروات سورية بصناعة البراميل المتفجرة وهدم القرى والبلدات والمدن.
إن إعادة الإعمار في سورية تحتاج إلى 400 مليار دولار أمريكي، بينما لا تتجاوز ميزانية سورية السنوية 11 مليار دولار!
- ولكن، هل سيسهم هذا القانون في إسقاط النظام؟
– لا يهدف قانون قيصر أصلاً إلى إسقاط النظام، وإنما إلى تغيير سلوك النظام، أي إجباره على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والتعاطي مع الحل السياسي بجدية كما صرح المسؤولون الأمريكيون.
والذي يزيد معاناة السوريين حقاً هو “الفيتو” الروسي الصيني السادس عشر الذي استخدم حديثاً ضد تمديد آليات إيصال المساعدات الدولية عبر تركيا إلى ثلاثة ملايين إنسان في سورية هم بأمسِّ الحاجة لها.
النظام يصر على جريمة التمويت بالتجويع، والروس يصرون على سياسة التركيع بالتجويع.
إن هذا النظام ساقط عاجلاً أم آجلاً، لأنه يفتقر إلى مبررات ومقومات البقاء، كما أنه أصبح عبئاً على حلفائه الروس الذين أصبحوا يُعَرِّضون ببشار الأسد، ويعاملونه باستخفاف، بل هم يلوحون بإمكانية تغييره.
- كثرت في الآونة الأخيرة الأحاديث عن اتصالات الإخوان المسلمين السوريين بإيران، ما حقيقة ذلك؟
– ما كانت إيران يوماً شريكاً في حل القضية السوريّة، بل كانت دائماً جزءاً من المشكلة، ونحن لسنا ضد الشعب الإيراني، فهو أحد الشعوب التاريخية العريقة في المنطقة، ولكن إيران مع الأسف قَزّمت مشروعها إلى مشروع توسعي طائفي شارك في تقتيل الشعب السوري وتهجيره من بلده ودعم جلاّديه.
كيف لنا أن نمد يدنا لقوة غاشمة كهذه تقتل شعبنا وتعمل على تغذية أطفالنا بمبادئ طائفية بغيضة، وأحقاد تاريخية انتهت منذ مئات السنين.
- ما موقفكم من الحوار الكردي- الكردي الأخير؟
– نحن كجماعة نعتبر الإخوة الكرد جزءاً أصيلاً من نسيج الشعب السوري، وهم مواطنون سوريون لهم من الحقوق ما لنا وعليهم ما علينا، وقد تعايش الكرد والعرب على مدى قرون طويلة في هذه البقعة الجميلة من العالم التي تتسع للجميع.
وتجري منذ أشهر اجتماعات برعاية فرنسية أمريكية، بين المجلس الوطني الكردي (وهو أحد مكونات الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة) وحزب الاتحاد الديمقراطي بحضور ممثلين لـ”قَسَد” (قوات سورية الديمقراطية)، لتوحيد الصف الكردي، ودمج “قسد” في العملية السياسية وتوحيد مواقف كرد سورية.
نحن لسنا ضد أي تفاهم بين المكونات الكردية، وبينهم وبين بقية المكونات الأخرى العربية والتركمانية في المنطقة، ولكننا ضد أي تفاهمات تؤدي لمحاولات انفصالية تهدد وحدة التراب السوري.