– البرعومي: حكومة ضعيفة وليس لها تجربة سياسية أو حتى إدارية
– العلوي: هذه حكومة أشباح.. خرجت من الأدراج
– الخليفي: ننسق مع الأحزاب الكبيرة بخصوص منح الثقة لحكومة المشيشي من عدمه
– القوماني: قد نمنح الحكومة الثقة دون دعمها سياسياً
ما أن أعلن المكلّف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي، مساء الإثنين الماضي، عن تركيبة حكومته التي ضمت 28 وزيراً وكاتب دولة، حتى توالت ردود الفعل من قبل الأحزاب والكتل البرلمانية، حيث تراوحت بين موافقة أقلية على الحكومة مع بعض التحفظات، مثل حركة الشعب، ومشروع تونس، والوطني الحر، وبين الرفض المطلق، كما هي الحال في مواقف التيار الديمقراطي، وائتلاف الكرامة، وانتظار ملاحظ في مواقف حزب قلب تونس، يتعلق بلقاءات التنسيق مع أحزاب أخرى، بينما أشار بعض قيادات حركة النهضة إلى أن الحركة قد تصوّت على حكومة المشيشي، ولكنها لن تدعمها سياسياً.
حكومة ولاءات
هناك شبه اجتماع في الساحة السياسية التونسية على أن ما سمي بحكومة كفاءات لم تكن سوى حكومة ولاءات، حيث كشفت بعض الأسماء المعلنة في حكومة المشيشي عن علاقات جمعتها مع الرئيس قيس سعيّد، ومع أحزاب أخرى فبعض الأسماء عملت مع سعيّد في حملته الرئاسية، وبعض الأسماء كانت لها علاقات سابقة وإلى وقت قريب جداً بحزبي “نداء تونس” و”آفاق تونس”.
فعلى سبيل المثال، الوزير المقترح للاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار، علي الكعلي، الذي يشغل حالياً خطّة المدير العام ببنك “ABC” في تونس، هو ابن الوزير في عهد بورقيبة ومدير الحزب الاشتراكي الدستوري المنجي الكعلي.
ولم يكن والده وراء شبهة عدم استقلاليته، بل إنه شخصياً من مؤسسي حزب آفاق تونس، وتقلّد فيه عديد المناصب القيادية، منها الناطق الرسمي ورئيس لجنة الانتخابات وكان مرشّحاً لخلافة ياسين إبراهيم على رأس الأمانة العامّة في صيف 2018.
هناك أيضاً توفيق شرف الدين، وزير الداخلية المقترح، وشخصيات أخرى مقربة من قيس سعيد ومحيطه، ومن الحزام السياسي الذي تشكّل بعد الانتخابات الرئاسية حول قيس سعيد.
من الأسماء الأخرى في حكومة المشيشي، على سبيل المثال لا الحصر، علي الحفصي، الوزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالعلاقات مع مجلس النواب، الذي انتخب في عام 2019 نائباً عن حزب نداء تونس بمجلس نواب الشعب عن دائرة توزر، وكان آنذاك يشغل أيضاً الأمين العام للحزب قبل أن يتم تجميد عضويته في يوليو الماضي، وهو القرار الذي رفضه ثم أعلن استقالته من الأمانة العامة للحزب ومن كافة هياكله.
النهضة قد توافق
لم تحسم حركة النهضة موقفها من حكومة المشيشي التي وصفها البعض بحكومة أشباح، في انتظار قرار مجلس الشورى، الذي سيوازن بين المصالح والمفاسد، إذ إن هناك مبررات للموافقة، كاستكمال إرساء المحكمة الدستورية، وتغيير قانون الانتخابات، ومهام أخرى، كما توجد دوافع للرفض، حيث فرضت الحكومة دون مشاورة الأحزاب فضلاً عن إشراك الأحزاب في تشكيلها، وقال عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة محمد خليل البرعومي، في تصريح لـ”إذاعة موزاييك” الخاصة، أمس الثلاثاء: إن الحركة لم تحسم إلى حد الآن قرارها النهائي بخصوص منح الثقة لحكومة هشام المشيشي من عدمها، وأشار إلى أن مجلس شورى الحركة سينعقد خلال اليومين القادمين لحسم موقفه النهائي (نهاية الأسبوع).
وذكر بأن حكومة المشيشي المقترحة لم تكشف عن برنامج واضح يمكّن الأحزاب من حسم مواقفها، قائلاً: إنها حكومة ضعيفة وليس لها تجربة سياسية أو حتى إدارية، كما أنها تتضمن أعضاءً غير مستقلين، وأن النهضة لديها تحفظات على بعض الوزراء وخاصة ضد وزير الداخلية (من مستشاري سعيّد).
وأكد أن هناك تدخلاً واضحاً جلياً من الرئاسة في تعيين بعض الوزراء، “هذه حكومة الرئيس الثانية”، حيث لم تتم استشارة النهضة بالشكل المطلوب في مشاورات تشكيل الحكومة، إذ إن إقصاء الأحزاب ومقترحاتها مضر للديمقراطية، وإن الحكومة تنقصها الكفاءة والاستقلالية والبرامج، إضافةً إلى غياب حزام سياسي يسندها.
وأضاف القيادي بحركة النهضة وأحد نوابها بالبرلمان محمد القوماني، في تصريح لإذاعة “إي إف إم”، أمس الثلاثاء، أن حكومة المشيشي هي الأقل استقلالية بين الحكومات السابقة وحتى مقارنة بسالفتها لإلياس الفخفاخ والأضعف كفاءة من حيث الأسماء المقترحة، وأكد أن النهضة لن تدعم هذه الحكومة سياسياً حتى وإن صوتت لها.
تنسيق مع الأحزاب الكبيرة
رئيس كتلة حزب قلب تونس بالبرلمان أسامة الخليفي أقر بوجود تنسيق بين قلب تونس، ومن وصفها بالأحزاب الكبيرة، وإذا حصل تفاهم مع هذه الأحزاب فإنه من المرجح جداً أن يمنح حزبه الثقة للحكومة مع بعض التحفظات على بعض الوزارات.
وأشار إلى أن أولوية الأولويات بالنسبة لحزبه هي رحيل رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ، وأن حزبه لم يقترح أي وزير لحكومة المشيشي.
وانتقد الخليفي توجهات قيس سعيّد قائلاً: رئيس الجمهورية له توجه غامض ومختلف عن توجه الأحزاب، وهو ما يطرح عدة تساؤلات بخصوص الخيار الذي اتخذه المشيشي.
حكومة غير مستقلة
حزب التيار الديمقراطي يلتقي مع موقف ائتلاف الكرامة الرافض بدوره لحكومة المشيشي، حيث جدّد عضو مجلس نواب الشعب القيادي في التيار الديمقراطي نبيل حجي موقف حزبه الرافض لتشكيلة حكومة هشام المشيشي.
وقال: إن التيار الديمقراطي قرر عدم منح الثقة لحكومة هشام المشيشي باعتبار عدم توفر أي سبب منطقي يدفع التيار لمنح الثقة لهذه الحكومة التي اعتبرها غير مستقلة تماماً.
وأشار إلى أن توجه المشيشي غير واضح، خاصة غياب التنسيق مع الأحزاب، إضافة إلى عدم وجود سند برلماني لهذه الحكومة، إذ إن إقصاء الأحزاب من الحكومة (والكلام للحجي) سيقضي على العمل الحزبي طيلة فترة عمل الحكومة القادمة، التي توقع أنها ستمر رغم عدم طرحها لأي برنامج إنقاذ أو تعهدات.
وأكد حجي، في هذا السياق، أنه لم يتم استشارة التيار في أي حقيبة وزارية، قائلاً: إن المشيشي لم يخض مشاورات حقيقية مثل ما هو معمول به سابقاً، بل هي مجرد محادثات سطحية.
حكومة أشباح
كما جدد ائتلاف الكرامة موقفه الرافض لحكومة المشيشي، حتى قبل الإعلان عنها، وصرحت قياداته في أوقات وأماكن مختلفة بأن أسماء وزراء حكومة المشيشي كانت موجودة قبل تسميته للمنصب في أحد أدراج الرئيس قيس سعيّد.
وقال القيادي في ائتلاف الكرامة عبداللطيف العلوي، قلنا وما زلنا على موقفنا: لن نمنح حكومة المشيشي الثقة عند التصويت، وصف حكومة هشام المشيشي بعد الإعلان عنها بأنها “حكومة الأشباح”.
وتابع، في تصريح لقناة “نسمة” الفضائية: المشيشي يأتي بقراراته من أدراج، واستدرك: مبدئياً لن نمنح الثقة لهذه الحكومة، والقرار النهائي سيتم الإعلان عنه قريباً.
مكان وزمان الحسم
هناك مكان وزمان تشرئب لهما أعناق التونسيين، هما مقر حركة النهضة لمعرفة موقف الحزب الأول والأكبر في تونس، ويوم التصويت على حكومة المشيشي، حيث تم، مساء أمس الثلاثاء، الاتفاق بين كل الكتل البرلمانية على تاريخ 1 سبتمبر المقبل للتصويت على منح الثقة من عدمها لحكومة هشام المشيشي.
وأكد النائب أسامة الصغير (النهضة) أن البرلمان سيسهل الإجراءات أمام النواب للالتحاق بموعد الجلسة وإنجاحها بحضور كل الكتل بكامل أعضائها، وتابع: سنعطي فرصة للكتل للتشاور فيما بينها ومع شركائها، حتى يكون النواب حاضرين بكثافة خلال الجلسة، وهي مؤشرات على إمكانية منح حكومة المشيشي الثقة بالعدد المطلوب لتصبح شرعية، وتبدأ بعدها مرحلة جديدة من التدافع السياسي، دفاعاً عن التعددية والحياة الحزبية والديمقراطية وإرساء المؤسسات الدستورية التي ستنهي التفسير الأوحد للدستور بدون مشروعية إلى جانب إصلاح قانون الانتخابات.