غانا، أو ساحل الذهب، أو إمبراطورية غانا كما كانت تسمى قديماً، دخلها الإسلام على يد التجار، ومع توسع دولة المرابطين في غرب أفريقيا، أسس التجار المسلمون بها مملكة «جونجا» من قبائل «الماندي» التي أسلمت، وواصلت جماعات «الماندي» توسعها في الأراضي الأفريقية لنشر تعاليم الإسلام، وساعدها على ذلك معرفتها للغة «الداجومبا» الشهيرة والسائدة لدى معظم القبائل.
وتقع غانا في وسط غرب أفريقيا على ساحل المحيط الأطلسي، يحدّها من جهة الشرق توجو، ومن الغرب كوديفوار، ومن الشمال بوركينا فاسو، ومن الجنوب المحيط الأطلسي، وعاصمتها أكرا، ولغتها الرسمية الإنجليزية، وبعض السكان يتحدّثون باللهجة القبلية، ويتكلم غالبية المسلمين لغة «الهاوسا».
يبلغ عدد سكانها حالياً 30 مليون نسمة، ولا يوجد تقدير دقيق لعدد المسلمين، ويرجح أن عددهم 10 ملايين بنسبة 33% تقريباً، وعدد المسيحيين يقترب أو يزيد على 50%، والباقي أصحاب ديانات أخرى.
ومن أكثر المدن التي يمثل فيها المسلمون كثافة عالية: «تَمَالي»، والعاصمة «أكرا»، و»كُوماسي»، و»صَلْغا»، و»كِيتِ كِراثِي»، و»تَكُراد»، و»كوفوريدُوا»، وغيرهم.
الأنشطة الدعوية
وتوجد للمسلمين مؤسسات تقدم أنشطة تعليمية ودعوية وخدمية، منها: المجلس الأعلى للدعوة والبحوث الإسلامية، ويعمل في مجال الدعوة والتعليم في العاصمة أكرا، والجمعية الإسلامية للتربية والإصلاح، وتركز على التعليم الإسلامي، والمجلس الإسلامي للتنمية والخدمات الإنسانية، ويعمل في مجالات بناء المساجد، وحفر الآبار، وبناء العيادات الطبية، وبناء المدارس، ومن الناحية السياسية يوجد حزب الرابطة الإسلامية (MAP) ممثلاً للأقليات المسلمة في المدن الجنوبية خاصة “أكرا” و”كوماسي”.
وتوجد المدارس القرآنية الملحقة بالمساجد غالباً، ومهمتها تدريس اللغة العربية والقرآن الكريم في نهاية الأسبوع (السبت والأحد)، وقد عُنيت المدارس الابتدائية بتيسير طريقة التهجّي وصحّة نطق الحروف، والاهتمام بالمبادئ الأساسية في الكتابة والإملاء، وإتقان قراءة القرآن قراءة مجوّدة.
وهناك مدارس أسهمت في تطوير الدراسات العربية والإسلامية في المرحلة الثانوية، مثل: مركز البحوث الإسلامية في أكْرا، والمدارس الأزهرية والنورية ومدارس أنصار السُّنة، والمعهد العالي للدراسات الإسلامية، ومعهد إعداد المعلمين، وكلاهما في كوماسي، وكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية، وبعض هذه المعاهد لها معادلات مع بعض الجامعات في السعودية؛ حيث تُدرّس فيها مواد النحو والصرف والفرائض والبلاغة والفقه والحديث، كما تتحد في طريقة التدريس؛ إذ تُستخدم اللغة العربية وسيلة تعليمية يتخاطب بها الطلاب.
تحديات
يعاني المسلمون في غانا من الجهل بتعاليم الإسلام والفقر، وهما من أخطر مداخل المنصِّرين، كما يعاني الدّعاة في غانا من قلّة الإمكانات المادية؛ وعدم القدرة على تفعيل الوسائل الحديثة في الدعوة، ويواجه التعليم العربي الإسلامي في غانا مشكلات متعددة، منها:
– ضعف مستوى المدرسين المؤهلين لمهنة تدريس اللغة العربية، وصعوبة الظروف المعيشية التي يواجهها الطلاب المسلمون.
– عدم الاعتراف الكامل باللغة العربية من قِبل الحكومة؛ فلا يجد الشباب المتخصّصون في الدراسات العربية والإسلامية فرص العمل في الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية؛ مما يجعل المواطن المثقف باللغة العربية والعلوم الإسلامية يشعر بأنه أقلّ شأناً من غيره.
– عدم وجود منهج موحد للمدارس الإسلامية؛ فالكتب التي تـــوجد فــي مدارس المسلمين في غانا خليط من مناهج دول عربية كثيرة، إضافة إلى أن معظم مباني المدارس غير ملائمة للتعليم؛ فيقل الإقبال على دراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية في غانا.
ويحتاج المسلمون في غانا إلى الدعم المادي، وتأسيس هيئة خاصّة مستقلة تشرف على التعليم الإسلاميّ، وتأسيس جامعات أو معاهد عليا في المدن التي يكثر بها المسلمون.
______________________________________________________________
1- ياسر محمد السبكي: التحول الديمقراطي في غانا منذ عام 1992، المكتب العربي للمعارف، القاهرة، 2015.
3- د. محمد حافظ: التعليم العربي الإسلامي وتطوره في غرب أفريقيا (غانا نموذجاً).
4- د. أحمد إلياس حسين: الإسلام في مملكة غانا، مجلة دراسات أفريقية، الخرطوم، 1409هـ/1989م.