بشكل متسارع، بدأ فيروس كورونا بالتفشي بين المواطنين في قطاع غزة بعد أن تسلل داخل جدران القطاع واكتشفت أولى حالاته في مخيم المغازي وسط القطاع.
ومنذ الإعلان عن اكتشاف الحالات المصابة بالفيروس، اتخذت الأجهزة الحكومية والمختصة جملة من الإجراءات الاحترازية في محاولة للسيطرة عليه وعدم تفشيه بصورة متسارعة، لكن الكثافة السكانية بالقطاع التي تعد الأعلى بالعالم حالت دون ذلك حتى اللحظة في ظل تزايد ارتفاع حالات الإصابة حتى وصلت إلى 697 حالة، فيما سجلت 4 حالات وفاة.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة أشرف القدرة، في تصريح صحفي: إن ازدياد تسجيل الإصابات بفيروس كورونا في قطاع غزة يؤكد أن تسجيل الإصابات أمام تصاعد في منحنى تفشي الوباء، وينبئ أن الحالة لم يتم السيطرة عليها بعد، مشيراً إلى إن لم تتضافر كافة الجهود فستكون المآلات وخيمة على القطاع.
وأضاف أن الوضع في غزة يمر بفترة حساسة، والنتائج خلال الأيام القادمة ستظهر مدى نجاعة الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصحة ومدى التزام الموطنين بالضوابط المتخذة.
وأكد أن تزايد أعداد الإصابات واتساع رقعتها ينذر بخطورة الأيام القادمة وتضع الجميع أمام مسؤولية مجتمعية كاملة تتضافر فيها الجهود من أجل احتواء هذه المرحلة من تفشي الوباء بمزيد من الحذر والالتزام.
وطالب الجميع بأن يكون جزءاً من حالة الضبط حتى يتم الخروج من عنق الزجاجة وكسر حلقات التفشي.
وحذر من استمرار الحصار “الإسرائيلي” وتداعياته خاصة على الوضع الصحي ومنعه دخول الأدوية والمستلزمات الطبية.
وطالب المجتمع الدولي بضرورة الضغط على الاحتلال وإجباره على إدخال المعدات والأدوات الطبية من أجل مواجهة فيروس كورونا، محذراً من فقد السيطرة عليه حال استمر الوضع على ما هو عليه.
من جهتها، طالبت شبكة المنظمات الأهلية ومجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإنهاء الحصار وإنقاذ الحياة في غزة في ظل انتشار فيروس كورونا.
وأضافت المؤسسات الدولية، في بيان لها، أن قطاع غزة يواجه انتشار جائحة فيروس كورونا في ظل ظروف إنسانية وصحية صعبة نتيجة مواصلة سلطات الاحتلال تشديد حصارها على قطاع غزة، حيث تستمر في إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام مختلف البضائع والمواد الأساسية، وتسمح فقط بدخول المواد الغذائية وبعض الأدوية؛ الأمر الذي ينذر بتدهور غير مسبوق للأوضاع الإنسانية وتقويض مقومات الحياة، ولا سيما وأن الأثر السلبي العميق لانقطاع التيار الكهربائي يطال أوجه الخدمات الأساسية كافة؛ كالنقص الحاد في إمدادات المياه للمنازل، وتوقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي، والتهديد بانهيار الخدمات الصحية وتوقف عمل المستشفيات.
وأضافت أن تشديد الحصار من شأنه أن يتسبب في انهيار الخدمات الأساسية، ولا سيما خدمات الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي وخدمات البلديات كافة، التي تعاني من تدهور واضح؛ بسبب نقص الإمكانيات المادية وانقطاع التيار الكهربائي لحوالي 20 ساعة يومياً.
وأشارت إلى أن هذه الإجراءات، التي تنتهك قواعد القانون الدولي، تنطوي على مخاطر جدية وغير مسبوقة، لا سيما بعد تفشي فيروس كورونا خارج مراكز الحجر في قطاع غزة؛ مما يهدد بشل قدرة قطاع الصحة والبلديات والدفاع المدني في القيام بواجباتها في مواجهة الوباء وتقدم المساعدة لضحاياه.
وبعد اكتشاف حالات إصابة بفيروس كورونا خارج مراكز الحجر، أثار قلق السكان والمراقبين للأوضاع في قطاع غزة، لحقيقة تدهور الأوضاع الإنسانية، بما في ذلك الانهيار الاقتصادي وضعف الخدمات الصحية، بسبب ضعف الإمكانات المتاحة ومحدوديتها في مواجهة الفيروس.
ويشار إلى أن عدد أسرّة العناية المركزة المتوفرة في قطاع غزة يبلغ 110 أسرّة، منها 78 في مستشفيات وزارة الصحة، و7 أسرّة توجد لدى الخدمات الطبية العسكرية، والمؤسسات الطبية الأهلية 12 سريراً، فيما يوجد لدى المؤسسات الطبية الخاصة 13 سريراً.
جدير بالذكر أنّ ما نسبته 72% من أسرة العناية المركزة في مستشفيات وزارة الصحة مشغولة؛ ما يعني وجود 22 سريراً فعلياً جاهزة لاستقبال حالات الإصابة بفيروس كورونا في حال انتشاره.
ويبلغ عدد أجهزة التنفس الصناعي العاملة في وحدات العناية المركزة في قطاع غزة 93 جهازاً، منها 63 جهازاً في مستشفيات وزارة الصحة فقط، و9 أجهزة في المستشفيات التابعة للمؤسسات الأهلية، فيما يوجد 17 جهازاً في المستشفيات الخاصة، وأن أي زيادة في عدد هذه الأسرّة أو الأجهزة تخصص لمصابي كورونا ستكون على حساب المرضى العاديين ما لم يتدخل المجتمع الدولي بالدعم والإغاثة.
وكانت الجهات الحكومية اتخذت قراراً بالفصل بين المحافظات وتقييد حركة المواطنين؛ لمحاصرة الوباء ومنع خروجه عن السيطرة كإجراءات أثبتت نجاعتها في دول عدة حول العالم، ينطوي على مخاطر وتداعيات شديدة القسوة على السكان في ظل شيوع البطالة والفقر لتطال أكثر من نصف السكان، فيما بلغت نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن حوالي 62.2% التي تتزايد بشكل خطير جراء إجراءات مكافحة الفيروس، ولا سيما وقف عمل عمال المياومة والصيادين والسائقين وغيرهم من أصحاب المهن.
وحذرت المنظمات الأهلية من وقوع كارثة إنسانية حقيقية إذا استمرت دولة الاحتلال في فرض الحصار، وفرض قيود غير مسبوقة على حرية الحركة للأفراد والبضائع.
وتوجهت بنداء عاجل إلى المجتمع الدولي للوفاء بواجباته القانونية والأخلاقية بضرورة التحرك الفوري لما ترتكب دولة الاحتلال من جرائم، ولا سيما رفع الحصار الجائر على قطاع غزة الذي يعتبر عقاباً جماعياً يجرمه القانون الدولي، ودفعها لإدخال كافة الاحتياجات والبضائع والوقود المخصص لتشغيل محطة توليد الكهرباء من أجل مواجهة الفيروس.